من أعظم الشُّبَه التي يُلقيها أهل الإلحاد على المؤمنين مسألة الابتلاء بالضراء؛ فيقولون: لماذا خلق الله الشر في الدنيا؟ وما علموا أن الدنيا دار بلاء وليست دار جزاء، وغفلوا عن أن الجزاء يكون في دار المقامة.
من سُنَن الله المقرَّرة في منهجه الحكيم: أنه يَبتلي عباده المؤمنين بالضراء كما يبتليهم بالسراء، ويمتحنهم بالمِحَن كما يمتحنهم بالمِنَح، ويبلوهم بالشر كما يبلوهم بالخير، ومن أعظم الشُّبَه التي يُلقيها أهل الإلحاد على المؤمنين مسألة الابتلاء بالضراء؛ فيقولون: لماذا خلق الله الشر في الدنيا؟ وما علموا أن الدنيا دار بلاء وليست دار جزاء، وغفلوا عن أن الجزاء يكون في دار المقامة.
بل قد يقولون: إذا كان الله يحب عباده المؤمنين؛ فلماذا يبتليهم بسائر المِحَن والمصائب؟ فلا يُفرّقون بين الابتلاء لعباده والعقوبة لأعدائه، والمسلم يُدْرك الفرق بينهما.
وعندما تتضح للمؤمن الأسرار الربانية والحِكَم الإلهية في البلاء يسهل عليه وَقْع ذلك البلاء فيتلقاه بصَدْر رحب مطمئنًا لحكمة ربه فيه، مستسلمًا لأمره، راضيًا بقَدَره، وفي هذا المقال نكشف عددًا من الحِكَم الربانية وراء ابتلاء المؤمنين بالضراء؟.
أولًا: سماع الله لتضرُّع عباده وقت البلاء:
فالله يحب من عباده أن يدعوه، لا سيما وقت البلاء؛ فيتضرعون إليه وينيبون إليه؛ ليكشف عنهم الضُّرّ، يقول الله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ 42 فَلَوْلا إذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 42، 43]، يقول الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: {فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ} يَعْنِي الْفَقْرَ وَالضِّيقَ فِي الْعَيْشِ، {وَالضَّرَّاءِ} وَهِيَ الْأَمْرَاضُ وَالْأَسْقَامُ وَالْآلَامُ، {لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}؛ أَيْ يَدْعُونَ اللَّهَ، وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ وَيَخْشَعُونَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَوْلا إذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا}؛ أَيْ فَهَلَّا إِذِ ابْتَلَيْنَاهُمْ بِذَلِكَ، تَضَرَّعُوا إِلَيْنَا وتمسكنوا لدينا، {وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ}؛ أَيْ مَا رَقَّتْ وَلَا خَشَعَتْ، {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}؛ أي من الشرك والمعاندة وَالْمَعَاصِي»[1]، ويقول تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [الأعراف: 94] ؛ يَقُولُ الطبري: «فَعَلْنَا ذَلِكَ لِيَتَضَرَّعُوا إِلَى رَبِّهِمْ، وَيَسْتَكِينُوا إِلَيْهِ، وَيُنِيبُوا بِالْإِقْلَاعِ عَنْ كُفْرِهِمْ، وَالتَّوْبَةِ مِنْ تَكْذِيبِ أَنْبِيَائِهِمْ»[2]؛ فما أجمل أن يواجه العبد الضراء بالتضرع إلى الله ليرفع عنه البلاء، ولا يلقاه بالتسخط والجزع.
ثانيًا: تعجيل العقوبة للعبد في الدنيا قبل الآخرة:
ولا شك أن عقوبة الآخرة أشد وأعظم، فتعجيل العقوبة في الدنيا خيرٌ للمؤمن؛ ليَرِد على ربه مطهرًا من ذنبه الذي عُوقب به في الدنيا، فعن أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ»[3]؛ فمن رحمة الله بعبده أن يُعجّل العقوبة لعبده المؤمن في الدنيا قبل الآخرة، فعذاب الدنيا مهما رآه العبد كبيرًا فهو بالمقارنة للآخرة صغير، ومن رأى شدائد الآخرة وأهوالها والعقوبة فيها عَلم أن الله كان رحيمًا به عندما عجَّل له العقوبة في الدنيا.
ثالثًا: تكفير السيئات:
فالمسلم الذي يسعى لرضا ربه، ينزعج من السيئات التي ارتكبها، لذلك يسعى لتكفيرها، والبلاء من أعظم ما يكفّر السيئات، فعن أبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ»[4].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا يَزَالُ البَلَاءُ بِالمُؤْمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ»[5]؛ فكم من خطيئة قد لا تتفطن لها، فيكفّرها الله عنك بسبب صبرك الجميل على الضراء.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا؟! قَالَ: «أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ»؛ قُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَالَ: «أَجَلْ، ذَلِكَ كَذَلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا»[6]؛ فتكفير الخطايا لا يقف عند المصائب الكبيرة، بل من رحمة الله جعل تكفير الخطايا بسبب البلاء كبر أم صغر.
رابعًا: رفعة الدرجات والجزاء الجزيل:
فقد يكون للمسلم منزلة عند الله فلا يستطيع أن يصل لها بعمله، فمن حكمة الله أن يبتليه بهذا البلاء، ثم يرزقه الصبر عليها، فينال تلك المنزلة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ»[7].
والمؤمن ترتفع درجته عند الله بالصبر على الابتلاء ولا يُمَكَّن إلا بهذا الابتلاء ثم الصبر على ذلك الابتلاء؛ لذلك قيل للشافعي -رحمه الله-: يا أبا عبد الله! أيهما أفضل للرجل أن يُمَكَّن أو يُبتَلى؟ (أي بالضراء)، فقال الشافعي: لا يُمَكَّن حتى يُبْتَلى، فإنّ الله تعالى ابتلى نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدًا -صلوات الله عليهم أجمعين-؛ فلمَّا صبروا (على الابتلاء) مَكَّنَهم[8].
ولقد ساق الله لعباده المؤمنين الصابرين على البلاء أعظم المُبشِّرات؛ فقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْـخَوْفِ وَالْـجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ 155 الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ 156 أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْـمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 – 157].
بل إن هناك بلاء كان عقوبة يُنزلها بالأمم السابقة، جعله الله لأُمّتنا أجرًا عظيمًا لمن يصبر عليه؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- أَنَّهَا سَأَلَتْ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ»[9].
خامسًا: لا تحسبوه شرًّا لكم بل هو خير لكم
وهذا ما أشار القرآن إليه في حديثه عن واقعة الإفك، في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11]؛ يقول الإمام الطبري -رحمه الله-: «لَا تَظُنُّوا مَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْإِفْكِ شَرًّا لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ النَّاسِ، بَلْ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَهُ وَعِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِلْمَرْمِيِّ بِهِ، وَيُظْهِرُ بَرَاءَتَهُ مِمَّا رُمِيَ بِهِ، وَيَجْعَلُ لَهُ مِنْهُ مَخْرَجًا»[10].
وهذا الخير نراه في قوله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، ونراه في قوله تعالى: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [سورة النساء: 19]، ونراه في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ»[11].
والخير الأخروي المؤجَّل نلمحه في النقاط السابقة من المقال؛ أما الخير المعجَّل فنراه في الخبرات والتجارب وقوة القلب التي يكسبها المبتلى من المِحَن؛ فمادة قوة القلب إنما تكون من المِحَن وليست من المِنَح، فكم من غنيّ لم يعرف قيمة النعمة التي بيده ولم يُحْسن التدبير إلا بعد الابتلاء بالحاجة والفقر! وكم من مُنَعَّم لم يعرف للنعمة التي كان فيها قدرها إلا بالابتلاء بسلبها منه! وكم من مُعْرِض عن الله لما ابتلاه ربّه بالضراء تاب وأناب إلى الله.
فضائل الابتلاء بالضراء والحكمة منها عديدة: منها سماع الله لتضرع عباده المبتلين، وتعجيل العقوبة وتكفير السيئات ورفعة الدرجات والخبرات التي ينالها المبتلى، وقوة القلب بمواجهة الشدائد.
ومع ما في الابتلاء بالضراء من الفوائد، ومع ما في المِحَن من مِنَح -مما يجعل المؤمن يطمئن لحكمة الله ويصبر ولا يجزع-؛ إلا أن تلك الفضائل لا تجعله يتمنَّى البلاء أو يدعو بالشر، بل يدعو بالخير ويسأل الله العافية. رزقنا الله وإياكم العافية وسَعتها ودوامها وشُكر الله عليها، والصبر على البلاء.
[1] تفسير ابن كثير، ( ج3، ص229) ط العلمية، نسخة برنامج المكتبة الشاملة.
[2] تفسير الطبري ج ١٠، ص ٣٢٨، ط. دار هجر، نسخة برنامج المكتبة الشاملة.
[3] سنن الترمذي، باب مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى البَلَاءِ، ح 2396،ج4، ص601، وصححه الألباني.
[4] صحيح البخاري، ج7، ص ١١٤، ح ٥٦٤١، كتاب المرضى، باب ما جاء في كفارة المرض، ط دار طوق النجاة، ط١، عام ١٤٢٢ه.
[5] سنن الترمذي بتحقيق أحمد شاكر، ج٤، ص٦٠٢، ح ٢٣٩٩، باب ما جاء في الصبر على البلاء، وقال الترمذي عقبه: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» نسخة برنامج المكتبة الشاملة.
[6] صحيح البخاري، ج٧، ص١١٥، ح٥٦٤٨، كتاب الطب، باب أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، الطبعة السابقة نفسها.
[7] سنن الترمذي ج٤، ص٦٠٤، وقال عنه الترمذي: حسن غريب، سنن الترمذي بتحقيق أحمد شاكر، نسخة برنامج المكتبة الشاملة.
[8] نضرة النعيم (ج١/ص١٦) لعدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي الناشر: دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة الطبعة: الرابعة.
[9] مسند الإمام أحمد، ج40 ص417، ح 24357، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط البخاري، ط ١، عام 1421هـ، مؤسسة الرسالة بتحقيق شعيب الأرناؤوط وعادل مرشد وآخرين.
[10] تفسير الطبري ج 17، ص 189، ط. دار هجر، نسخة برنامج المكتبة الشاملة.
[11] صحيح مسلم، ج4، ص 2295، ح ٢٩٩٩، بترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، نسخة برنامج المكتبة الشاملة.
____________________________________________________
الكاتب: أحمد نصيب علي حسين
Source link