الوسيط للطنطاوي

تفسير الآية رقم 7 من سورة الأعلى

وقوله: إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ استثناء مفرغ من أعم المفاعيل، أى: لا تنسى مما تقرؤه شيئا من الأشياء، إلا ما شاء الله أن تنساه، وهو لم يشأ- سبحانه- أن ينسى النبي صلى الله عليه وسلم شيئا كقوله- تعالى- خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ. وقيل: «لا» في قوله فَلا تَنْسى للنهى، والألف مزيدة لرعاية الفاصلة، كما في قوله- تعالى-: فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا، يعنى: فلا تغفل عن قراءته.
وقال الإمام الرازي: وهاتان الآيتان تدلان على المعجزة من وجهين:
أحدهما: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أميا، فحفظه لهذا الكتاب المطول عن غير دراسة، ولا تكرار، ولا كتبة، خارق للعادة فيكون معجزا. وثانيهما: أن هذه السورة من أوائل ما نزل بمكة. فهذا إخبار عن أمر عجيب غريب مخالف للعادة. سيقع في المستقبل، وقد وقع، فكان هذا إخبارا عن الغيب، فيكون معجزا...