غزة تحت القصف.. خطوات عملية للدعم والنصرة

منذ حوالي ساعة

“… إعانة فلسطين فريضة مؤكَّدة على كل عربي، وعلى كل مسلم، فمن قام بها أدَّى ما عليه من حقٍّ لعروبته ولإسلامه، ومن لم يؤدِّها، فهو دين في ذمته، لا يبرأ منه إلا بأدائه…”

“… إعانة فلسطين فريضة مؤكَّدة على كل عربي، وعلى كل مسلم، فمن قام بها أدَّى ما عليه من حقٍّ لعروبته ولإسلامه، ومن لم يؤدِّها، فهو دين في ذمته، لا يبرأ منه إلا بأدائه…”؛

كلمات صاغتها يدُ نابغة الجزائر وعلَّامتها، الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، بمثابة فتوى عالم عامل عارف بخفايا أم القضايا وأخطرها على الأمة الإسلامية، وهو الذي ترأس الهيئة العليا لإعانة فلسطين بالجزائر، التي تأسست في جوان 1948 بُعَيْدَ النكبة الفلسطينية، دلالة على متانة الأخوة الإسلامية بين الشعبين الفلسطيني والجزائري، رغم ما كان يعانيه هذا الأخير من سياسات أسوأ تدميرٍ استيطاني عرَفته البشرية في القرنين الأخيرين، ودلالة على وحدة الجسد؛ وامتثالًا لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالسَّهَرِ والحُمَّى»، وانطلاقًا من هنا يتساءل المسلم أمام ما يرى من عملية تدميرية ووحشية، تقع في حق إخواننا في فلسطين المحتلة في غزة الصابرة، وهي المدينة التي تعيش تحت حصار شديد لسبع عشرة سنة، وبعد كل هذا عدوان همجي صهيوني، انتقامًا للذلة والعار التي مُنِيَ بها في الذكرى الخمسون لحرب أكتوبر، التي أظهرته في حجمه الطبيعي، الذي نعرفه جيدًا – معشرَ المسلمين – من كتاب ربنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام، أمام كل هذا لم يجد هذا العدو الهمجي إلا المستضعفين العُزَّل ليَصُبَّ عليهم أطنانًا من القنابل والأسلحة الفتَّاكة؛ إمعانًا في الانتقام، وفي إرجاع صورة الردع المفقودة أصلًا، وتحقيق انتصار وهمي على شعب مسلم لا يزال أبطاله وشهداؤه يسطِّرون بدمائهم أسمى آيات العزة والإباء، وما زالوا حصنًا منيعًا صابرًا على كل أشكال المعاناة، وضد مخططات التهجير والاحتلال.

 

إحصائيات المعاناة:

يبلغ طول قطاع غزة حوالي 41 كيلومترًا (25 ميلًا)، وعرضها 10 كيلومترات، ويقطنها نحو2.3 مليون فلسطيني، وتعد واحدة من أعلى المناطق في الكثافة السكانية في العالم، %71 من سكان غزة من لاجئي فلسطين، يعيشون تحت خط الفقر الوطني، فيما يعاني 64% من انعدام الأمن الغذائي، و8% من السكان يعتمدون اليوم على المساعدات الإنسانية، أما بالنسبة للخدمات الأساسية كالكهرباء فيستمد قطاع غزة ما مجموعه 200 ميغاواط من الاحتلال، مع وجود نحو 15 إلى 20 ميغاواط من مصادر طاقة بديلة، وكانت جميعها لا تكفي القطاع الذي يحتاج إلى 500 ميغاواط من القدرة الكهربائية، وهذا قبل أن تقطع سلطات الاحتلال الكهرباء نهائيًّا عن القطاع، والحال نفسها مع نقص الإمداد بالمياه الصالحة للشرب؛ حيث إن 4% فقط من سكان قطاع غزة يحصلون على مياه بشكل آمن وخالية من التلوث، كل هذا مع وجود منظومة صحية تعاني من نقص للمرافق الصحية، وفي الإمدادات الطبية من أجهزة وأدوية، والأخطر من كل هذا أن هاته المنظومة الصحية باتت أمام انهيار حقيقي بعد انقطاع الخدمات الأساسية، واستنزاف المخزون الإستراتيجي للوقود الذي يشغلها في حالة الطوارئ، ومع كثافة القصف ازداد الضغط على المستشفيات، وعلى رأسها مستشفى الشفاء، وهو المستشفى الأكبر والرئيسي لقطاع غزة، والذي بات مأوًى للعديد من النازحين هروبًا من القصف، والأمر الذي يفاقم الأمر أن جميع المعابر الحدودية مع القطاع مغلقة، أو تعرضت للقصف، مثل معبر رفح مع الجانب المصري.

 

فما العمل إذًا؟

بعد كل هذا يتساءل المسلم: ما الدور الذي يجب أن أقوم به حيال ما يحدث لإخواننا في غزة؟ وهل يمكن أن أقوم بأي دور أصلًا؟

 

في الحقيقة يعتبر من أبرز الأهداف التي تسعى لها الدعاية الصهيونية، ومن ورائها الدعاية الغربية تخذيلُ الإنسان المسلم، وأنه مجرَّد من أي إمكانية للدعم، وأن التعاطف مع ما تقوم به الآلة الصهيونية قد بلغ عقر داره عبر مختلف وسائل الإعلام، وأن الأمر محسوم في تصفية أهلنا في غزة بعد أن تخلى عنهم الأخ والرفيق، وما إلى ذلك من الهرطقات التي عُرِفَ بها هؤلاء عبر تاريخهم الأسود، وفي الحقيقة يمكن أن نفعل الكثير بإذن الله، ولعل من آكد الواجبات على الأمة في مثل هاته الظروف خاصة:

1- التوبة إلى الله عز وجل وإصلاح الذات، والتفكُّر في تقصيرنا، والوقوف مع ذواتنا وقفة محاسبة، لماذا وصلنا لهاته الدرجة من الهوان؟ والجواب في قوله تعالى:  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}  [محمد: 7].

 

2-الدعاء: الدعاء لإخواننا في غزة وفلسطين، وتعليم أولادنا ذلك، ونشر ذلك على أوسع نطاق في شبكات التواصل الاجتماعي، في العمل والمدرسة، في المسجد وفي الحياة اليومية؛ فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نظر إلى أصحابه في غزوة بدر، وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القِبلة وعليه رداؤه وإزاره ثم قال: «اللهم أنْجِزْ لي ما وعدتني، اللهم إن تهلِك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تُعبَد في الأرض أبدًا»، فما زال يستغيث بربه ويدعوه، حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فرده – ألقاه على منكبيه – ثم التزمه من ورائه، ثم قال: كفاك يا نبي الله بأبي وأمي مناشدتك ربَّك؛ فإنه سيُنجز لك ما وعدك؛ فأنزل الله:  {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9])).

 

3-الإعلام التربوي: ذلك أننا نسعى لتكون هاته الهبة يقظة في ضمائرنا، سلوكًا ومنهجًا في حياتنا، لا أن يكون انتفاضة حماسية سرعان ما تخبو، بل تكون صحوة حقيقية ذات مخطط بعيد الأمد تنحو بأعيننا صوب النصر – وهو قريب إن أخذنا بالأسباب بإذن الله – ومن آكد أسباب ذلك تربية النشء على حب فلسطين، وأنها قضية أُمَّة، وأنها عقيدة، وحلها إسلامي وفق السنن الربانية، تربية تبدأ من الأسرة عبر التربية بالقدوة والقصة والدعاء لإخواننا في فلسطين ولكل المسلمين، تربية تنطلق من المسجد أيضًا عبر التنشئة المسجدية، وعبر الدروس والندوات، وعبر المدارس القرآنية والمؤسسات التعليمية، مع استغلال النوادي المختلفة والمكتبات في توعية النشء، واستحداث أساليب جذابة لذلك.

 

4-استغلال شبكات التواصل الاجتماعي: وذلك في نشر القضية بشكل جذَّاب وبلغات عدة، وبأسلوب شرعي صادق في الوسيلة والهدف، واستغلال الفرصة كذلك لبيان عظم الإسلام، ومدى تكاتف المسلمين، وهي وسيلة عظيمة النفع لو يتم التخطيط الجيد لاستغلالها، والواقع المعيش خير مثال على هذا.

 

5-تنويع أساليب التعريف بالقضية: ومن ذلك أيضًا التعريف بما يتعرض له إخواننا في فلسطين، وذلك في المنتديات والمؤتمرات، بل حتى التي ليس لها علاقة بالقضية، وذلك بإظهار الدعم عبر الدعاء لهم في بداية الكلمة مثلًا.

 

6-التواصل المباشر: مع أهلنا في غزة وفلسطين وطمأنتهم – وهو ما باتت توفره وسائل التواصل الاجتماعي – وهو أمر بالغ الأهمية، وأساسي لأي صابر مرابط بالنسبة لإخواننا هناك؛ ألَا ترى قول الله تعالى لملائكته:  {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ}  [الأنفال: 12].

 

7- المقاطعة الاقتصادية: وهذه الخطوة تُتَّخذ ضد كل منتوج أو جهة لها علاقة بالكيان الصهيوني، إما ترويجًا لسياساته التوسعية، أو بالدعم المادي أو المعنوي.

 

8- التبرع بالمال: وهو من آكد أنواع النصرة لكل من لم يتمكن من نصرتهم بنفسه؛ ذلك أن في إعانتهم ماليًّا تثبيتًا لهم ولكل من يدافع عنهم، ودفعًا لعدوهم، وصونًا لكرامتهم، كل هذا مع ضرورة استحضار النية الخالصة الطيبة لله جل وعلا، والحمد لله أن باب التبرعات المالية متاح، وعبر الطرق الرسمية لذلك، علمًا أن كيفية التبرع لهاته الجمعيات المذكورة متاحة في صفحاتها الرسمية على شبكات التواصل الاجتماعي؛ قال تعالى:  {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}  [محمد: 38].

__________________________________________________
الكاتب: عبدالمحسن رحماني


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن..)

الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *