تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 16 من سورة المعارج
نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) وقرأ الجمهور { نزّاعةٌ } بالرفع فهو خبر ثان عن ( إنَّ ) إن جعل الضمير ضميراً عائداً إلى النار المشاهدة ، أو هو خبر عن { لظى } إن جعل الضمير ضمير القصة وجُعل { لظى } مبتدأ .
وقرأه حفص بالنصب على الحال فيتعين على قراءة حفص أن الضمير ليس ضمير قصة . والتعريض هو هو ، وحرف ( إنّ ) إما للتوكيد متوجهاً إلى المعنى التعريضي كما تقدم ، وإما لمجرد الاهتمام بالجملة التي بعده لأن الجمل المفتتحة بضمير الشأن من الأَخبار المهتم بها .
و { لَظى } : علَم منقول من اسم اللهب ، جعل علَماً ل «جهنم» ، وألفه ألف تأنيث ، وأصله : لظى بوزن فتًى منوناً اسم جنس للهب النار .
فنقل اسم الجنس إلى جعله عَلَماً على واحد من جنسه ، فقرن بألف تأنيث تنبيهاً بذلك التغيير على نقله إلى العلمية .
والعرب قد يدخلون تغييراً على الاسم غير العلم إذا نقلوه إلى العلمية كما سموا شُمْس بضم الشين منقولاً من شَمْس بفتح الشين . كما قال ابن جني في شرح قول تأبط شراً :
إني لمهد من ثنائي فقاصدٌ ... به لابننِ عمِّ الصِدِق شُمْسسِ بننِ مالك
وليس من العلَم بالغلبة إذ ليس معرفاً ولا مضافاً ، ولاجتماع العلمية والتأنيث فيه كان ممنوعاً من الصرف فلا تقول : لظًى بالتنوين إلاّ إذا أردت جنس اللهب ، ولا تقول : اللَّظَى إلاّ إذا أردت لهباً معيناً ، فأما إذا أردت اسم جهنم فتقول لظى بألف التأنيث دون تنوين ودون تعريف .
والنّزاعة : مبالغة في النزع وهو الفصل والقطع .
والشوى : اسم جمع شواة بفتح الشين وتخفيف الواو ، وهي العضو غيرُ الرأس مثل اليد والرجل فالجمع باعتبار ما لكل أحد من شوى ، وقيل الشواة : جلْدة الرأس فالجمع باعتبار كثرة الناس .