تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 23 من سورة النساء
القول في تأويل قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23)
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: حُرّم عليكم نكاح أمهاتكم = فترك ذكر " النكاح "، اكتفاءً بدلالة الكلام عليه.
وكان ابن عباس يقول في ذلك ما:-
8944 - حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة، عن الثوري، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: حُرّم من النسب سبعٌ، ومن الصِّهر سبعٌ. ثم قرأ: " حُرّمت عليكم أمهاتكم " حتى بلغ: " وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف "، قال: والسابعة: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ .
8945 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: يحرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع. ثم قرأ: " حُرّمت عليكم أمهاتكم " إلى قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ .
8946 - حدثنا ابن بشار مرة أخرى قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس مثله. (38)
8947 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري بنحوه.
8948 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: حرم عليكم سبع نَسَبًا، وسبعٌ صهرًا." حُرّمت عليكم أمهاتكم " الآية. (39)
8949 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن علي بن صالح، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم " قال: حَرّم الله من النسب سبعًا ومن الصهر سبعًا. ثم قرأ: " وأمهات نسائكم وربائبكم "، الآية.
8950 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مطرِّف، عن عمرو بن سالم مولى الأنصار قال، حُرّم من النسب سبع، ومن الصهر سبع: " حُرِّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت " = ومن الصهر: " أمهاتكم اللاتي أرضَعْنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم ; وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جُناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف " = ثم قال: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ = وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ . (40)
* * *
قال أبو جعفر: فكل هؤلاء اللواتي سَمَّاهن الله تعالى وبيَّن تحريمَهن في هذه الآية، مُحَرَّمات، غيرُ جائز نكاحُهن لمن حَرَّم الله ذلك عليه من الرجال، بإجماع جميع الأمة، لا اختلاف بينهم في ذلك: إلا في أمهات نسائِنا اللواتي لم يدخُلْ بهن أزواجُهن، فإن في نكاحهن اختلافًا بين بعض المتقدِّمين من الصحابة: إذا بانت الابنة قبلَ الدخول بها من زوجها، هل هُنّ من المُبْهمات، أم هنّ من المشروط فيهن الدخول ببناتهنّ؟
فقال جميع أهل العلم متقدمهم ومتأخرهم: من المُبهمات، (41) وحرام على من تزوَّج امرأةً أمُّها، (42) دخل بامرأته التي نكحها أو لم يدخل بها. وقالوا: شرطُ الدخول في الرَّبيبة دون الأم، فأما أمُّ المرأة فمُطْلقة بالتحريم. قالوا: ولو جاز أن يكون شرطُ الدخول في قوله: " وربائبكم اللاتي في حُجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن "، يرجع موصولا به قوله: " وأمهات نسائكم "، (43) جاز أن يكون الاستثناء في قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ من جميع المحرّمات بقوله: " حرّمت عليكم "، الآية. قالوا: وفي إجماع الجميع على أنّ الاستثناء في ذلك إنما هو مما وَلِيَه من قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ ، أبينُ الدِّلالة على أن الشرط في قوله: " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن "، مما وَليه من قوله: " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نِسَائكم اللاتي دخلتم بهن "، دون أمَّهات نسائنا.
* * *
وروي عن بعض المتقدِّمين أنه كان يقول: حلالٌ نكاح أمَّهات نسائنا اللواتي لم ندخل بهن، وأنّ حكمهن في ذلك حكم الربائب.
*ذكر من قال ذلك:
8951 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي رضي الله عنه: في رجل تزوّج امرأة فطلّقها قبل أن يدخل بها، أيتزوَّج أمها؟ قال: هي بمنـزلة الربيبة.
8952 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد قال، حدثنا قتادة، عن خلاس، عن علي رضي الله عنه قال: هي بمنـزلة الربيبة. (44)
8953 - حدثنا حميد قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد قال، حدثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن زيد بن ثابت: أنه كان يقول: إذا ماتت عنده وأخذَ ميراثها، كُرِه أن يخلُف على أمِّها. وإذا طلَّقها قبل أن يدخُل بها، فإن شاءَ فعل.
8954 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن زيد بن ثابت قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخُل بها، فلا بأس أن يتزوج أمَّها.
8955 - حدثنا القاسم قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، أخبرني عكرمة بن خالد: أن مجاهدًا قال له: " وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم "، أريد بهما الدُّخُول جميعًا. (45)
* * *
قال أبو جعفر: والقول الأول أولى بالصواب، أعني قولَ من قال: " الأمّ من المبهمات ". لأن الله لم يشرط معهن الدخول ببناتهن، كما شرط ذلك مع أمهات الرَّبائب، مع أن ذلك أيضًا إجماعٌ من الحجة التي لا يجوز خِلافُها فيما جاءت به متفقة عليه. وقد روي بذلك أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرٌ، غيرَ أنَّ في إسناده نظرًا، وهو ما:-
8956 - حدثنا به المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا نكح الرجلُ المرأة، فلا يحل له أن يتزوج أمَّها، دخل بالابنة أم لم يدخل. وإذا تزوج الأمَّ فلم يدخل بها ثم طلقها، فإن شاء تزوَّج الابنة. (46)
* * *
قال أبو جعفر: وهذا خبر، وإن كان في إسناده ما فيه، فان في إجماع الحجة على صحة القول به، مستغنًى عن الاستشهاد على صِحَّته بغيره.
8957 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال لعطاء: الرجل ينكح المرأة لم يَرَها ولم يجامعها حتى يطلقها، (47) أيحل له أمها؟ قال: لا هي مُرسلة. قلت لعطاء: أكان ابن عباس يقرأ: " وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن "؟ قال: " لا "، تترى = (48) قال حجاج، قلت لابن جريج: ما " تترى " = (49) ؟ قال: كأنه قال: لا! لا! (50)
* * *
وأما " الربائب " فإنه جمع " ربيبة "، وهي ابنة امرأة الرجل. قيل لها " ربيبة " لتربيته إياها، وإنما هي" مربوبة " صرفت إلى " ربيبة "، كما يقال: " هي قتيلة " من " مقتولة ". (51) وقد يقال لزوج المرأة: " هو ربيب ابن امرأته "، يعني به: " هو رَابُّه "، كما يقال: " هو خابر، وخبير " و " شاهد، وشهيد ". (52)
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى قوله: " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ".
فقال بعضهم: معنى " الدخول " في هذا الموضع، الجماعُ.
*ذكر من قال ذلك:
8958 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن "، والدخول النكاح.
* * *
وقال آخرون: " الدخول " في هذا الموضع: هو التَّجريد.
*ذكر من قال ذلك:
8959 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قلت لعطاء: قوله: " اللاتي دخلتم بهن "، ما " الدّخول بهن "؟ قال: أن تُهْدَى إليه فيكشف ويَعْتسَّ، ويجلس بين رجليها. (53) قلت: أرأيت إن فعل ذلك في بيتِ أهلها؟ قال: هو سواءٌ، وَحسْبُه! قد حرَّم ذلك عليه ابنتَها. قلت: تحرم الربيبة مِمَّن يصنع هذا بأمها؟ ألا يحرُم عليَّ من أمَتي إن صنعته بأمها؟ (54) قال: نعم، سواء. قال عطاء: إذا كشف الرجل أَمته وجلس بين رجليها، أنهاه عن أمِّها وابنتها.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين عندي بالصواب في تأويل ذلك، ما قاله ابن عباس، من أنّ معنى: " الدخول " الجماع والنكاح. لأن ذلك لا يخلو معناه من أحد أمرين: إما أن يكون على الظاهر المتعارَف من معاني" الدخول " في الناس، وهو الوصول إليها بالخلوة بها = أو يكون بمعنى الجماع. وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأته لا يحرِّم عليه ابنتها إذا طلِّقها قبل مَسِيسها ومُباشرتها، أو قبل النَّظر إلى فرجها بالشهوة، ما يدلُّ على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع.
وإذْ كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الصحيح من التأويل في ذلك ما قلناه.
* * *
وأما قوله: " فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم "، فإنه يقول: فإن لم تكونوا، أيها الناس، دخلتم بأمهات ربائبكم اللاتي في حجوركم فجامعتموهن حتى طلقتموهن =" فلا جناح عليكم "، يقول: فلا حرج عليكم في نكاح من كان من ربائبكم كذلك. (55)
* * *
وأما قوله: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "، فإنه يعني: وأزواج أبنائكم الذين من أصلابكم.
* * *
وهي جمع " حليلة " وهي امرأته. وقيل: سميت امرأة الرجل " حليلته "، لأنها تحلُّ معه في فراش واحد.
* * *
ولا خلاف بين جميع أهل العلم أن حليلة ابن الرجل، حرامٌ عليه نكاحها بعقد ابنه عليها النكاح، دخل بها أو لم يدخل بها.
* * *
فإن قال قائل: فما أنت قائلٌ في حلائل الأبناء من الرضاع، فإن الله تعالى إنما حرم حلائل أبنائِنا من أصلابنا؟
قيل: إن حلائل الأبناء من الرضاع، وحلائل الأبناء من الأصلاب، سواء في التحريم. وإنما قال: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "، لأن معناه: وحلائل أبنائكم الذين ولدتموهم، دون حلائل أبنائكم الذين تبنيتموهم، كما:-
8960 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: قوله: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "، قال: كنا نُحدَّث، (56) والله أعلم، أنها نـزلت في محمد صلى الله عليه وسلم. حين نكح امرأة زَيْد بن حارثة، قال المشركون في ذلك، فنـزلت: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "، ونـزلت: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ [سورة الأحزاب: 4]، ونـزلت: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ [سورة الأحزاب: 40]
* * *
وأما قوله: " وأن تجمعوا بين الأختين " فإن معناه: وحرم عليكم أن تجمعوا بين الأختين عندكم بنكاح = ف " أن " في موضع رفع، كأنه قيل: والجمع بين الأختين. (57)
* * *
=" إلا ما قد سلف " لكن ما قد مضى منكم (58) =" إن الله كان غفورًا " (59) لذنوب عباده إذا تابوا إليه منها =" رحيما " بهم فيما كلَّفهم من الفرائض، وخفَّف عنهم فلم يحمِّلهم فوق طاقتهم.
يخبر بذلك جل ثناؤه: أنه غفور لمن كان جمع بين الأختين بنكاح في جاهليته، وقبلَ تحريمه ذلك، إذا اتقى الله تبارك وتعالى بعدَ تحريمه ذلك عليه، فأطاعه باجتنابه = رحيمٌ به وبغيره من أهل طاعته من خَلْقِه.
* * *
---------------
الهوامش :
(38) الآثار: 8944 - 8946 -"إسماعيل بن رجاء بن ربيعة الزبيدي" ، روى له مسلم والأربعة. ثقة ، كان يجمع صبيان المكاتب ويحدثهم لكي لا ينسى حديثه!
و"عمير مولى ابن عباس" هو: عمير بن عبد الله الهلالي ، مولى أم الفضل. ثقة.
وروى خبر ابن عباس ، الحاكم في المستدرك 2: 304 من طريق: محمد بن كثير ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء ، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. وأشار إليه الحافظ في الفتح 5: 133 ، ونسبه للطبراني. وابن كثير في التفسير 2: 390.
(39) الأثر: 8948 - رواه بهذا الإسناد البخاري في صحيحه (الفتح 5: 132) بغير هذا اللفظ ، ورواه بلفظه البيهقي في السنن الكبرى 7: 158 ، ولفظ البخاري: "حرم من النسب سبع ، ومن الصهر سبع" كالخبر السالف ، وانظر تفسير ابن كثير 2: 390.
(40) الأثر: 8950 -"عمرو بن سالم" ، هو : "أبو عثمان الأنصاري" قاضي مرو ، مختلف فيه وفي اسم أبيه اختلاف كثير. وقيل: "اسمه كنيته" ، وهو مشهور بكنيته ، ولكن الطبري جاء به غير مكنى باسمه واسم أبيه.
(41) "المبهمات" هن من المحرمات: ما لا يحل بوجه ولا سبب كتحريم الأم والأخت وما أشبهه. وقال القرطبي في تفسيره (5: 107): "وتحريم الأمهات عام في كل حال ، لا يتخصص بوجه من الوجوه ، ولهذا يسميه أهل العلم: (المبهم) ، أي لا باب فيه ولا طريق إليه ، لانسداد التحريم وقوته". وسأسوق لك ما قاله الأزهري في تفسيرها قال: "رأيت كثيرًا من أهل العلم يذهبون بهذا إلى إبهام الأمر واستبهامه ، وهو إشكاله = وهو غلط. قال: وكثير من ذوي المعرفة لا يميزون بين المبهم وغير المبهم من ألوان الخيل الذي لا شية فيه تخالف معظم لونه.
قال: ولما سئل ابن عباس عن قوله: "وأمهات نسائكم" ولم يبين الله الدخول بهن ، أجاب فقال: هذا من مبهم التحريم ، الذي لا وجه فيه غير التحريم ، سواء دخلتم بالنساء أو لم تدخلوا بهن. فأمهات نسائكم حرمن عليكم من جميع الجهات.
وأما قوله: "وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن" ، فالربائب ههنا لسن من المبهمات ، لأن لهن وجهين مبينين: أحللن في أحدهما ، وحرمن في الآخر. فإذا دخل بأمهات الربائب حرمت الربائب ، وإن لم يدخل بأمهات الربائب لم يحرمن"
فهذا تفسير"المبهم" الذي أراده ابن عباس فافهمه".
وعقب على هذا ابن الأثير فقال: "هذا التفسير من الأزهري ، إنما هو للربائب والأمهات ، لا الحلائل ، وهو في أول الحديث إنما جعل سؤال ابن عباس عن الحلائل لا عن الربائب" ، وهو تعقيب غير جيد.
ثم انظر"الإنصاف" للبطليوسي: 28 ، 29.
(42) يعني: والذي تزوج امرأة فحرام عليه أمها.
(43) في المخطوطة: "موضع موصولا به" ، ولا معنى لها ، وفي المطبوعة: "فوضع موصولا به" ولا معنى لها أيضًا ، واستظهرت صحتها"يرجع موصولا به" ، أي أن الشرط راجع إلى أمهات النساء والربائب جميعًا.
(44) الأثران: 8951 ، 8952 -"خلاس بن عمرو الهجري" ثقة ، تكلموا في سماعه من علي ، وأن حديثه عنه من صحيفة كانت عنده ، ونص البخاري على ذلك في التاريخ الكبير 2 / 1 / 208. فمن أجل ذلك قال القرطبي في هذا الأثر: "وحديث خلاس عن علي لا تقوم به حجة ، ولا تصح روايته عند أهل العلم بالحديث ، والصحيح عنه مثل قول الجماعة".
(45) الأثر: 8955 -"عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي" ، روى عن أبيه وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وغيرهم. وهو ثقة. وقال بعضهم: "منكر الحديث" وإنما خلط بينه وبين"عكرمة بن خالد بن سلمة بن العاص بن هشام المخزومي" ، وهما مختلفان.
وانظر ما قاله ابن كثير في هذا الباب من تفسيره 2: 392-394 ، وذكر هذه الآثار.
(46) الحديث: 8956 - المثنى بن الصباح الأبناوي المكي: مضت له ترجمة في: 4611. ونزيد هنا أنا نرى أن حديثه حسن ، لأنه اختلط أخيرًا ، كما فصلنا في شرح المسند ، في الحديث: 6893.
ومن أجل الكلام فيه ذهب الطبري إلى أن في إسناد هذا الحديث نظرًا.
وقد رواه البيهقي أيضًا في السنن الكبرى 7: 160 ، من طريق ابن المبارك ، عن المثنى بن الصباح. ثم قال البيهقي: "مثنى بن الصباح: غير قوي".
ولكن المثنى لم ينفرد بروايته. فقد رواه البيهقي أيضًا - عقب رواية المثنى - من طريق ابن لهيعة ، عن عمر بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه ، فهذه متابعة قوية للمثنى ، ترفع ما قد يظن من خطئه في روايته. والحديث نقله ابن كثير عن رواية الطبري هذه 2: 394 ، ضمن ما نقله من كلام الطبري في هذا الموضع.
وذكره السيوطي 2: 135 وزاد نسبته لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد. ونص على أن البيهقي رواه من طريقين وهما اللتان ذكرناهما.
(47) في المخطوطة والمطبوعة: "لم يرها ولا يجامعها حتى يطلقها" ، وأثبت ما في الدر المنثور 2: 135 ، فهو أجود ، وقد مضى في الأثر رقم: 8941 ، "ثم لا يراها حتى يطلقها" ، وانظر تخريج الأثر.
(48) في المطبوعة: "لا تبرأ" ، ثم في الذي يليه"ما تبرأ" ، وهو خطأ ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، وفيها: "تترى" غير منقوطة. وصواب قراءتها ما أثبت. وقوله: "تترى" ، أي: متتابعة ، واحدة بعد واحدة ، وقد جاء السؤال عن"تترى" أيضًا في حديث رواه ابن سعد 2 / 2 / 131 ، عن قباث بن أشيم الليثي ، وجاء تفسيرها فيه"متفرقين".
(49) في المطبوعة: "لا تبرأ" ، ثم في الذي يليه"ما تبرأ" ، وهو خطأ ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، وفيها: "تترى" غير منقوطة. وصواب قراءتها ما أثبت. وقوله: "تترى" ، أي: متتابعة ، واحدة بعد واحدة ، وقد جاء السؤال عن"تترى" أيضًا في حديث رواه ابن سعد 2 / 2 / 131 ، عن قباث بن أشيم الليثي ، وجاء تفسيرها فيه"متفرقين".
(50) الأثر: 8597 - مضى هذا الأثر مختصرًا بإسناده ، وبغير هذا اللفظ فيما سلف قريبًا رقم: 8941 ، وانظر التعليق عليه هناك.
(51) في المطبوعة والمخطوطة: "قبيلة من مقبولة" بالباء الموحدة ، وليس صوابا ، بل الصواب ما أثبت ، ولعل الناسخ كتب ما كتب ، لأنهم قالوا: "رجل قتيل ، وامرأة قتيل" ، فهذا هو المشهور ، ولكنه أغفل أنهم إذا تركوا ذكر المرأة قالوا: "هذه قتيلة بني فلان" وقالوا: "مررت بقتيلة" ، ولم يقولوا في هذا"مررت بقتيل".
(52) في المطبوعة: "جابر وجبير" بالجيم ، وفي المخطوطة ، أهمل نقط الأولى ، ونقط الثانية جيما ، وهو خطأ ، ليس في العربية شيء من ذلك ، بل الصواب ما أثبت و"الخابر والخبير": العالم بالخبر.
(53) في المطبوعة: "يعس" ، وفي المخطوطة"يعيس" ، وصواب قراءتها ما أثبت. يقال: "اعتس الشيء" ، لمسه ورازه ليعرف خبره. وهو من الألفاظ التي لم تبين معناها كتب اللغة ، ولكن معناها مفرق في أثناء كلامها.
(54) في المطبوعة والمخطوطة: "ألا ما يحرم علي من أمتي" ، وهو غير مستقيم ، وكأن الصواب المحض ما أثبته.
(55) انظر تفسير"الجناح" فيما سلف 3: 230 ، 231 / 4: 162 ، 566 / 5: 70 ، 117 ، 138.
(56) في المخطوطة والمطبوعة: "كنا نتحدث" ، وهو خطأ ، والصواب ما أثبت ، لأن عطاء يروي ما سمعه من أهل العلم من شيوخه. وانظر ابن كثير 2: 396.
(57) انظر معاني القرآن للفراء 1: 260.
(58) انظر تفسير"إلا" ، وتفسير"سلف" فيما سلف قريبًا: 137 ، 138 ، تعليق: 50.
(59) في المخطوطة والمطبوعة: "فإن الله" ، فأثبتها على منهجه في التفسير ، بذكر نص الآية.