الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 48 من سورة إبراهيم
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك بعض العلامات التي تدل على قرب قيام الساعة فقال- تعالى-: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ.
والظرف «يوم» متعلق بمحذوف تقديره اذكر.
وقوله «تبدل» من التبديل بمعنى التغيير، وهذا التغيير والتبديل لهما قد يكون في ذواتهما كما في قوله- تعالى- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ...
وقد يكون في صفاتهما كقولك «بدلت الحلقة خاتما» وقد يكون فيهما معا وقد ذكر الإمام ابن كثير جملة من الأحاديث عند تفسيره لهذه الآية الكريمة فقال: «وقال الإمام أحمد، حدثنا محمد بن عدى، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة أنها قالت: أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ ... قالت: قلت:
أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: على الصراط.
وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: «لقد سألتنى عن شيء ما سألنى عنه أحد من أمتى، ذاك أن الناس- يومئذ يكونون- على جسر جهنم».
والمعنى: اذكر- أيها العاقل- لتتعظ وتعتبر يوم يتغير هذا العالم المعهود بعالم آخر جديد، يأتى به الله- تعالى- على حسب إرادته ومشيئته ويوم يخرج الخلائق جميعا من قبورهم ليستوفوا جزاءهم، وليجازوا على أعمالهم. من الله- تعالى- الواحد الأحد، الذي قهر كل شيء وغلبه، ودانت له الرقاب، وخضعت له الألباب.
وختمت الآية الكريمة بهذين الوصفين لله- تعالى- للرد على المشركين الذين جعلوا مع الله آلهة أخرى يشركونها معه في العبادة، ويتوهمون أن هذه الآلهة سوف تدافع عنهم يوم القيامة.