ختام رمضان وكيف نودعه؟ – طريق الإسلام

معاشر المؤمنين، سعادةٌ غامرة تملأ قلوبنا أن ختمنا شهر رمضان بفضل الله تعالى وكرمه، فطوبى لمن غُفِرت زلته، وقُبِلت توبتُه، ويا سعادة من أُقيلت عَثرته وأُعتقت رقبته، ويا هناءة من شُكر سعيُه ورُفعت درجته.

معاشر المؤمنين، سعادةٌ غامرة تملأ قلوبنا أن ختمنا شهر رمضان بفضل الله تعالى وكرمه، فطوبى لمن غُفِرت زلته، وقُبِلت توبتُه، ويا سعادة من أُقيلت عَثرته وأُعتقت رقبته، ويا هناءة من شُكر سعيُه ورُفعت درجته.

 

إذا كنا قد ودَّعنا رمضان عباد الله، فإن المؤمن لن يودِّع الطاعة والعبادة، ولن يهجر التقوى والاستقامة، بل سيوثِّق العهد مع ربه، ويقوِّي الصلة بخالقه، ليبقى نبعُ الخير متدفقًا، وسبيلُ الاستقامة مُتبَعًا؛ قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163].

 

إن استدامةَ أمرِ الطاعة وامتدادَ زمانِها، زادُ الصالحين وأمل المحسنين، وسبيل المتقين، فليس للطاعة زمنٌ محدود، ولا للعبادة أجلٌ معدود، بل هي حق لله تعالى على العباد، يعمِّرون بها الأكوانَ على مرِّ الأزمان، وشهر رمضان ميدانٌ تدريبٍ وتعويدٍ للعباد لاكتساب الفضائل، وترك الرذائل، لتسير النفوس على نهج الهُدى والرشاد بعده، وليس للعبد منتهى من العبادة دون الموت؛ كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99].

 

وإن كان لشهر رمضان فضله وأجواؤه وميزاته، ولكن مواسمنا الإيمانية وعبادتنا عباد الله تُقصد لما بعدها، وتُرجى لجميل آثارها.

 

معاشر المؤمنين، إن للقبول والربحِ في هذا الشهر علاماتٍ، وإن من علامة قبول الحسنة فعل الحسنة بعدها، ومن علامة السيئةِ السيئة بعدها، فأَتبعوا الحسنات بالحسنات تكن علامةً على قبولها، وأتبعوا السيئاتِ بالحسنات تكن كفارةً لها ووقايةً من خطرها، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِي} [هود: 114]، واتِّبعوا وصية نبيكم صلى الله عليه وسلم بقوله: «اتَّقِ الله حيثما كنت، وأتبِع السيئة الحسنةَ تَمحُها، وخالق الناسَ بخلق حسن»؛ (رواه الترمذي).

 

وحقِّقوا أثابكم الله مقصود العبادة وثمارها، وتَمِّموا آثار الصيام وغايته؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].

 

معاشر المؤمنين، لقد تعلَّمنا في مدرسة رمضان أنفعَ الدروس وأبلغ المواعظ، تعلَّمنا كيف نقاوم نزغات الشيطان، وأهواء النفس الأمارة بالسوء، تعلَّمنا كيف ننبِذ القطيعةَ والخصام، ونرسِّخ الحبَّ والوئام، كيف نحفظُ ألسنتا ونغضُّ أبصارنا ونقوِّمُ سلوكنا، لقد أُنيرت المساجدُ بالقربات والطاعات، وعُمِّرت بمجالس الذكر والتلاوات، لقد لَهجت الألسنُ والقلوبُ بالذكر والتلاوة والدعاء، فليَدُم هذا الجلال والجمال والرجاء.

 

لقد غرَس رمضان في نفوسنا خيرًا عظيمًا، صقل القلوب وأيقظ الضمائر، وطهَّر النفوس، وأكسَب الفضائل؛ فاجعل يا عبد الله من نسمات رمضان المشرقة مفتاح خيرٍ سائر العام، ومنهج حياة لكل الشهور والأيام، واحفَظ ذخيرة الفضائل وجميل السجيات، وتجمَّل بحسن الأخلاق وطيب العادات، كن نبعًا متدفقًا بالخير كما كنت في رمضان.

 

فقد كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم في العبادة والاستقامة، هو المداومة على الأمر ولو كان قليلًا؛ فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ، وفي الحديث: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيْءٌ مِنْ الدُّلْجَةِ وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا».

 

واعلموا أثابكم الله أن الثبات في الدنيا على الصالحات بشارةٌ للثبات عند الممات، {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27]، رزَقنا الله الاستقامة على صراطه المستقيم والثبات على دينه القويم، هذا وصلُّوا وسلِّموا.

 


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطر الإلحاد (2) – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *