ما أحوجنا للعودة إلى الوحي للاستهداء به في معرفة هدي الأنبياء الإصلاحي، وإدراك واجبات الأوقات، ومعرفة سنن الله التي لا تتبدل على مر تاريخ البشرية، وهذا من أعظم ما ينبغي فعله من الدعاة والمربين والمصلحين وأهل العلم.
ينحصر تفكير بعض المصلحين في الثمرة والنتيجة والنصر والحل النهائي، وينشغلون عن العمل والبذل على ضوء التكليف الشرعي وواجب الوقت، وينسون أن الثمرة والنصر إنما هي ثواب من الله ومنحة منه، وأنها لا تأتي إلا ببذل الواجب الشرعي الممكن في كل وقت؛ فالثمرة لا تُصنع على يد المصلح بل يهبها الله له.
قال الله سبحانه عن المصلحين الصابرين الذين {ما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا} قال عنهم: {فـٔاتىٰهم الله ثواب الدنيا}.
وثواب الدنيا -كما قال الطبري- هو: (النصر على عدوهم وعدو الله، والظفر، والفتح عليهم، والتمكين لهم في البلاد).
فهذه الثمرات كلها إنما هي ثواب من الله يؤتيه من يشاء كما أن الأرض لله يورثها من يشاء، وهذه من الحقائق الكبرى في العبودية لله سبحانه.
ولذلك حين غفل بعض العاملين عن هذا المعنى وتشبثوا بفكرة النصر والتحرير سلكوا في طريق تحقيقه مسالك محرمة، مثل موالاة أعداء الله من الباطنية وغيرهم، وفاتهم أن هذا المسلك هو الذي سيؤخر عنهم النصر بدلا من أن يكون سببا له.
فالشأن كل الشأن في العبودية لله بالصبر والصدق والإخلاص والدعوة والبذل والتضحية والإصلاح وفعل ما يمكن بأفضل الأسباب الموافقة للواقع،
وهذه العبودية هي التي تأتي معها المعية الإلهية، والمعية إذا تحققت فلا تسل عن الثمرات والنتائج فستأتي دون حساب.
وهذا هو منهج الأنبياء ومسلكهم، والأمثلة كثيرة ولكن أكتفي بقول موسى ﷺ للمؤمنين معه: {استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين} فلم يأمرهم بأكثر مما يجب عليهم فعله، وعلّق قلوبهم بواهب الثمرة لا بها وحدها.
وما أحوجنا إلى العودة إلى الوحي للاستهداء به في معرفة هدي الأنبياء الإصلاحي، وإدراك واجبات الأوقات، وتثبيت حقائق العبودية الكبرى، ومعرفة سنن الله التي لا تتبدل على مر تاريخ البشرية، وهذا من أعظم ما ينبغي فعله من الدعاة والمربين والمصلحين وأهل العلم.
Source link