سـورة
الحجرات
تتضمن حقائق التربية وأسس الأدب الرفيع
والمجتمع الفاضل الذي تأدب به المؤمنون
ورسخت قواعد الإيمان في الصدور.
1- ابتدأت السورة بالأدب الرفيع الذي أدب الله به
المؤمنين تجاه شريعة الله و أوامر رسوله وهو : ألا يبرموا أمراً و لا يبدوا رأياً
أو يقضوا حكماً في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يستشيروه ويستمسكوا
بإرشاداته الحكيمة ، ثم انتقلت إلى أدب آخر وهو: خفض الصوت إذا تحدثوا مع الرسول
صلى الله عليه وسلم تعظيماً لقدره الشريف واحتراماً له فهو ليس كعامة الناس ومن
واجبهم التأدب معه في الخطاب مع التوقير و الإجلال، من قوله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {1} ) إلى قوله
تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا
حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
{5})
2- قررت السورة دعائم المجتمع الفاضل ، فأمرت
المسلمين بعدم السماع للإشاعات والتثبت من الأخبار وخصوصا إن جاء نبأ من فاسق ، و دعت
السورة إلى الإصلاح بين المتخاصمين ودفع عدوان الباغين ، قال تعالى: ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ...
{6} ) إلى قوله تعالى : (إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {10})
3- حذّرت السورة من
السخرية والهمز واللّمز ونفّرت من الغيبة والتجسّس والظّن السيئ بالمؤمنين ، ودعت
إلى مكارم الأخلاق ، وجاء التعبير عن الغيـبة رائعا بتصوير رجل يأكل لحم أخيه
الميت ، وياله من تنفير عجيب !! ، من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ... {11}) إلى
قوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِيرٌ {13})
4- ختمت السورة بالحديث عن الأعراب الذين ظنوا
الإيمان كلمة تقال باللسان وجاءوا يمنون على الرسول إيمانهم ، والمؤمن الكامل هو
من جمع الإيمان و الإخلاص والجهاد والعمل الصالح ، من قوله تعالى : (قَالَتِ
الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا
يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ... {14}) إلى قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ
يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
{18}) .