أقول لكل رجل يحرص على نسائه، إذا كنت تحب أن تكون نساؤك من أهل الجنة، فذكِّرهن بهذه الأحاديث
إن دخول الجنة هو الغاية التي يطمح إليها كل مسلم ومسلمة، فإذا رضيَ الله تعالى عن عباده وأدخلهم جنته، فقد فازوا بالرضوان والنعيم المقيم الذي لم تَرَهُ عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر، فكل ما يُطلب في الجنة مجاب؛ يقول تعالى: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت: 31، 32]، والمرأة الصالحة تبحث عن الأعمال التي تكون سببًا في دخولها الجنة.
يا عباد الله، أقول لكل رجل يحرص على نسائه، إذا كنت تحب أن تكون نساؤك من أهل الجنة، فذكِّرهن بهذه الأحاديث:
– عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعطاء بن أبي رباح: ((ألا أريك امرأةً من أهل الجنة؟ قال عطاء: فقلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أُصرع، وإني أتكشَّف، فادْعُ الله تعالى لي، قال: « إن شئتِ صبرتِ ولك الجنة، وإن شئتِ دعوت الله تعالى أن يعافيك» ، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشَّف، فادْعُ الله ألَّا أتكشف، فدعا لها))؛ (متفق عليه).
هي امرأة مؤمنة ابتلاها الله جل وعلا بمرضٍ شديد، فرضيت بقضاء الله وأيقنت بما عند الله من ثواب الصابرين، وآثرت البقاء على حالها لترقى بهذه العلة إلى الدرجات العلا، لكنها تعطي درسًا عظيمًا لكل امرأة أن تحمد الله تعالى على نعمة العافية، وتستمسك بالحجاب الشرعي؛ فهو سبيل عزتها، وعنوان مجدها، وتاج كرامتها.
يا عباد الله، ومن صفات نساء أهل الجنة ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلَّتِ المرأة خَمْسَها، وصامت شهرها، وحفِظت فَرْجَها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي من أي أبواب الجنة شئتِ»؛ (أخرجه الإمام أحمد في مسنده).
الرجال عليهم أمور وأعمال كثيرة جدًّا خارج المنزل، أما المرأة فإن ما تطالب به خارج المنزل شيء يسير، فعلى الزوجة الصالحة أن تعتني بهذه الأعمال إن كانت ترغب في الجنة، وأن تجعل ذلك محطَّ نظرها واهتمامها، فتُربَّى قبل الزواج على القيام بشؤون الزوج، وتربية الأولاد، وتُربَّى على طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على عِفَّتها وطهارتها.
قال المناوي في فيض القدير وهو يشرح هذا الحديث: «إذا صلت المرأة خمسها»: المكتوبات الخمس، «وصامت شهرها»: رمضان غير أيام الحيض إن كان، «وحفظت»، وفي رواية: «أحصنت فرجها»، عن الجماع المُحرَّم، «وأطاعت زوجها» في غير معصية، «دخلت» لم يقل تدخل إشارة إلى تحقُّق الدخول «الجنة»، إن اجتنبت مع ذلك بقية الكبائر، أو تابت توبة نصوحًا أو عُفِيَ عنها.
يا عباد الله، ومن صفات نساء أهل الجنة: ما جاء عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة ماتت، وزوجها عنها راضٍ، دخلت الجنة»؛ (أخرجه الترمذي في سننه).
إن الزوجة التي تسعى لإرضاء زوجها وإن كانت مظلومة، لها عند الله مكانة كبيرة جدًّا؛ رَأْبًا للصدع، ولَمًّا للشمل، وتحقيقًا للسعادة الزوجية.
نفعني الله وإيَّاكم بهدي نبيه وسُنته -صلى الله عليه وسلم- أقول قُولِي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثم، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ»؛ (رواه البخاري) ، أما بعد:
ومن صفات نساء أهل الجنة، ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بنسائكم في الجنة» ؟، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «ودودٌ ولودٌ إذا غضِبت أو أُسيء إليها أو غضب زوجها، قالت: هذه يدي في يدك، لا أكتحل بغِمض حتى ترضى»؛ (رواه الطبراني).
إنه خُلُقُ المسارعة إلى الصلح مع الزوج عند الغضب، وخاصة إذا كان سبب الغضب ناشئًا من الزوجة، أما إذا كان السبب من الزوج فالأصل هو الصبر والاحتساب والحفاظ على البيت إلا إذا كان من الزوج ظلم وإهدار لكرامتها.
هذا وصلُّوا وسلِّموا عباد الله، على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.
____________________________________________________
الكاتب: عدنان بن سلمان الدريويش
Source link