منذ حوالي ساعة
ما ورد في تعاهد القرآن الكريم، والترهيب من نسيانه، والإعراض عنه:
ما ورد في تعاهد القرآن الكريم، والترهيب من نسيانه، والإعراض عنه:
يسن ختمه في كل أسبوع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو – رضي الله عنها -: «واقرأه في كل سبع ليال، ولا تَزد على ذلك»؛ (متفق عليه).
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل – رحمهما الله – كان أبي يختم القرآن في النهار في كل أسبوع، يقرأ كل يوم سبعًا لا يكاد يتركه نظرًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما -: «واقرأه في كل سبع»، وإن قرأ في ثلاث فحسن، لما ورد عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قلت: يا رسول الله، إن لي قوةً، قال: «اقرأ في كل ثلاث»؛ (رواه أبو داود) ، ولا بأس فيما دونها أحيانًا، وفي الأوقات الفاضلة كرمضان، خصوصًا الليالي التي تطلب فيها ليلة القدر.
وينبغي لقارئ القرآن أن يتعهده بالحفظ والمداومة على تلاوته، وليحذر كل الحذر من هِجرانه وترك التعهد له، فيتعرَّض بذلك لنسيانه، وترك العمل به الذي هو من أعظم الذنوب؛ قال ابن القيم رحمه الله: هجر القرآن أنواع:
أحدهما: هجر سماعه، والإيمان به، والإصغاء إليه.
والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به.
شعرًا:
لا شيء مثل كلام الله تحفظه *** حفظًا قويًّا وتعمل فيه مجتهدا
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، واعتقاد أنه لا يفيد اليقين، وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.
والرابع: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به.
والخامس: هجر تدبره وتفهمه، ومعرفة ما أراد المتكلم منه.
وكل هذا داخل في قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30].
وروى الإمام أحمد – رضي الله عنه – من حديث سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا مستلقيًا على قفاه، ورجلًا قائمًا بيده فهر أو صخرة، فيشدخ بها رأسه، فيتدهده، فإذا ذهب ليأخذه عاد رأسه كما كان، فيصنع به مثل ذلك، فسأل عنه، فقيل له: رجل أتاه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل به بالنهار، فهو يفعل به ذلك إلى يوم القيام.
وفي حديث عمرو بن شعيب مرفوعًا: «يمثل القرآن يوم القيامة رجلًا، فيؤتى بالرجل قد حمله فخالف أمره، فيتمثل له خصمًا، فيقول: يا رب، حملته إياي فبئس حامل تعدى حدودي، وضيع فرائضي، وركب معصيتي وترك طاعتي، فما يزال يقذف عليه بالحجج حتى يقال: شأنك به فيأخذ بيده فما يرسله حتى يكبه على منخره في النار»؛ الحديث.
شعرًا:
ثلاثة أسفار هنيئًا لمن لهــا *** يلازمها حفظًا ودرسًا ويفهــم
كتاب إله الخلق جل جلاله *** كذاك البخاري ثم يتلوه مسلم
وعن سعد بن عبادة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما من امرئ يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي الله يوم القيامة أجذم»؛ (رواه أبو داود).
وعن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «تعاهدوا هذا القرآن – فوالذي نفسي بيده – لهو أشد تفلتًا من الإبل مِن عقلها»؛ (رواه البخاري، ومسلم). وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: «إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعلقة، إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت»؛ (متفق عليه).
قال ابن عباس – رضي الله عنهما – تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم قرأ قوله تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه 123- 126]؛ ا. هـ.
وروى أنس – رضي الله عنه – أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعُرضت علي ذنوب أمتي، فلم أر ذنبًا أعظم من سورة من القرآن أو آية أُوتيها الرجل ثم نسِيها»، ويا للأسف استبدلوا الخبيث بالطيب، أكبوا على الجرائد والمجلات والكتب الخليعات، بدل تلاوة كتاب الله، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
شعرًا:
قد بلوت الناس حتى *** لم أجد شخصًا أمينـــــا
وانتهت حالي إلى أن *** صرت في البيت حزينـا
أمدح الوحدة حينًــــا *** وأذم الجمع حينــــــــــا
إنما السالم من لــــــم *** يتخذ خلقًا قرينـــــــــــا
وفي الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن علي – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إنها ستكون فتن». قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: «كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصَمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلَّه الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن، ولا تنقضي عجائبه، ولا تشبع منه العلماء، من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم»، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
_____________________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالعزيز السلمان
Source link