متى تتوقف الحرب على غزة؟

منذ حوالي ساعة

هل حققت حماس ما تريد بالفعل؟ ماذا ستفعل بعد ذلك إزاء هجمات الكيان الوحشية ضد أهل غزة وقطع المياه والكهرباء وإمدادات الغذاء والطاقة؟ ما خيارات الكيان الصهيوني أكثر مما فعل؟ وما هي مواصفات النصر التي سيتوقف عندها؟

“الحرب قد تطول لأشهر” هذا التصريح للمتحدث باسم مجلس الوزراء الصهيوني المصغر، يجدد فيه إصرار الكيان الصهيوني على المضي قدمًا في حصار قطاع غزة، ومن ثم تشديد القصف وتحويل مدن القطاع إلى أرض محروقة، ليست بالمعنى المجازي؛ ولكن حقيقة هدم البيوت على ساكنيها وتسويتها بالأرض وأصبحت الحرائق مشتعلة في كل مكان.

هذه الحرب غير المسبوقة والتي لم يعهد مثلها في التاريخ أن يُحاصَر شريط من الأرض يمتد على مساحة 365 كم مربع، يبلغ طوله 41 كم، أما عرضه فيتراوح بين 5 و15 كم، من الجو والبر والبحر ثم تنهال وتنقض عليها أحدث الطائرات المقاتلة في العالم لتفتك بالناس والدواب والشجر والحجر ولم تُتَرك حتى دور العبادة من المساجد. في عملية قتل جماعي ممنهجة ومنظمة أو قل بالأحرى مذابح لم تتوقف منذ عدة أيام.

فضلاً عن وقف إمدادات الوقود التي تستخدم في تشغيل محطة الكهرباء مما أدى إلى توقفها وبالتالي توقفت محطة تحلية المياه، مع منع المساعدات الطبية والغذائية من الدخول.

وبالرغم من كل هذا، فإنه ليس على ما يبدو هناك نهاية قريبة للحرب الدائرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فكل من الطرفين مصريْن على مواصلة القتال أو على الأقل يبديا في العلن هذه الرغبة.

فهل هذا ما يريدان بالفعل، أم أنهما يتخذان من هذا الإعلان الظاهري ورقة في التفاوض غير المباشر، حيث أنهما لا يتحملان تكلفة استمرار الحرب سواء التكلفة الاقتصادية والحياتية أو الكلفة السياسية من جراء استمرار القتال؟

 

حماس أعلنت هدفها منذ اليوم الأول من عملية طوفان الأقصى، وأنها تريد تغيير معادلة الصراع مع الكيان حتى لا يتمادى في قتله للفلسطينيين وتدنيس القدس والمضي في مخططاته لهدم الأقصى وتوسيع الاستيطان.

هل حققت حماس ما تريد بالفعل؟ ماذا ستفعل بعد ذلك إزاء هجمات الكيان الوحشية ضد أهل غزة وقطع المياه والكهرباء وإمدادات الغذاء والطاقة؟ ما خيارات الكيان الصهيوني أكثر مما فعل؟ وما هي مواصفات النصر التي سيتوقف عندها؟  هل تهديداته باحتلال القطاع مرة أخرى جدية وحقيقية؟

هل يحتاج جيش الكيان إلى عملية التفاف أو اختراق يكسر بها المقاومة الفلسطينية، في تكرار لسيناريو حرب أكتوبر، عندما وصل شارون إلى مشارف القاهرة، ودخل بعدها الكيان الصهيوني مع مصر في التفاوض من مربع المنتصر؟ وهذا يستلزمه التساؤل هل لدى الصهاينة القدرة على اجتياح بري لغزة؟

ويبقى السؤال الأهم متى تتوقف الحرب على غزة؟ متى يتوقف هذا العدوان؟

إن الإجابة المنطقية لمثل هذا السؤال، تنبع من فهم حقيقة أنه لكي تتوقف أي حرب لابد من تحقيق شرط من شرطين:

أولها: عندما يحقق أحد طرفي الحرب أهدافه، ويمنع طرف الطرف الآخر من تحقيق أهدافه.

ثانيهما: عندما تحدث تسوية بحيث يستطيع طرفا القتال إنجاز بعض من أهدافهما.

مع عدم النسيان أن هناك أهدافًا إستراتيجية قد تتحقق في هذه الحرب، سواء لكل من طرفي القتال أو أطراف أخرى من وراء الكواليس، قد تكون مستفيدة من هذه الحرب في تحقيق أهداف خاصة بتلك القوى.

فمثلاً في حرب تموز عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله، توقفت تلك الحرب عندما حققت إسرائيل هدفها في إبعاد حزب الله عن التماس معها في جنوب لبنان وإحلال قوات دولية تحول بين تنفيذ الحزب لعمليات ضد الجيش الإسرائيلي، ولكنها لم تجهز على قدرات حزب الله العسكرية، وفي نفس الوقت فإن الطرف الآخر قد حقق بعض الأهداف حيث أثبت قدراته في ضرب العمق الإسرائيلي بالصواريخ، كما أثبت قدرة قواته في إيقاف أي هجوم إسرائيلي بري في الجنوب، ولكنه عجز أمام الطائرات الإسرائيلية وقوتها التدميرية النارية الهائلة، أما على المستوى الإستراتيجي فقد ربحت إيران في أنها أثبتت أنها لاعب أساسي في الملف الصهيوني الفلسطيني، وهذه ورقة مهمة في مفاوضاتها مع أمريكا.

فهل تتوافر أي من هذه الشروط على طرفي القتال في غزة وهما الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية بقيادة حماس؟

أهداف الكيان الصهيوني من الحرب والمأزق الاستراتيجي:

بالبحث في الأهداف الصهيونية من تلك الحرب نجد أنها تتمثل في التالي: هدف معلن يتمثل في إنهاء حكم حماس حتى لو تم تدمير غزة على رءوس ساكنيها، ولكن تبقى إشكالية ما بعد احتلاله لغزة وإنهاء حكم حماس علي فرضية نجاحه، ماذا يفعل بغزة وأهلها؟ هل سينام ويستيقظ ويجدها قد ابتلعها البحر كما قال رابين؟ أو يسلمها لمصر كما عرض تقريبًا كل قيادات الكيان سابقًا ورفضت مصر؟

لذلك يبدو أن جيش الكيان الغاصب ربما يتجه الآن إلى حل آخر، يعتمد على الدخول المحدود واحتلال أجزاء من قطاع غزة ربما إلى خمسة أو ثلاثة أجزاء أي اقتحام تدريجي على طريقة قضم المناطق.

ففي النهاية فإن الجيش الصهيوني أمامه ثلاثة سيناريوهات:

إما الاقتحام بعد هدم جميع المنازل على رءوس ساكنيها، أو تقسيم قطاع غزة إلى خمس مناطق بعد تقطيعها، أو دخول المناطق الزراعية ثم التفاوض كورقة تفاوضية على إطلاق الأسرى.

ولكن خطورة هذه الحلول أنها تتجاهل أن حماس متجذرة في المجتمع الفلسطيني، وستستمر في حرب العصابات ضد الاحتلال وأعوانه، بل يتحدث كثير من المراقبين اليهود على أن دولة الكيان ولو احتلت غزة فإنها لا تستطيع البقاء فيها لفترة طويلة، فهي قد انسحبت منها أصلا في السابق لتتخلص من أعبائها، وإن هي سلمتها إلى عباس وزمرته فإنها لا تضمن أن تعود حماس وتنتصر عليهم وتعود إلى السيطرة مرة أخرى على القطاع.

 

حماس أعلنت هدفها منذ اليوم الأول من عملية طوفان الأقصى، وأنها تريد تغيير معادلة الصراع مع الكيان حتى لا يتمادى في قتله للفلسطينيين وتدنيس القدس والمضي في مخططاته لهدم الأقصى وتوسيع الاستيطان.

وهناك إشكالية أخري كبري حتى ولو تم القضاء على حماس كجهاز عسكري، ولكن تبقى حماس فكرة مقاومة إسلامية يعتنقها غالبية الشعب الفلسطيني، وأثبت ذلك عبر الانتخابات الوحيدة والتي تم إجراؤها في عام ٢٠٠٦، وبذلك لا يمكن استئصالها إلا بإبادة الشعب الفلسطيني كله.
هنا تجد نفسها دولة الكيان في جميع السيناريوهات أمام مأزق كبير.

ويبقى السؤال عن الهدف الإستراتيجي الإسرائيلي، وهو استعادة قدرة الردع الإسرائيلية وقدرتها على ضرب المقاومة والحد من قدراتها المتنامية في أي وقت وأي مكان، هل تحقق ذلك الهدف لدولة الكيان الآن؟

يبدو من المبكر جدًا الإجابة على إمكانية أن يكون هذا الهدف قد تحقق بالفعل، فعلينا الانتظار لنهاية فصول تلك الحرب التي يبدو عليها ستطول.

حماس والإمكانيات المتاحة:

حماس أعلنت هدفها منذ اليوم الأول من عملية طوفان الأقصى، وأنها تريد تغيير معادلة الصراع مع الكيان حتى لا يتمادى في قتله للفلسطينيين وتدنيس القدس والمضي في مخططاته لهدم الأقصى وتوسيع الاستيطان.

نجحت حماس في اليوم الأول في توجيه صفعة غير مسبوقة لدولة الكيان الصهيوني، لم تتلق مثلها في تاريخها كله، وهذا ليس كلامي ولكنه هذا ما يكاد يجمع عليه الخبراء سواء في دولة الكيان أو في الغرب.

فوصفت مجلة لوبس الفرنسية ما جرى بكونه يشكل “وضعا كارثيا في إسرائيل، وأنه هو الأخطر منذ حرب أكتوبر 73″، مؤكدة على أن “إسرائيل في حالة صدمة وذهول أمام هذا الهجوم”.

لقد أثرت عملية طوفان الأقصى على النفسية الصهيونية بالفعل وهذه أولى خطوات الهزيمة، فحسب استطلاع لصحيفة معاريف الصهيونية، استطلعت فيه رأي الشعب الصهيوني في طوفان الأقصى فجاءت نتائجه كالتالي: 56% من الصهاينة رأوا أن الفشل الصهيوني في “طوفان القدس” أكبر من حرب 73، بينما 84% يقولون إن قيادة إسرائيل فشلت في تحمل مسؤوليتها، في حين طالبوا 56% نتنياهو بالاستقالة، وعبر 92% من الذين شملهم الاستطلاع عن اصابتهم بحالة كبيرة من القلق.

وفي المقابل اعتبر البعض أن ما أقدمت عليه حماس في عملية طوفان الأقصى هي عملية استشهادية جماعية، خسائرها أكبر من فوائدها خاصة بعد إقدام الكيان الصهيوني على دك غزة وتهديده باجتياح القطاع وإخراج حماس منه، وأنه كان على حماس الانتظار حتى تتعاظم قوتها، وتنقلب البيئة الخارجية حولها إلى بيئة متعاونة تستطيع من خلالها إنهاء الحصار أو على الأقل التخفيف من تبعاته.

ولكن لا يمكن الحكم على نتائج ما أقدمت عليه حماس الآن إلا بعد انتهاء الحرب، وتقويم نتائجها وتحليل المكاسب والخسائر، خاصة أن الإعلام الصهيوني يلقي بظلال كثيفة من الأكاذيب لينزع من حماس مكاسبها ويضخم قوة جيش الكيان الصهيوني، ويتبارى في نقل تصريحات قادة الكيان الصهيوني التي توحي بأنه سيبيد غزة، ليحاول الكيان تحقيق انتصار في المجال النفسي والمعنويات، ما عجز عن تحقيقه في مجال الاستراتيجيات.

ولكن أهل غزة ومقاومتها، هم أهل القرآن يثقون في وعد الله وفي تدبيره وحكمه، يصدقون كلام الله الذي أنزله على رسوله والمؤمنين في غزوة الأحزاب عندما قال تعالى: إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم، وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا، هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا،…….

ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، وما زادهم إلا ايمانا وتسليما.

_____________________________________________
الكاتب: 
 حسن الرشيدي


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح دعاء الهم والحزن – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والبُخْلِ والجُبْنِ، وضَلَعِ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *