هذا سؤال مهمٌّ يسأله كلُّ مسلم يريد الله والدار الآخرة؛ ليقتفِيَ أثرَ نبيِّه المعصومِ صلى الله عليه وسلم، ولا يجد في نفسه حرجًا منه.
هذا سؤال مهمٌّ يسأله كلُّ مسلم يريد الله والدار الآخرة؛ ليقتفِيَ أثرَ نبيِّه المعصومِ صلى الله عليه وسلم، ولا يجد في نفسه حرجًا منه.
بينما يتأفف منه ويستنكره أهل البدع، وأرباب الضلالة، وكل من يريد التفلُّت من قيود الشرع؛ ليتَّبع هواه، وينصِّب نفسه مشرِّعًا من دون الله، فيشرع من الدين ما لم يأذَنْ به الله، ويخترع عباداتٍ وأذكارًا وأعمالًا لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قد يجتهد البعض منا في عبادة، أو ذكر، أو عمل، دون التأكد من صحة هذه العبادة، أو ثبوت هذا الذكر، أو مشروعية ذلك العمل، وكثيرًا ما يلبِّس عليه الشيطان، فيدَّعي أن ذلك من القربات، وأنه عمل صالح، وأنه سيحصل صوابًا، ويأخذ عليه أجرًا.
ولكن المسلم الحقَّ المتَّبِعَ للسُّنة، المقتفي أثر الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يُقْدِم على عبادة، ولا يفعل أي فعل، إلا إذا توافر شرطان أساسيان؛ ألا وهما:
الإخلاص لله.
والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء التنبيه على ضرورة هذين الشرطين في مواضعَ كثيرة من القرآن؛ منها قول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110].
فمن رجا القبول عند الله، والثواب والرضا يومَ يلقاه، فلْيُخْلِص عبادة ربه ومولاه، وليتبع سنة نبيه ومصطفاه.
وعلى المسلم الصادق أن يقف قبل أي عبادة أو عمل أو ذِكْرٍ؛ ليسأل نفسه سؤالين في غاية الأهمية:
الأول: هل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الفعل؟
السؤال الثاني: كيف فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الفعل، وتلك العبادة، وذلك الذِّكْرَ؟
وذلك لأن الله أمرنا باتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وحده: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].
• وضمِن الله الهداية لمن اتَّبَعَ سُنة نبيه صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158].
• وكتب الشقاء والخسارة على من خالف أمره، ورغِبَ عن سُنته؛ فقال سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].
فالسؤال الأول عن ثبوت الأمر ووُرُوده، فإذا ثبت فِعْلُ النبي صلى الله عليه وسلم لهذا العمل أو تلك العبادة، وأمره بذلك الذكر، فاعلم أن في فعله الخيرَ والهداية.
وإن لم يثبُت عنه، فاعلم أنه بدعة، يحرُم عليك فعله؛ لأن الدين قد كمل، والنعمة قد تمَّت، ولم يقبضِ الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلا بعدما بلغ كل شيء، فلم يترك خيرًا إلا وقد دلَّنا عليه، ولم يترك شرًّا إلا وحذرنا منه.
فمن أتى بجديد في الدين – عبادة كان أو ذكرًا، أو طريقة – ليس عليه دليل، فعمله مردود عليه، لا يقبل منه كائنًا من كان؛ كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من عمِلَ عملًا ليس عليه أمرنا، فهو رَدٌّ»، وهو ظالم لنفسه، منادٍ على ضلالته: {فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: 50].
وأما السؤال الثاني؛ ألا وهو: كيف فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا العمل، وتلك العبادة، وذلك الذكر؟
فيسأل عن طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وسُنَّته وهديه: ((خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم))، فطريقته هي المحمودة، وسنته هي المشروعة، وكيفيته هي المقبولة ليس إلا.
واعلم – أخي المسلم – أن هذه هي سبيل السلف الصالح من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان.
فكل ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم نفعله كما فعله، وما تركه الرسول صلى الله عليه وسلم نتركه.
فنحن نقتدي ولا نبتدي؛ أي: لا ننشئ عباداتٍ وأعمالًا لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، ونتبع ولا نبتدع، ولن نضل ما تمسكنا بالأثر؛ كما قال سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “إصابة السنة أفضل من كثرة العمل؛ ولذا قال جل جلاله: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: 2]، ولم يقل أكثر عملًا”.
فاحفظ جيدًا أن ملازمة السنة نجاة.
اللهم مسِّكنا بالإسلام والسنة ما حيينا.
____________________________________________________________
الكاتب: د. محمد عبدالله الفقي
Source link