تفسير ابن عاشور

تفسير الآية رقم 16 من سورة الانشقاق

فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) الفاء لتفريع القسم وجوابه ، على التفصيل الذي في قوله : { فأما من أوتى كتابه بيمينه } [ الانشقاق : 7 ] إلى هنا : فإنه اقتضى أن ثمة حساباً وجزاء بخير وشر فكان هذا التفريع فذلكة وحوصلة لما فصل من الأحوال وكان أيضاً جمعاً إجمالياً لما يعترض في ذلك من الأهوال .
وتقدم أن : «لا أقسم» يراد منه أُقسم ، وتقدم وجه القسم بهذه الأحوال والمخلوقات عند قوله : { فلا أقسم بالخنس } في سورة التكوير ( 15 ) .
ومناسبة الأمور المقسم بها هنا للمقسَم عليه لأنّ الشفق والليل والقمر تخالط أحوالاً بين الظلمة وظهور النور معها ، أو في خلالها ، وذلك مناسب لما في قوله : { لتركبن طبقاً عن طبق } من تفاوت الأحوال التي يختبط فيها الناس يومَ القيامة أو في حياتهم الدنيا ، أو من ظهور أحوال خير من خلال أحوال شَرّ أو انتظار تغير الأحوال إلى ما يرضيهم إن كان الخطاب للمسلمين خاصة كما سيأتي .
ولعل ذِكر الشفق إيماء إلى أنه يشبه حالة انتهاء الدنيا لأن غروب الشمس مِثْل حالة الموت ، وأن ذكر الليل إيماء إلى شدة الهول يوم الحساب وذكر القمر إيماء إلى حصول الرحمة للمؤمنين .
والشفق : اسم للحمرة التي تظهر في أفق مغرب الشمس أثر غروبها وهو ضياء من شعاع الشمس إذا حجبها عن عيون الناس بعضُ جرم الأرض ، واختلف في تسمية البياض الذي يكون عقب الاحمرار شفقاً .