منذ حوالي ساعة
تُعَد هذه الغزوة متممة لغزوة أُحد، وقد ذكرت في القُرْآن مباشرة عَقِيب ذكر غزوة أُحد
تُعَد هذه الغزوة متممة لغزوة أُحد، وقد ذكرت في القُرْآن مباشرة عَقِيب ذكر غزوة أُحد؛ وذلك أن أبا سفيان بعد أن انسحب بجيشه وقال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، وتوعد المسلمين بحرب في العام القادم، مضى باتجاه مكة، لكن كان في الجيش من لم يعجبه هذا الانسحاب، فتشاوروا في العودة إلى المدينة وغزوها، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم بما عزمت عليه قريش
فورد أن أبا سفيان قابل في الطريق ركبًا من عبدالقيس فقال لهم: بلغوا محمدًا أنا قد أجمعنا الرجعة على أصحابه لنستأصلهم، فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]، فندب المقاتلين الذين كانوا معه في أُحد بالتحرك إلى حمراء الأسد مكان تجمع قريش، ولم يستثنِ الجرحى من الخروج، ولبى الجميع نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقوا نحو حمراء الأسد، وقد امتدح الله هؤلاء المؤمنين فقال: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 172 – 175]،
وهناك رواية جيدة: أن النبي خرج إلى حمراء الأسد، وهي على بُعد سبعة أميال من المدينة، فلقيه معبد الخزاعي وهو يومذاك مشرك – وخزاعة مسلمها وكافرها هواهم مع النبي صلى الله عليه وسلم – فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد عز علينا ما أصابك، ثم خرج فلقي أبا سفيان ومن معه بالروحاء قد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستأصلوا المسلمين، فلما رأى أبو سفيان معبدًا قال: ما وراءك؟ قال: محمدٌ قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمعٍ لم أرَ مثله، قد جمع من تخلف عنه وندموا على ما صنعوا وما ترحل حتى ترى نواصي الخيل، قال أبو سفيان: فوالله قد أجمعنا الرجعة لنستأصلهم، قال: إني أنهاك عن هذا، فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه وعاد، وهكذا غيَّر أبو سفيان رأيه وخشي الهزيمة ومضى في طريقه إلى مكة، وعاد المسلمون إلى المدينة وقد حازوا ثواب هذه الغزوة دون أن يلقوا قتالًا أو يمسهم سوء.
وورد أن صفوان بن أمية قال: يا قوم، لا تفعلوا؛ فإن القوم قد حزنوا، وأخشى أن يجمعوا عليكم من تخلف من الخزرج، فارجعوا والدولة لكم، فإني لا آمن أن تكون الدولة عليكم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرشدهم صفوانُ وما كان برشيد، والذي نفسي بيده، لقد سوِّمت لهم الحجارة، ولو رجعوا لكانوا كأمسِ الذاهب»، فانصرف القوم سراعًا.
♦ ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم ظفر بأبي عزة، وكان – كما مر – عفا عنه بعد أسره ببدر على ألا يظاهر على المسلمين، ولما قدم ليقتل قال: يا محمد، امنن علي، فقال له: «المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين»، وقُدِّم فضربت عنقه.
♦ وتخلف معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، وهو الذي جدع أنف حمزة في أُحد، تخلف ليتجسس على المسلمين، ولما رأى أن أمره اكتشف لجأ إلى قريبه عثمان وقال له: أجرني، فأجاره عثمان وخرج ليبلغ النبي صلى الله عليه وسلم عنه، لكنه فوجئ أن النبي أمر أصحابه أن يخرجوه من دار عثمان، فأتوا به، فتشفع به عثمان وقال: أمهِلوه ثلاثة أيام فإذا انقضت فدونكم به، فخرج ولحق بقريش، لكنه ضل الطريق، ولما خرج المسلمون إلى حمراء الأسد وجدوه في اليوم الرابع، فأتوا به فضربت عنقه.
__________________________________________________________
الكاتب: د. محمد منير الجنباز
Source link