منذ أن لقي قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين حتفه بحادث تحطم طائرة في أغسطس/آب الفائت، تعمل السلطات الروسية على تعزيز نفوذها في القارة الأفريقية.
رجل ملتح ذو شعر منسدل
فقد ظهرت مؤخرا في شوارع عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى، قمصان تحمل صورة رجل ملتح ذي شعر منسدل، بمظهر يذكر بتمثال الحرية “تشي جيفارا”، إلا أنها في الحقيقة تعود إلى الروسي ديميتري سيتي القائد الحالي لإمبراطورية فاغنر شبه العسكرية بإفريقيا، وفقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
ويبلغ الرجل من العمر 34 عاما، وتم الدفع به إلى قلب معركة تحديد مصير إمبراطورية المجموعة في القارة السمراء، والتي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
أما سبب الاختيار، فرأت به موسكو الرجل المناسب نظرا إلى معرفته الوثيقة بشركات فاغنر وشبكات التهريب، كما من المرجح
أن يلعب سيتي الذي يتقن لغات عدة، دورا محوريا في مستقبل المجموعة ككل.
كما أن سيتي كان قريباً جداً من السياسيين في جمهورية إفريقيا الوسطى التي مزقتها الحرب، والتي كانت المركز الرئيس لأنشطة فاغنر في القارة ومركز عملياتها التجارية، حتى أن الرجل كان يعيش ويعمل في فيلا فاخر العاصمة بانغي يحيط بها معسكر للجيش يسيطر عليه مقاتلو فاغنر.
رغم كل هذا، من غير الواضح ما إذا كانت مملكة فاغنر الإفريقية ستستمر، وإلى متى يستطيع سيتي الحفاظ على سلطته هنا، خصوصا أّن مسؤولي الحكومة الروسية أخبروا حلفاء فاغنر الأفارقة، أنهم سيفرضون سيطرة أكثر صرامة.
فقد أدار سيتي مشاريع فاغنر التجارية والدعائية في إفريقيا على مدار نصف العقد الماضي، على الرغم من اختلاف هيئته وبنيته الجسمانية عن مقاتلي المجموعة الأقوياء.
ويقول أشخاص مطلعون على العمليات التجارية لفاغنر، إّن سيتي يشرف على شبكة من الشركات التي استخدمتها المجموعة
لتصدير الذهب والماس، والخشب والمواد الخام الأخرى، من جمهورية إفريقيا الوسطى، مؤكدين أّن سيتي يدير أيضا وسائل إعلام تمولها فاغنر وحملات على وسائل التواصل الاجتماعي.
بدوره، أفاد ديميتري سيتي في مقابلة مؤخراً، أنه يواصل العمل لصالح روسيا.
من هو؟
ديميتري سيتي، درس التجارة الدولية في جامعة سانت بطرسبرغ، قبل أن يحصل على درجة الماجستير في التسويق وإدارة الأعمال من باريس.
ووفقا لوزارة الخزانة الأميركية، تم تعيين سيتي من قبل وكالة أبحاث الإنترنت التابعة لبريغوجين بسانت بطرسبرغ، والتي استخدمت حسابات مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الدعاية، ومحاولة التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، فكانت أول وظيفة لديميتري سيتي الذي يقول إنه يتقن اللغات الروسية والإنجليزية والإسبانية والفرنسية، في جمهورية إفريقيا الوسطى، هي العمل كمترجم فورّي للمنّقبين الذين يبحثون عن فرص التعدين، نيابة عن إحدى شركات بريغوجين، وهي شركة “Invest M “الخاضعة للعقوبات حاليا، ومجموعة من مرتزقة فاغنر الذين تم تقديمهم كمدربين عسكرّيين روس غير
مسلحين.
تظهر صورة قدمتها منظمة موالية للحكومة في بانغي سيتي في سرير المستشفى بعد أن تضررت يده بسبب قنبلة
وبعد مرور عام، تمت ترقية سيتي إلى مدير البيت الروسّي في بانغي، وهي مؤسسة تهدف إلى تعزيز القيم الثقافية الروسية في الدولة الواقعة وسط إفريقيا.
كما ساعد ديميتري سيتي بشكل كبير في إدارة الجانب غير العسكري من عمليات المجموعة في الدول التي دخلتها فاغنرن حيث قام بتمويل محطة إذاعية جديدة تبّث دعاية مؤيدة لروسيا ومعادية للغرب.
صراع حول الغنائم
يشار إلى أن شركات المرتزقة الأخرى التي يديرها أفراد تربطهم عالقات وثيقة بالرئيس الروسي فالديمير بوتين، باتت تتصارع على غنائم فاغنر في القارة السمراء، حيث انضم ممثلوها إلى الجولة الأخيرة التي قامت بها وزارة الدفاع الروسية في مناطق نفوذ المجموعة هناك.
إلا أن رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى فوستين آركانج تواديرا، كان أبلغ موسكو خلال الأسابيع التي تلت وفاة بريغوجين، أنه يريد بقاء ديميتري سيتي وغيره من عمال فاغنر القدامى في بلاده، بحجة أّن إزاحتهم من شأنها أن تعطل جهود حكومته لمحاربة الجماعات المتمردة، وفقا لما ذكره مسؤول سابق.
وبحسب التقرير، فإن ديميتري سيتي يفتقر إلى علاقات يفغيني بريغوجين بالكرملين، والتي فتحت أبواباً أمام فاغنر مع القادة الأفارقة.
كما تثير علاقته بمؤسس فاغنر الراحل تساؤلات حول ولائه للكرملين.
أما السلطات الأميركية والأوروبية، فكانت أدرجت ديميتري سيتي على قائمة العقوبات لعمله مع فاغنر في إفريقيا.
Source link