منذ حوالي ساعة
ويشعر المؤمن بقبس نوره تعالى يملأ عليه قلبه، عندما ينتقل السياق من الحديث عن {“الله نور السموات والأرض”} إلى {“بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال.”}
كما اسمها؛ يضيء النور جنبات هذه السورة، ويشعّ هداية وصفاء وطهرا بين ثناياها.
فالله تعالى {“نور السموات والأرض”} يشرّع بنور هدايته الحدود، وينظم العلاقات، ويوجب الغضّ من البصر بين الرجل والمرأة، ويشرّع آداب الاستئذان والطعام، فتنعكس تلك الحدود والتشريعات والآداب، نورا في قلوب عباده المؤمنين، ونورا في حياتهم، ونورا في بيوتهم، ونورا في العلاقة بين الرجل والمرأة، ونورا في مجتمع الطهر المؤمن.
ويشعر المؤمن بقبس نوره تعالى يملأ عليه قلبه، عندما ينتقل السياق من الحديث عن {“الله نور السموات والأرض”} إلى {“بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال.”} فتأتي المقاربة بين المشكاة وهذه المساجد، كما المقاربة بين المصباح داخل المشكاة وقلوب المؤمنين داخل المساجد. فكأن قلب المؤمن ينير، عندما يُعلّق بالمساجد، مثلما ينير المصباح عندما يُعلّق بالمشكاة، ويكون ممن يظلهم الله بظله: “ «ورجل قلبه معلّق بالمساجد» .”
وكما أحسسنا سنا النور في بيوت الله، وفي قلوب عباده المؤمنين، نرمقه في تسبيح “ {من في السموات والأرض والطير} “، وفي إزجاء السحاب، وإنزال المطر، وتقليب الليل والنهار، وخلق الدواب على اختلاف أشكالها وهيئاتها؛ فهي عوالم وكواكب وأفلاك ومخلوقات، يختلجها ذلك السنا في إحكام دقيق.
ومن سَمْق نور الإيمان وألْقه، يهوي السياق بنظر المؤمن إلى هوة الكفر وظلمته؛ فتتراءى صورة أعمال الكافرين سرابا خادعا، وظلمة لا تُرى اليد فيها من حُلكتها، فتستبشع روحه السراب بعد الحقيقة والظلمة بعد النور.
إنّ ذلك النور الهادي ليس طلسمات أو خيالات تخدع الموهومين، أو ترضي شغف الساذجين، لكنه تعاليم عملية واضحة، وعلاقات طاهرة تظهر إلى النور، ونظرات بريئة تأنف أن تشوبها شهوة إلا في حلال. ونور الهداية مع نور قلب المؤمن: نور على نور.
Source link