تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 28 من سورة المطففين
عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)
و { المقرَّبون } : هم الأبرار ، أي فالشاربون من هذا الماء مقربون .
وباء { يشرب بها } إما سببية ، وعُدي فعل { يشرب } إلى ضمير العين بتضمين { يشرب } معنى : يمزج ، لقوله : { ومزاجه من تسنيم } أي يمزجون الرحيق بالتسنيم . وإمَّا باء الملابسة وفعل { يشرب } معدّى إلى مفعول محذوف وهو الرحيق ، أي يشربون الرحيق ملابسين للعين ، أي محيطين بها وجالسين حولها . أو الباء بمعنى ( مِن ) التبعيضية وقد عده الأصمعي والفارسي وابن قتيبة وابن مالك في معاني الباء ، وينسب إلى الكوفيين . واستشهدوا له بهذه الآية وليس ذلك ببيّن فإنّ الاستعمال العربي يكثر فيه تعدية فعل الشرب بالباء دون ( مِن ) ، ولعلهم أرادوا به معنى الملابسة ، أو كانت الباء زائدة كقول أبي ذؤيب يصف السحاب
: ... شَرْبنَ بماء البحر ثم ترفَّعت
متَى لُجَج خُضر لَهُن نَئيجُ ...