الإنترنت عالم مشتت ولكن! – طريق الإسلام

إن ضاعت الاستفادة من الإنترنت، فهو كسائر المحرَّمات، فإن كانت الخمر تُذهِب العقول، فإن الإنترنت يجلب إليها ما يفسدها من مشاهدَ محرَّمة، ومتابعات يقلِّد فيها الناسُ السفهاءَ والمجرمين، وما أكثر الجرائم التي جلبها التقليد في هذا العالم الخفيِّ!

في عالم الإنترنت لا مجال للفِكاك من رِبْقَةِ الأسْرِ إلى استراحة التركيز، فالمشتِّتات تلهو متبرجة على جانبي الطريق، وأسرى الهوى كُثُر لا مقوِّم لهم، ولا كبير هدف لديهم.

 

وفي ساحة الإنترنت الغَثُّ والسمين، والمنقذ من الضلال والمردي فيه، والصحبة الصالحة وجلساء السوء، وأخطر ما فيه “مضيعات الوقت“، الذي هو الفارق بين إنسان سويِّ الإرادة، وآخر راكب الأمنيات، متوهِّم الرغبات.

 

الإنترنت عالم مشتِّت، ومن يسايره، فهو والمنبت سواء، لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى، لا يرجع من تعرجاته إلا بخُفَّي حُنين، كحاطبِ ليلٍ غير أن له جعجعة، وليس ثَمَّ طَحينٌ.

 

إن شعراء العصور المختلفة وفقهاءَها ومفكريها وغيرهم ممن بنَوا تراث الأمة وثقافتها، جيلًا بعد جيل – قد رأوا الحياة واقعًا معيشًا، لامَسُوا مادياتها، وحلَّقوا مع أفكارها وتصوراتها، وفلسفتها ومراميها، فحَكَوا عن الحياة كما هي، وصوَّروا مقاصدها وإرهاصاتها بدون تجميل، ولا تشويش، ولا تشويه، كما تفعل أصابع القص واللَّزق في عالم الإنترنت.

 

الإنترنت ليس حقيقة زائفة، ولا خيالًا عابرًا، غير أننا لا نحسن استخدام تلك الأداة، كما أحسن البدوي استخدام عصاه في مآرب عديدة؛ فنحن من يجري وراء كل ناعق، ليس لدينا الوقت لتمييز، ولا كثير جهد لتقليل هذا الخَبْطِ العشواء الذي نحياه ونتجرَّعُه حتى الثُّمالة.

 

تتلاشى بركة الوقت، وقوة البدن، وإعمال الفكر، وجدوى التواصل بمقدار ما نرمي بأجسادنا على وسائد الإنترنت الْمُهْتَرِئة، فيتسلل إلى أجسادنا الخمول، وإلى عقولنا الاستسلام، وإلى همَّتِنا الكسل والدَّعَةِ، وإن كانت لنا فكرة، ضاعت مع المشتِّتات، وذابت في أفكار الآخرين؛ جيِّدِها وسيِّئِها.

 

علينا أن نتخذ الإنترنت كأداة تثقيف تزيد من قوة تفكيرنا ونظرتنا إلى الأمور.

 

نتخذه كأداة مُدارَسة، ووسيلة مساعدة ومساندة في تحصيل العلم، ومتابعة العلماء والْمُعلِّمين.

 

نتخذه كوسيلة اتصال لتعزيز صلة الرحم، والتواصل البنَّاء مع الناس.

 

نتخذه كوسيلة ترفيه بلا إفراط في مشاهدة ما نميل إليه، ونستفيد منه.

 

إن ضاعت الاستفادة من الإنترنت، فهو كسائر المحرَّمات، فإن كانت الخمر تُذهِب العقول، فإن الإنترنت يجلب إليها ما يفسدها من مشاهدَ محرَّمة، ومتابعات يقلِّد فيها الناسُ السفهاءَ والمجرمين، وما أكثر الجرائم التي جلبها التقليد في هذا العالم الخفيِّ!

 

يقول طرفة:

إذا القوم قالوا مَن فتًى خِلتُ أنني  **  عُنيتُ فلم أكْسَلْ ولم أتبلَّدِ 

__________________________________________________________
الكاتب: محمد عمر المصري


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح ما يفعل من رأى الرؤيا أو الحلم

منذ حوالي ساعة الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه؛ فلينفث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *