كيف يدعي الإسلام، من لا يرضى بأحكامه، ويذعن له إذعانًا، ويسلم له تسليمًا؟ ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32].
تأمل قول الله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}، وتأمل حالَ كثير من الناس الذين لا يرتضون قسمة الله تعالى، فهذه تريد أن تكون رجلًا، وهذا يريد أن يكون امرأة، وبعضهن يعترضن على أحكام الله تعالى التي أنزلها في كتابه، وشرعها على لسان رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأحكام الميراث، وتولي الولايات العامة، وغيرها من أحكام الشرع التي فضل الله تعالى بها بعض الجنسين على الآخر.
ولا يدرك هؤلاء أن الاعتراض على أحكام الله تعالى قدح في حكمته، وردٌّ لأمره، وطعنٌ في حكمه، وتنكب لصراطه المستقيم، ومشاقة لدينه القويم، ومحاربة لرسوله الكريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكيف يدعي الإسلام، من لا يرضى بأحكامه، ويذعن له إذعانًا، ويسلم له تسليمًا؟ ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم.
وأقبح الناس حالًا، وشرهم عاقبةً ومآلًا، من خلقه الله تعالى من العدم، وأسبغ عليه صنوف النعم، وشقَّ له السمع والبصر، وفضله بالنطقِ والفكر، ثم يعلن تمرده على خالقه، باعتراضه على خلقته، أليس ذلك أهلًا للطرد من رحمته؟ وأولى بالحرمان من فضله؟
بلى هم أولى الناس بالحرمان، وأبعدهم عن الرحمة والرضون؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ»[1].
هل أدركت خطر تمنى ما فضل الله به بعض الناس على بعض؟
ولو ظهر هذا التمني في أدنى صورة، وأقل حالة، بل لو ظهر ذلك في اللباس؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ»[2].
[1] رواه البخاري – كِتَابُ اللِّبَاسِ، بَابٌ: المُتَشَبِّهُونَ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتُ بِالرِّجَالِ، حديث رقم: 5885.
[2] رواه أحمد – حديث رقم: 8309، وأبو داود- كِتَاب اللِّبَاسِ، بَابٌ فِي لِبَاسِ النِّسَاءِ، حديث رقم: 4098، بسند صحيح.
______________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب
Source link