المدارس الإسلامية بين التبعية والذاتية

منذ حوالي ساعة

بعضٌ منا يزحفون وراء كل ناعق في تغيير أو تعديل المُقَرَّرات الدراسية أو المنهاج التعليمي باسم العَوْلَمةِ أو مواكبة العصر.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أفاض علينا نعمةَ البَيان، والصلاة والسلام على من بدَّد الظلماتِ بنور كتاب الله وتبيينه له بيانًا يُغْني ويُسْمن من جوعٍ.

 

خِطابي في مقالي هذا يدور حول خَواطرَ كانتْ تمُرُّ بخَلَدي ولم أُفْصِحْ عنها إلا في بعض اللِّقاءاتِ المَعْنِيَّةِ بمستقبَل المدارس الإسلامية ومصيرها.

 

نعم أنا – والحمد لله – بِحُكْمِ تربيتي وثقافتي وببَرَكةِ مُعَلِّميَّ الأبرار أُوْمِنُ بأنَّ المدارس الإسلامية -بانتمائها إلى مدرسة سيِّدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن حذا حَذْوَه من السلف ومن يقتدي اليوم بقدوته من الخلف- لا تخرج من مَخَالِب ما يُحَاكُ لها من الدَّسَائس وما نزل بها من هُبُوطٍ وسقوطٍ إلا إذا اختارتْ الرجوعَ إلى شخصيتها التي كانتْ في الماضي تَحُلُّ مشاكلَ العالم، وكانت أيضًا بيدها زِمام الأمور، واليوم حَلَّتْ بها مَشَاكِلُ يستعصي عليها عِلاجُها! وهذا لماذا؟ سؤال يتردَّد على الأَلْسِنة؛ فبعضٌ لا يزيد جوابُهم إلا ضِغْثًا على إِبَّالَةٍ وبعضٌ أَمرُهم بين إفراطٍ وتفريطٍ.

 

أرى أننا أهملنا فهمَ حقيقة العلم، وتجاهلنا وظيفةَ الخِلافةِ التي نادى بها القرآن الكريم، وقَصَّرنا في فهم أهداف مدرسة النبوة؛ ففرَّطْنا في تطبيقها على أرض الواقع وجعل بعضٌ منا يزحفون وراء كل ناعق في تغيير أو تعديل المُقَرَّرات الدراسية أو المنهاج التعليمي باسم العَوْلَمةِ أو مواكبة العصر.

 

أرى بعضًا يقولون بأفواههم: لماذا نتأخَّر في إدخال الموادِّ الباحثة عن حاجات البشر في الدنيا ضِمْنَ الموادِّ الباحثة عن سعادة الإنسان في الآخرةِ في المنهاج التعليمي -لعشر سنوات -؟ أقول لهم حدادًا على عقولهم: ماذا تريدون بالنظام التعليمي الذي جاء به علماؤنا ليخرج من المدارس الإسلامية علماءُ متخصِّصون أَكْفاء في العلم الديني الخالص الذي يتفَقَّه فيه الدارسون لعشر سنواتٍ على الأقلِّ؛ فمن يشرح الدينَ وحقائقَه إذا أُخِلَّ بتخَصُّصِهم في العلم الديني؟ ومن يحمل نورَ العلمِ الشرعيِّ ليُخْرِجَ الناسَ من ظلمات المادية إلى نور الروحانية إذا هُدِّدَ نظامُهم التعليميُّ؟ وما مصير الإنسان إذا تناسى حقوقَ خالقِه وحقوقَ بني نوعِه؟ ومن يمنعكم من الإتيان بمؤسَّساتٍ تتكفَّل بتدريس هذه الموادِّ الباحثة عن حاجات البشر في الدنيا للأولاد المسلمين الدارسين! ومن يعوقكم من الإتيان بنظامين مستقِلَّيْن أحدهما: يضمن لفرض العين وثانيهما: يضمن لفرض الكفاية؟!

 

والذي يتَّهِم خِطابي بالتعسف والرجعية والتشدد فليُقَارِنْ بين خرِّيجي النظام المستقل لتدريس العلم الشرعي وبين خرِّيجي النظام المزدوِج؛ يرى هو فرقًا بيِّنًا بين هؤلاء وهؤلاء.

 

في الماضي كان العدد الوافد إلى المدارس الإسلامية قليلًا؛ ولكن الواحد منهم يكفي مَؤُونَةَ آلافِ خرِّيجي اليوم من المدارس الإسلامية، فالعدد كثُر والكيف ضؤُل في هذه الأيام.

 

فظاهرة المدارس الإسلامية المنتشرة في شبه القارة الهندية تدعو القائمين بها إلى مراجعة الأمور ومطالعة الأحداث ومقارنة الأحوال والتصدي للتحديات بجَراءةٍ وإقدامٍ والثبات على منهاج سلفنا مؤمنين بالذاتية، كافرين بالتبعية.

 

فهذه إشاراتٌ والعاقل تكفيه الإشارة مهما كانتْ خَفِيَّةً، ندعو الله سبحانه وتعالى أنْ يلهمنا الثباتَ على ما ورثناه من سلفنا الصالح.

________________________________________
الكاتب: محمد ثوبان الندوي الغجراتي


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح ما يفعل من رأى الرؤيا أو الحلم

منذ حوالي ساعة الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه؛ فلينفث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *