منذ حوالي ساعة
أعيذُكَ باللَّهِ يا كعبُ بنَ عُجرةَ من أمراءَ يَكونونَ من بعدي فمن غشِيَ أبوابَهم فصدَّقَهم في كذبِهم وأعانَهم على ظُلمِهم فليسَ منِّي ولستُ منهُ ولا يرِدُ عليَّ الحوضَ
الحديث:
«أعيذُكَ باللَّهِ يا كعبُ بنَ عُجرةَ من أمراءَ يَكونونَ من بعدي فمن غشِيَ أبوابَهم فصدَّقَهم في كذبِهم وأعانَهم على ظُلمِهم فليسَ منِّي ولستُ منهُ ولا يرِدُ عليَّ الحوضَ ومن غشيَ أبوابَهم أو لم يغشَ ولم يصدِّقهم في كذبِهم ولم يُعِنهم على ظلمِهم فَهوَ منِّي وأنا منهُ وسيَرِدُ عليَّ الحوضَ يا كعبُ بنَ عُجرةَ الصَّلاةُ برهانٌ والصَّومُ جنَّةٌ حصينةٌ والصَّدَقةُ تطفئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النَّارَ يا كعبُ بنَ عُجرةَ إنَّهُ لا يربو لحمٌ نبتَ من سحتٍ إلَّا كانتِ النَّارُ أولى بِهِ »
[الراوي : كعب بن عجرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 614 | خلاصة حكم المحدث : صحيح]الشرح:
لقد أُوتي النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم جَوامِعَ الكَلِمِ، فكان صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم يَجمَعُ المواعِظَ البالغةَ في الجُملِ الصَّغيرةِ، ويَقولُ الحِكَمَ البليغةَ في أقلِّ الكَلِمِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: “أُعيذُكَ باللهِ يا كَعبَ بنَ عُجْرةَ”، أي: أدعو اللهَ أن يُنجِّيَك يا كعبُ ويَحفظَك ويُجيرَك “مِن أُمَراءَ يَكونونَ مِن بَعدِي”، أي: خُلَفاءَ ومُلوكٍ وسَلاطينَ كَذَبةٍ ظَلمةٍ يأتون بعدَ موتي، “فمَن غَشِي أبوابَهم”، أي: دخَل عليهم ولازَمَهم وكان معَهم، “فصَدَّقهم في كَذبِهم”، أي: صدَّقهم في الكذبِ الَّذي هم فيه والكذبِ الَّذي يَقولونه وهو يَعلَمُ أنَّه كذبٌ، “وأعانَهم على ظُلمِهم”، أي: وكان لهم مُعينًا على ظلمِ الرَّعيَّةِ والبغيِ بينَ النَّاسِ، “فليس منِّي ولستُ منه”، أي: فيكونُ جَزاؤُه أنِّي بريءٌ منه وهو بريءٌ منِّي ولا يَدخُلُ تحتَ رايتي، “ولا يَرِدُ علَيَّ الحوضَ”، أي: ولن يَشرَبَ مِن حَوضِ الكوثرِ.
“ومَن غَشِي أبوابَهم أو لم يَغْشَ ولم يُصدِّقْهم في كَذبِهم ولم يُعِنْهم على ظُلمِهم”، أي: ومَن دخَل عليهم أو لم يَدخُلْ عليهم شَريطةَ ألَّا يُصدِّقَهم في الكذبِ الَّذي يدَّعونه والكذبِ الَّذي هم فيه ولم يَكُنْ لهم مُعينًا على ظُلمِ النَّاسِ، “فهو مِنِّي وأنا منه”، أي: فالصِّلةُ قائمةٌ بَيني وبينَه، وهو داخِلٌ تحتَ رايتي وفي شَفاعتي، “وسيَرِدُ عليَّ الحوضَ”، أي: وسيَمُرُّ عليَّ في الحوضِ ويَشرَبُ شَربةً لا يَرى بعدَها عطَشًا.
“يا كعبَ بنَ عُجرةَ، الصَّلاةُ بُرهانٌ”، أي: الصَّلاةُ حجَّةٌ ودليلٌ على الإيمانِ، “والصَّومُ جُنَّةٌ حَصينةٌ”، أي: والصَّومُ وِقايةٌ وحِصنٌ حَصينٌ مِن الوقوعِ في المعاصي والشَّهواتِ، “والصَّدقةُ تُطفِئُ الخَطيئةَ كما يُطفِئُ الماءُ النَّارَ”، أي: وإخراجُ الصَّدقاتِ يَمْحو الذُّنوبَ والخَطايا وتَقْضي عليها كما يَقْضي الماءُ على النَّارِ ويُطفِئُها ويُزيلُها.
“يا كَعبَ بنَ عُجرةَ، إنَّه لا يَرْبو”، أي: لا يَنشَأُ ويَنْمو ويَزيدُ، “لَحمٌ نبَت مِن سُحْتٍ”، أي: جِسمٌ تَغذَّى بالحرامِ ونشَأ فيه وتَرعرَعَ مِنه، “إلَّا كانت النَّارُ أولى به”، أي: إلَّا كان مَصيرُه إلى النَّارِ، فالنَّارُ أَوْلى بكلِّ حَرامٍ أن يَحترِقَ فيها.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن الدُّخولِ على الوُلاةِ الظَّلَمةِ وإعانَتِهم وتصديقِ كَذبِهم.
وفيه: أنَّ أداءَ الصَّلاةِ دليلٌ على الإيمانِ، ووأنَّ الصَّومَ وِقايةٌ مِن المعاصي والذُّنوبِ، وأنَّ الصَّدقةَ تَمْحو الذُّنوبَ والخطايا.
وفيه: أنَّ مَصيرَ كلِّ حرامٍ إلى النَّارِ.
الدرر السنية
Source link