شرف العقل ومنزلة أولي الألباب

منذ حوالي ساعة

تأمل تلك النصوص التي تدلُّ على شرف العقل، ومنزلة أولي الألباب، وانظر إلى حال أولئك الذين يتعاطون ما يذهب عقولهم قصدًا…

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43].

 

تأمل قَولَ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُون} [النساء: 43]، لتعلم أن من أعظم مقاصد الشرعِ حفظ العقل، فإن من لا عقل له لا يدري ما يقول ولا يدري ما يفعل.

 

وأعظم مصيبة يصاب بها العبد بعد الدين ذهاب العقل، لذلك جعله الله تعالى مناط التكليف: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَاب} [الرعد: 19].

 

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ»[1].

 

فتأمل تلك النصوص التي تدلُّ على شرف العقل، ومنزلة أولي الألباب، وانظر إلى حال أولئك الذين يتعاطون ما يذهب عقولهم قصدًا، فيصير أحدهم مجنونًا أو المجنون، مع ما باء به من غضب الله تعالى عليه، نسأل الله العافية والسلامة.

 

ومما يدلُّ على قبح الخمرِ أنَّ قَيْسَ بْنَ عَاصِمِ المِنْقَرِي شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَسَكِرَ فَعَبَثَ بِذِي مَحْرَمٍ مِنْهُ، فَهَرَبَتْ مِنْهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ:

رأيت الخمر جامحة وفيها   **   خصال تُفسد الرجل الحليمــا 

­­فلا والله أشربها صحيحًــا   **   ولا أشفي بها أبدا سقيمــــــــا 

­­­­­ولا أعطي بها ثمنًا حياتـي   **   ولا أدعو لها أبدًا نديمــــــــــــا 

­­­­­فإن الخمر تفضح شاربيها   **   وتجشمهم بها الأمر العظيمـــا 

­­­­­

ومما يدل على قدر العقل أن الحجاج خطب في يوم جمعة فأطال الخطبة، فقام إليه رجل فقال: إن الوقت لا ينتظرك والرب لا يعذرك، فأمر به إلى الحبس، فأتاه آل الرجل فقالوا: إنه مجنون، فقال: إن أقر على نفسه بما ذكرتم خليت سبيله، فقال الرجل: لا والله لا أزعم أنه ابتلاني وقد عافاني[2].

 


[1] رواه أحمد- حديث رقم: 940، وأبو داود- كِتَاب الْحُدُودِ، بَابٌ فِي الْمَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا، حديث رقم: 4398، والترمذي- ‌‌أَبْوَابُ الْحُدُودِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،‌‌ بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، حديث رقم: 1423، والحاكم- ‌‌كِتَابُ الْحُدُودِ، حديث رقم: 8170، بسند صحيح، عنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

[2] وفيات الأعيان (2/ 40).

____________________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطر الإلحاد (2) – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *