تتوقَّع دراسات حديثة لعلماء المناخ أن تُصبِحَ بعضُ مناطق العالم غيرَ صالحةٍ للحياة البشرية بسبب التغيُّر المناخي الناتج عن تواصُل ظاهرة الاحتباس الحراري، مع تواصُل ارتفاع درجات حرارة العالم
إذا وُضِع ميزانُ الحرارة في مكان مُظلَّل ومفتوح للهواء الطَّلْق، فإنه يقيس درجة الحرارة العادية أو الجافَّة التي نُشاهِدُها في النشرات الجوية على التلفاز، أما إذا تمَّ تغطية بصيلة الميزان أو مستودعه بقطعة قُطْن مُبلَّلة بالماء أو ما أشبه ذلك، فسوف يُقْرأ ما يُطْلَق عليه اسم درجة الحرارة الرَّطْبة التي هي مقياس مباشر لقُدرة الهواء على تبخير الماء، وتنخفض قيمتُها بشكل كبير عن العادية، إن كان الهواءُ شديدَ الجفاف، وتتساوى الدرجتان العادية والرطبة للهواء في حالة واحدة، وهي عندما يتشبَّع الهواءُ ببخار الماء، وتصل رُطُوبتُه النسبية إلى 100% كما في بعض المناطق الساحلية الحارة عند سكون حركة الرياح التي تفقد فعاليتَها تمامًا على تجفيف السطوح الرَّطْبة في هذه الظروف.
على سبيل المثال، فإن درجة الحرارة الرَّطْبة في منطقة داخلية جافَّة، درجة حرارتها العادية 45 سيلسيوز، ورطوبتها 15% مثل مدينة الرياض في الصيف هي25 درجة تقريبًا، فإذا ارتفعت الرطوبة النسبية، وأصبحت 45% ترتفع درجة الحرارة الرَّطْبة إلى 34 درجة تقريبًا، وفي كلتا الحالتين يمكن لجسم الإنسان تحمُّل هذا الوضْع ما دام يحصُل على حاجته من مياه الشرب التي يتحوَّل جزءٌ منها لعَرَقٍ يُفرِزُه الجلدُ، ليتبخَّر ويقوم بعملية التبريد، للحفاظ على درجة الحرارة الطبيعية للجسم.
أما إذا تجاوزتْ درجةُ الحرارة الرطبة 35 درجة؛ أي: إنها اقتربت من درجة الحرارة الطبيعية لجسم الإنسان بأقل من درجتين، فهذا يُؤدِّي إلى عدم قدرة جسم الإنسان على تبخير ما يُفرِزُه الجلد من عَرَق بشكل كافٍ للتبريد؛ ممَّا قد يُشَكِّل نوعًا من الخطر في حالة عدم توافُر وسيلة تبريد خارجية مساعدة، وهذا يعني أنه يجب تأمين الأجواء المكيفة لفترات طويلة في كل الأماكن التي يوجد فيها الناس، ويمارسون فيها أنشطتهم المختلفة، أما إذا تجاوزت درجة حرارة الهواء الرَّطْبة حاجز 37 درجة، فإن الحياة تُصبِح مستحيلةً بدون وسائل تكييف الهواء.
تتوقَّع دراسات حديثة لعلماء المناخ في الغرب أن تُصبِحَ بعضُ مناطق العالم غيرَ صالحةٍ للحياة البشرية بسبب التغيُّر المناخي الناتج عن تواصُل ظاهرة الاحتباس الحراري، مع تواصُل ارتفاع درجات حرارة العالم ونِسَب الرطوبة، خصوصًا في بعض المناطق في غضون الخمسين إلى المائة عام القادمة؛ إذ لم يتمكَّن العِلْمُ من توفير حلول جذريَّة لهذه الزيادة المضطردة في درجات الحرارة على مستوى الكرة الأرضية، إضافة – بطبيعة الحال – إلى تواصُل ذوبان الجليد في القطبين، وارتفاع منسوب المياه في بحار العالم ومحيطاته، واختفاء أجزاء من اليابس في المناطق الساحلية الأكثر انخفاضًا تحت مستوى سطح البحر.
وحتى مع الالتزام التام بالاتفاقات الدوليَّة للحَدِّ من انبعاث الغازات والملوثات التي تعمل على تآكُل ونُضُوب طبقة الأوزون، وتُسبِّب ظاهرة الاحتباس الحراري، فمن المتوقَّع لهذه الظاهرة المزيد من التفاقُم نحو الأسوأ، لذلك يعمل العلماء بجدٍّ على إيجاد حلول بديلة تُسرِع في الحدِّ من ارتفاع درجات حرارة الأرض، منها ما بدأ تطبيقه بالفعل على مستوى يسير مثل امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو باستخدام مراوح عملاقة، وإن كانت عملية مكلفة نسبيًّا حتى الآن
ويُفكِّر العلماء حاليًّا بطريقة يُطلَق عليها تعتيم الشمس بإطلاق مواد كيماوية في طبقات الجوِّ العُليا من مناطيد للقيام بذلك، ولكن هذه التقنية لا تزال قيد البحث، إضافة إلى عدم ثبوت سلامتها للبيئة، أما الطريقة التقليدية اليسيرة التي بإمكان كل واحد منا الإسهام بها ومضمونة السلامة، فهي زيادة الرقعة الخضراء بزراعة المزيد من النباتات والأشجار في كل مكان، وهذا متاح.
_____________________________________________________
الكاتب: أ. عاهد الخطيب
Source link