منذ حوالي ساعة
إن الطريق واضح، والصراط مستقيم.. فإما العلم الذي جاء من عند الله، وإما الهوى في كل ما عداه. وليس للمسلم أن يتلقى إلا من كتاب الله وسنَّة رسول الله.
لقد طالعتنا العديد من وكالات الأنباء العالمية يوم الثلاثاء، 5 سبتمبر 2023م بقصة اليهودي، (جورج حمداني)، يهودي فارسي من مدينة حمدان الذي عمل إمامًا للمسجد الكبير في العاصمة أنجامينا بدولة تشاد، لعديد من السنين.
ونحن نذكر هذا الخبر بتاريخه ليقتنع من يشكك فيما ورد بالقران الكريم من قصص اليهود ودسائسهم وعداوتهم لله والإسلام على مر التاريخ وما دسوه في تراثنا الإسلامي، وما نحن عليه من تفرق المسلمين شيعًا وأحزابًا ومذاهب، وكل فرقةٍ ترفع لنفسها رايةً واسمًا غير كلمة الإسلام تلفيقًا وتزويرًا، وليًّا بألسنتهم، وتتخذ رؤوسًا لها يقودونها ويفتون لها، وهم يلتزمون بفتاويهم ويروِّجون لهم في كل وسائل النشر، وهم لا يشعرون بمن يدسون إليهم هذه الفرقة بين المسلمين، ويحرفون في تاريخ وعمل المسلمين من قبل، على أيدي أفراد من المسلمين الذي يتم تجنيدهم، ويركزون على التفريق بين المسلمين بهذه الدسائس، ومن ثم الحروب بين المسلمين في كل بقاع أرض المسلمين التي لا تنتهي في مكان إلا واشتعلت في أكثر من مكان آخر.
{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82].
ونحن – في بلاهة منقطعة النظير – نروح نستفتي المستشرقين من اليهود والنصارى والشيوعيين في أمر ديننا، ونتلقى عنهم تاريخنا، ونأمنهم على القول في تراثنا، ونسمع لما يدسونه من شكوك في دراساتهم لقرآننا وحديث نبينا، وسيرة أوائلنا؛ ونرسل إليهم بعثات من طلابنا يتلقون عنهم علوم الإسلام، ويتخرجون في جامعاتهم، ثم يعودون إلينا مدخولي العقل والضمير.
فإلى كل مسلمٍ في أنحاء الأرض جميعًا، إن الله جعل لنا قبلة واحدة تجمع هذه الأمة وتوحد بينها على اختلاف مواطنها، واختلاف مواقعها من هذه القبلة، واختلاف أجناسها وألسنتها وألوانها.. قبلة واحدة، تتجه إليها الأمة الواحدة في مشارق الأرض ومغاربها.. فتحس أنها جسم واحد، وكيان واحد، تتجه إلى هدف واحد، وتسعى لتحقيق منهج واحد، منهج ينبثق من كونها تعبد إلها واحدًا، وتؤمن برسول واحدٍ، وتتجه إلى قبلة واحدة.
وهكذا وحَّد الله هذه الأمة، وحدها في إلهها ورسولها ودينها وقبلتها، وحدها على اختلاف المواطن والأجناس والألوان واللغات، ولم يجعل وحدتها تقوم على قاعدة من هذه القواعد كلها؛ ولكن تقوم على عقيدتها وقبلتها؛ ولو تفرقت في مواطنها وأجناسها وألوانها ولغاتها.. إنها الوحدة التي تليق ببني الإنسان؛ فالإنسان يجتمع على عقيدة القلب، وقبلة العبادة.
أيها المسلم دقق في قول ربك – سبحانه -: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145].
ونقف لحظة أمام هذا الجد الصارم، في هذا الخطاب الإلهي من الله سبحانه إلى نبيه الكريم الذي حدَّثه ربه منذ لحظة ذلك الحديث الرفيق الودود..
إن الأمر هنا يتعلق بالاستقامة على هدي الله وتوجيهه؛ ويتعلق بقاعدة التميز والتجرد إلا من طاعة الله ونهجه، ومن ثم يجيء الخطاب فيه بهذا الحزم والجزم، وبهذه المواجهة والتحذير: {إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ}.
إن الطريق واضح، والصراط مستقيم.. فإما العلم الذي جاء من عند الله، وإما الهوى في كل ما عداه. وليس للمسلم أن يتلقى إلا من كتاب الله وسنَّة رسول الله. وليس له أن يدع العلم المستيقن إلى الهوى المتقلب، وما ليس من عند الله فهو الهوى بلا تردد.
وإلى جانب هذا الإيحاء الدائم نلمح كذلك أنه كانت هناك حالة واقعة من بعض المسلمين، في غمرة الدسائس اليهودية وحملة التضليل الماكرة، تستدعي هذه الشدة في التحذير، وهذا الجزم في التعبير؛ {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [البقرة: 147].
وهنا يوجه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بعد هذا البيان بشأن أهل الكتاب {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [البقرة: 147].
والرسول الله صلى الله عليه وسلم ما امترى يومًا ولا شكَّ، وحينما قال له ربه في آية أخرى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: 94]، قال: « لا أشكُّ ولا أسألُ.. ».
ولكن توجيه الخطاب هكذا إلى شخصه، يحمل إيحاءً قويًّا إلى من وراءه من المسلمين، سواء منهم من كان في ذلك الحين يتأثر بأباطيل اليهود وأحابيلهم، ومن يأتي بعدهم ممن تؤثر فيهم أباطيل اليهود وغير اليهود في أمر دينهم.
إن هذا القرآن، هو كتاب الأمة الخالد الذي يخاطبها فيه ربها بما تعمله وما تحذره، وأهل الكتاب هم أهل الكتاب، والكفار هم الكفار، والدين هو الدين!
إلى كل مسلم: عليك بالتمسك بكتاب ربك ومنهجه، واعلم أن كل الفرق على الساحة الإسلامية قد وقعت في دسائس اليهود ومكرهم، وأصبح هناك مندسين بين هذه الفرق من غير المسلمين، يقودونهم بمكر وخديعة بالغة الغاية، ويجندون العامة من خلفهم، ووسائل الإعلام التي يديرها اليهودي تنشر وتمجد هؤلاء دون أن ندري، وما نحن فيه الآن أكبر دليل.. حروب، ودسائس، وبدع، بل وإعلان ديانات جديدة تنشأ بقيادة اليهود.
أيها المسلم: ربك يخاطبك ويوضح لك الطريق في وسط هذه الفوضى وكثرة الفرق التي كونها اليهود في واقع المسلمين. عليك بنفسك وأمامك كتاب ربك واضح البيان ومحدد الطريق لا تحتاج إلى هذه الفرق جميعًا، ومن يدعي أنك تحتاج إلي اتباعه ليضلك، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف: 170].
فعليك بكتاب ربك والتمسك به، اترك ما عداه خلف ظهرك.. والله المستعان.
________________________________________________________
الكاتب: أ. د. فؤاد محمد موسى
Source link