الكثير منا يصل إلى القمة، لكن القليل منا من يثبت، كم من تجارات! وكم من شركات! وكم وكم وصلوا إلى منزلة عالية، لكنهم لم يحافظوا على مكاسبها، لم تطور نفسها، لم تبذل في أن تبقى وتنافس…
أولًا: نعمة الإسلام:
والله إن أعظم مكسب يجده الإنسان في حياته أن تكون ابنًا لأمٍّ مسلمة وأب مسلم، وناهيك أنك في بلاد الوحي والقرآن، وبلاد السنة، ومع ذلك رزقك الله سبحانه وتعالى الإسلام، وهذا من أعظم المكاسب وينبغي للإنسان أن ينتبه له، بالأمس القريب تجد الاحتفالات بالمولد، الاحتفالات بالنصرانية، احتفالات بالكفر وغيرها، كل هذه الأشياء أنت في نعمة من الله سبحانه وتعالى أنك تنطق الشهادة؛ لا إله إلا الله محمد رسول الله، للأسف اليوم بعض الأبناء وبعض البنات لا يعرفون هذه النعمة، وأنه مكسب عظيم، بل إن الله قال إنه لا يقبل من أحد إلا الإسلام: ﴿ {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} ﴾ [آل عمران: 19]، مهما ضاع العمر وضاعت الأوقات، فلن يقبل الله سبحانه وتعالى منك إلا الإسلام، فهذا مثال، وهو مثال عظيم، يجب أن نحافظ عليه، بعض الناس يتهاون به، يأتي بما يقدح بهذا الدين، ويقدح بهذا الإسلام؛ كما ورد في كتاب التوحيد: ((لما جاء رجل فقال: قرِّب ولو ذبابة، فقرَّب ذبابة، فدخل النار))، والعياذ بالله لاحظوا معي، هذا الدين قد ينتهي بشيء بسيط أنت تستصغره بعينك، ولكنه عند الله سبحانه وتعالى عظيم، البعض منا يغتر بما عمل من الطاعات والأعمال الصالحة والصدقات، ثم يجلس يفكر فيها، فإذا هي عظيمة جدًّا، لكن قد يأتي الإنسان في لحظة لا يحافظ على هذا، وكلكم تحفظون هذا الحديث، وهو لما قال أحدهم لما رأى العاصي الذي خالف أمر الله سبحانه وتعالى: ((والله لا يغفر الله لفلان))، ماذا قال الله جل وعلا؟ (( «من ذا الذي يتألَّى عليَّ، والله لأغفرن له، ولأُحبطن عملك» ))، لاحظوا المكسب ضاع بكلمة، فلذلك أيها الإخوة عظيمٌ أن نعرف هذا المكسب، وأن نبين لأبنائنا عِظَمَ هذا الدين، وأن الله لا يقبل إلا هذا الدين.
من المكاسب العظيمة في هذه البلاد المباركة سأتحدث عن كثير من المكاسب لكن سأمر عليها سريعًا، من أعظمها وأجلِّها أننا في بلد وفَّقه الله جل وعلا لولاةِ أمرٍ يحكِّمون شرع الله، هذه نعمة لا يوازيها نعمة، أن توفق في بلاد الحرمين لولاة أمر خصَّهم الله سبحانه وتعالى ووفَّقهم لتطبيق شرعه، وهذه نعمة من نعم الله، ومكسب عظيم، انظر إلى حواليك شرقًا وشمالًا وغربًا وجنوبًا تجد أغلب البلاد فيها ولاة أمر لا يقومون أمر الله سبحانه وتعالى، بل مخالفين، بل يأتون بما يناقض شرع الله جل وعلا، إلا هذه البلاد جعلت كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم دستورًا لها؛ فهذه من المكاسب العظيمة التي يجب أن نقف عليها، وأن نحمد الله عليها، وأن نحافظ عليها، وأن نقاتل ونجاهد على أن يبقى هذا الأمر العظيم الذي كان فيه نصرة الإسلام والمسلمين.
من نشر التوحيد؟ من نشر الإسلام؟ من نشر ومن نشر؟ فإن هذه من الأشياء المهمة جدًّا جعلتُها كبداية لهذا اللقاء، أن نحافظ على هذه النعمة الكبرى، والله نحن محسودون عليها، والكل يتمنى أن تزول هذه النعمة، وأن يزول هذا المكسب، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا في ولاة أمرنا، وأن يجعلهم هداة مهديين يا رب العالمين.
أيضًا من المكاسب المهمة جدًّا في حياة الإنسان هي العلاقات الاجتماعية مع جيرانك مع أحبابك مع أقاربك مع أرحامك، هذه العلاقات والمكاسب عظيمة جدًّا، وقد سمعت قصة عظيمة يرويها أحد المشايخ الكرام أن رجلًا عنده أخ، وكانت لديهم تجارة، وكان يعطيه نهاية كل شهر مبلغًا قدره عشرون ألف ريال، وبعض الوشاة وبعض الذين يكذبون من هنا وهناك قال: عشرون ألف قليل؛ أخوك يكسب ملايين، فلما اشتكاه إلى القاضي، وجاء أخوه قال للقاضي حتى يحافظ على العلاقة والمكسب العظيم: كل مالي سجله باسمه، وهو أمر خطير جدًّا، لكنه علم أن المكسب الحقيقي أن تكسب أخيك، وأن تبقى هذه الدائرة، وبعض الناس الآن يأتينا في بعض المجالس وبعض الأقارب، يا أخي، فلان ما احترمك، فلان ما قدرك، فلان ما أجلك، فلان ما دعاك، فلان ما فعل؛ كل هذه الكلمات ضعها جانبًا، وحافظ على هذه العلاقة، حافظ على هذه الرحم.
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: أصِلهم ويقطعونني، قال: (( «كأنما تسفهم المل» ))؛ اصبر يا أخي واحتسب، هذا مكسب ينبغي للإنسان أن يحافظ عليه، كثير من الناس الآن لا يهتم لهذه النقطة وهي قضية المكاسب، ومن المكاسب العظيمة أيضًا أن يكون بيتك عامرًا مفتوحًا، والكل يدخله، والكل يتحدث عنه، والكل يجلس فيه، والكل يذكر الله سبحانه وتعالى فيه، هذا توفيق ومكسب لا يكون إلا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى، هذه النقاط المهمة جدًّا في حياة الإنسان أن يحافظ على هذه المكاسب.
أيضًا العلاقات الاجتماعية، ومن ضمنها العمل، ومن ضمنها الجيران، ومن ضمنها كثير من العلاقات التي تتعب وتتعب لسنوات، فأخشى أن يأتي يوم من الأيام لا تحافظ على هذا المكسب العظيم، هذا أمر مهم جدًّا.
نرجع إلى قضية المال، وما أدراك ما المال؟! البعض منكم يحب المال، وهذا أمر طبيعي، الله سبحانه وتعالى ذكره: ﴿ {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ…} ﴾ [آل عمران: 14].
ما رأيت إنسانًا يحافظ على ماله إلا زاد، وليس الحفاظ عليه أنك تكنزه، لا، ما رأيت إنسانًا حافظ على المكاسب إلا نمت، الكثير منا يصل إلى القمة، لكن القليل منا من يثبت، كم من تجارات! وكم من شركات! وكم وكم وصلوا إلى منزلة عالية، لكنهم لم يحافظوا على مكاسبها، لم تطور نفسها، لم تبذل في أن تبقى وتنافس، اكتفت بالمال الذي كسبت ثم بعد ذلك بدأ ينزل شيئًا فشيئًا، الوصول للقمة ليس هو الهدف، ولكن المحافظة على أن تبقى في القمة هذا هو الهدف، كثير منا اليوم يتعلم هذه الطرق، ويتعلم هذه المكاسب، ولكن لا يحافظ عليها، العنوان هو (كيف نحافظ على المكاسب؟) أي مكسب في حياتك، اليوم مرَّ عليَّ مقطع لأخ سوداني قديم لكنه والله أثَّر فيَّ، ما أمل من سماعه، لما سألوه: كيف حالك؟ قال: والله أنا في زحام من النعم، تخيل هذه الكلمة في زحام من النعم، بعض الناس يقول: ماشي الحال، مستورة، خليها تمشي يا بن الحلال، وأنا متأكد أنه بحاجة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، قال: أنا في زحام من النعم، ولكن كيف تحافظ على هذه النعم؟ وهو أساس لقائنا، وينبغي للإنسان أن يعرف ويتأمل في ذلك، أول أمر وهو نقطه مهمة في أن تحافظ على المكاسب؛ وهو أن تعرف أهمية هذا المكسب.
هناك جوهرة لا يضعها صاحبها في الشارع؛ لأنه يعرف قيمتها، وليس في أي غرفة، وليس في المجلس، وليس في الصالة، وليس في غرفة النوم، بل أدق الدق في الخزنة؛ لأنه يعرف قيمة هذه الجوهرة؛ لذلك إذا أردت أن تحافظ على هذه المكاسب يجب أن تعرف قيمة هذا المكسب، أغلب الناس زهدوا في مكاسبهم؛ لأنهم لا يعرفون قيمتها، وسأضرب لك كثيرًا من الأمثلة:
بعض الناس ليس لديه أصحاب ولا أقارب، وليس له علاقات، ويعيش منعزلًا عن الناس، ويموت ولا أحد يدري عنه، فلذلك ضاع هذا العمر دون أن يتعرف على الناس وعلى المكاسب الأخرى فلذلك مهم جدًّا أن تحافظ على هذه المكاسب، إذا عرفت أهمية المكسب والله ستحافظ عليه، اليوم كثير منا عنده أطفال، وعنده زوجات، وعنده سيارات، ولكن من منا يحافظ عليها؟ من يعرف قيمتها؟ من يعرف قيمة هذا الموضوع؟ فلذلك أول نقطة في الحفاظ في المكاسب أن تعرف قيمة هذا المكسب، وأن تحافظ عليه.
لا يمكن لأي إنسان أن يصل لمرحلة عالية إلا بالمجاهدة؛ ﴿ {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} ﴾ [العنكبوت: 69]، ما في أحد نال شهادة بالمجان، ما في أحد نال مالًا بالمجان، ما في أحد نال منصبًا بالمجان، جاهد وتابع وثابر واجتهد؛ لذلك إذا حصلت على شيء فاجتهد في المحافظة عليه، إياك أن تتركه للسُّراق، البعض منا يترك ما يكسبه للسراق، فلا يجتهد في المحافظة عليه، يحتاج إلى مجاهدة عالية جدًّا جدًّا منا، وهذا أمر لا يخفى عليكم، يجب على الإنسان أن يجاهد في المحافظة على المكسب، أي أنسان وصل إلى مرحلة من المراحل من المكاسب دون أن يجتهد في المحافظة عليه فلن يستطيع، لا بد أن تبذل وقتك، جهدك، عملك، فراغك، طاقتك، نومك؛ كله من أجل أن تحافظ على هذه المكاسب، وهذا أمر قد لا ينتبه إليه الكثير.
من الأمور التي على المحافظة على المكاسب بعد الأهمية والمجاهدة، لدينا أمر مهم جدًّا في العلاقات الاجتماعية والأسرية لا يمكن أن تحصل على مكسب وتحافظ عليه إلا بالتنازل، بعض الناس يقول كيف أتنازل عشان أحصل على مكسب، ترى مهم جدًّا إنك تعرفه اليوم الشهر كله بالميلادي، أغلب الشركات الآن تضع ماذا؟ تخفيض وتخفيضات تخسر مكاسب، لكن هو تنازل عن هذه المكاسب من أجل مكاسب أخرى، أنا أتنازل عن علاقتي مع الآخرين من أجل مكاسب أخرى، أغض الطرف عن أشياء من أجل أمور أخرى؛ ولذلك مهم جدًّا أيها الإخوة في العلاقات جميعًا أن يكون عندنا التنازل، طيب أعطنا شيئًا يا شيخ صالح في قضية التنازل من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم – واحد منكم يعرف – أمثلة كثيرة، سأذكر مثالين، ولن أطول فيها؛ المثال الأول قضية صلح الحديبية تنازل النبي صلى الله عليه وسلم ولا ما تنازل؟ تنازل عن أشياء كثيرة، ولكن كسب أشياء كثيرة، في لحظتها الصحابة غضبوا وحزنوا؛ لأن النبي صلى عليه وسلم وقع مع الكفار صلح الحديبية، ويرون فيه غبنه لهم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم تنازل لشيء أعظم، والله ما دعاني أتنازل، ما كلمني أتنازل قط عليَّ كلمة في المجلس، لكن أتنازل، لكني أكسب شيئًا آخر، وهذا أمر مهم جدًّا.
والله لن تحافظوا على المكاسب إلا بالتنازل؛ النبي صلى الله عليه وسلم وهو في العلاقات الأسرية جاءته زوجته سودة كبيرة في السن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كأنه وصلها خبر أُشيع أنه سوف يطلقها، قالت أنا سأخسر أخسر شيئًا كبيرًا، لو طلقني النبي صلى الله عليه وسلم، لكن سأتنازل عن شيء من أجله من أجل أن تحافظ على المكاسب الكبرى، تنازلت عن ليلتها لعائشة لأحب أزواجه عائشة، طبعًا المرأة والله لو أنها كبيرة في السن فيها من الغيرة ما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن تنازلت لعائشة لأحب أزواجه عائشة، واختارت عائشة بذاتها لحب النبي صلى الله عليه وسلم لها، لكن وش المكسب؟ لا ينام عندها النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الحديث، ما هو المكسب لسودة من تنازلها ترى عظيم؟ تظل أم لمن؟ للمؤمنين تظل زوجة لمن؟ للنبي صلى الله عليه وسلم، أخسر ليلة، أتنازل عن ليلة، لكن أبقى وهذا مهم جدًّا أيها الإخوة في قضية أنني أحافظ على المكاسب وهذا مهم جدًّا.
أيضًا من أعظم الأمور التي يحافظ الإنسان عليها وتعال إلى أي شخص حصل وظفر على مكاسب عالية في علاقاته وفي معاملاته، فلن تجد إلا أنه كان يحافظ على الصبر، أعطيكم مثالًا آخر من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وهو مهم جدًّا.
جاءت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم وهي تصرع، فيها مرض الصرع، شوفوا المكسب العظيم، وشوفوا المقابل له، ماذا قالت؟ يا رسول الله إني أصرع فادعُ الله لي أن أشفى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( «أتصبرين ولكِ الجنة» ؟)) قالت: نعم، قالت: يا رسول الله، إني إذا صرعت أتكشف، فادعُ الله لي ألَّا أتكشف، تراها الآن قارنت وتصوروا يا إخوان، في جنة وفي شفاء، مكسب وهذا مكسب؛ يعني تعيش نقية صحيًّا في الدنيا أم الجنة، قالت: يا رسول الله ادعُ أن يكون لي الجنة وأصبر، فلما صبرت ظفرت، وكان المكسب عظيمًا أيها الإخوة، وهذا الأمر مهم جدًّا ينبغي أن ننتبه له.
أيضًا أي حرب يدخلها الإنسان فيها خسارة وربح، وأي معركة يدخلها الإنسان من اسمها يروع مجرد معركة، يروع اسمها، لكن القائد الذكي، القائد الفذ الذي يخرج من المعركة بمكاسب، وتسمى أقل الخسائر، أي قائد عسكري يجب أن يكون عنده هذا الأمر، خالد بن الوليد لما كان في الغزوة ومسك زمام الغزوة، ثم وضع خطته ثم رجع إلى المدينة، ثم اتُّهم بأنه من الفُرَّار بل قال: (( «أنتم من الكُرَّار» ))، استطاع أن يحافظ ويبقي الجيش قويًّا؛ لأنه تنازل عن أشياء من أجل أن يُبقي أشياء، فهذه من المكاسب العظمى أيها الإخوة.
ما منا من أحد إلا ويجلس مع نفسه ويتأمل في مكاسبه العظام اليوم، وأنا أتكلم بكل واقعية، كثير من الناس تنازل عن مكاسب كثيرة جدًّا، دون أن يشعر، بل وجعلها تنتهي بلحظة، وهذا أمر خطير جدًّا، تجد البعض اليوم يعيش فترة طويلة مع أسرته، لكنه لم ينتبه لهذه الأسرة، ولم يحافظ على المكاسب لديه، ولو جلسنا نتطرق لكثير من المشاكل، وكثير من الأمور التي تقع فيها الأسرة لندى لها الجبين، تجد بعض الناس متزوجًا من واحدة – موحد لله جل وعلا – راكده أموره طبعًا، لا ندعو أننا ضد هذه الأمور، هذه الأمور الشرعية والمشروعة، ولكن تجد عنده مكسبًا عظيمًا، ولكن يريد أن يبحث عن زوجة أخرى وزوجة ثانية لديه مكسب، ولكن قد يأتي بأمر آخر يخرب عليه المكسب الثاني، يريد أن يكحلها فأعماها، حقيقي واقعي، ولو كانت له أمور، ولكن ينبغي للإنسان أن ينتبه لها، وهذه مهمة جدًّا.
في قضية أن الإنسان يضيع هذه الحياة، فيريد أن يكحل عينًا فيعميها، يريد أن يشعر ويعيش، لكن يضيع جيلًا، يضيع أبناء، ليس أي شخص يناسبه التعدد، أقوله بكل صراحة هو مشروع حياة، ومشروع يجب أن ننتبه له، فلذلك بعض الناس في علاقته الزوجية قد يفسد ويضيع مكاسبه، من أجل أن يقول والله أتزوج، وهذا حلال، وليس لديه أي مقومات التعدد، ترى الرجال ليسوا سواء، والرجل ليس معناه الإنسان عندك مال، أو عندك قوة أو نشاط، أو صحة أو قدرة، يعني باءة، تقول ابتزوج، بعضهم لا يستطيع أن يدير، لا يدير حياته الزوجية، فالزواج من أخرى لا يستطيعه إلا رجل يدير فعلًا، وقائد يدير هذه المكاسب، وقد يضيف مكسبًا آخر، ليس هناك مانع أن الإنسان ضد التعدد، لكن ليس لأي شخص أن يستطيع ذلك، فيضيع نفسه ويضيع الأخرى.
أيضًا من الأمور وهو في العلاقات الأسرية وهو مهم جدًّا بعض الآباء والأمهات الحاضرين، الذين يسمعون لديه أبناء، ولكن يفرط فيهم، يفرط في التعامل معهم، يعني نفرح وكلنا ذاك الرجل الذي في البداية أول ما بشر أن زوجته حبلى بأول مولود، طار من الفرح وفرح شديد، ولكن بعد عشرين سنة هذا المكسب، أنت أول من ضيعه، وأول من فرط فيه أنت، فلذلك من أعظم المكاسب هي الذرية؛ لذلك: ﴿ {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} ﴾ [الفرقان: 74].
وأهم وأعظم خسارة ليست المال، وليست النفس؛ إنما قال الله جل وعلا في كتابه: ﴿ {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ﴾ [الزمر: 15].
هذا أخطر شيء تجيء يوم القيامة تبحث عن نفسك خسرتها، تبحث عن أهلك وأولادك خسرتهما؛ لذلك أيها الإخوة انتبهوا لهذه النقطة العظيمة، وهي قضية مكسب الأبناء، وأنا أعرف ناسًا حرموا الأبناء والذرية، وأخذوا يعالجون، ودفعوا الأموال الطائلة من أجل أن يأتيهم ذرية، وفرحوا بها فرحًا شديدًا، والبعض يتمنى، لكنه ما استطاع؛ لذلك أنت في نعمة فارعها، ينبغي على الإنسان أن ينتبه لذلك المكسب، نجد أن بعض الآباء يفرطون في التربية، في فترة يفرطون في الجلوس، يفرط في النصح والتوجيه والإرشاد، بعد فترة من الزمن يعض على أصابع الندم، يا ليتني ما فرطت في تربيتي لأبنائي؛ فلذلك بعض الآباء والأمهات يفرطون في قضية، وهي من أعظم القضايا؛ وهي تربية الأبناء وتربية البنات؛ فلذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرط فيها، وحافظ عليهم صغارًا، وحافظ عليهم أول ما تزوجوا، وحافظ عليهم بعد الزواج، وحافظ عليهم حتى بعد الأولاد، وهذا أمر خطير جدًّا يغيب عن بعض الآباء، أنت ملزم بالمحافظة على أبنائك من الصغر، بل أعظم محافظة أنك تختار أم لهم؛ ((تخيَّروا لنطفكم))، هذا أمر يغفل عنه الكثير من الآباء.
النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع بناته أمر عجيب وأمر غريب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليهم محافظة شديدة، ويتعهد البنت ويستمع لها، ويرحب بها، ويزورها في بيت الزوجية، المحافظة على المكسب، ما يقول والله زوجتها عليٌّ، وانتهى الموضوع زوجتها رابع الخلفاء وانتهى الموضوع، بل جاءها في بيتها من الروايات، وهذا دليل أنه يحافظ على المكسب أول ما دخل عليها ما قال: أين زوجك؟ ما قال: أين أبو الحسن والحسين؟ قال: أين ابن عمك؟ شف اللفظة هاذي، قالت: أنا غاضبته، فخرج، اتهمت نفسها أنها هي أغضبته، فقال: ادعوه، ثم بحثوا عنه، فوجدوه في المسجد، وقد أثر التراب عليه، قال: «قم أبا تراب» هذه المحافظة، أين أنت أيها الأب اليوم من المحافظة على أبنائك؟ كم من أبٍ ضيَّع في تربية أبنائه؟ (( «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته» ))، وهذا أمر غفل عنه الكثير أيضًا.
من بعد قضية الصبر يكون عندنا أمر مهم جدًّا؛ وهو قضية الدعاء، والبعض منا اليوم صلى العشاء، أنا أسألك سؤالًا: هل دعوت الله أن يحفظ لك مكاسبك؛ مالك، صحتك، علمك، أبناءك، آباءك، أمهاتك، كل من حواليك؟ هل دعوت الله أن يحفظهم لك؟ البعض منا يغفل عن هذا الأمر، وأفضل طريقة للمحافظة على المكاسب الدعاء؛ ﴿ {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} ﴾ [الفرقان: 74]، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( «ورُزقت حبها» ))، الرزق من الله سبحانه وتعالى، الحب والمال، والعلم والقوة، والنشاط والشفاء، إذًا من أجل أن نحافظ على هذه المكاسب أن يحافظ، وأن تبقى.
ومن أعظم الحفاظ على المكاسب بعد الدعاء الشكر، بعضنا يغفُل عن الشكر، وكلكم تحفظون الآية: ﴿ {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} ﴾ [إبراهيم: 7]، من منا يشكر الله جل وعلا على هذه النعم، في يوم من الأيام مجلس كان سبب هدوء في ذكري، وفي استشاراتي، لما كان خلاف بين زوج وزوجة، عشان الأبناء أول كلمة قلتها لهم وهم مختلفون: أبناؤكم هل هم راضون؟ قالوا: لا، هل هم كل يوم منادينكم في الشرطة؟ قالوا: لا، هل كل يوم مودينهم مستشفى مرضى؟ إذًا أنتم في نعمة، فاشكروا الله عليها، يخالفك في بعض الأمور، ما انتهت الدنيا.
فلذلك من أعظم المحافظة على المكاسب أن تشكروا الله جل وعلا على هذه النعمة، أنت اليوم في نِعَمٍ وفي مكاسب، لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، ولن تقيد إلا بشكر الله جل وعلا.
أيضًا من المحافظة عليها أيها الإخوة المحافظة على المكاسب أن الإنسان يديم شكر الله جل وعلا، ويديم الصلة بالله جل وعلا في دعائه، ويديم أن يضع على هذه النعم وهذه المكاسب من الحراسات، وأعظم ما يحرس ويحفظ هذه النعم الصدقة، والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنها…… بل تزيده، يتصدق الإنسان، بل تزيده، طيب من الناس يقول لك: أنا ما أملك مالًا يا أخي، أنت تملك علمًا، ما تملك مالًا ولا علمًا، تملك قوة ونشاطًا، ما تملك يا أخي، أستغفر للمسلمين والمسلمات.
أيها الإخوة:
أتمنى أن ننظر إلى هذه المكاسب بنظرة إيجابية لا بنظرة سلبية، وأن تستغل بطاعة الله لا في معصيته، واليوم أخذت هذه المكاسب، واستغلت في غير طاعة الله، فتحولت عكسيًّا، ونرى وهذه مهمة جدًّا أيها الإخوة أن الله جل وعلا إذا قيَّدت النعمة بالشكر قرت، وإذا لم تشكر وجاء بدلها الكفر فرت، وهذه من أعظم النقاط التي ينبغي أن ننتبه لها.
اليوم أيها الإخوة كثير من الناس بعيد عن هذه المكاسب، أحد الشباب أعرفه شخصيًّا عنده مكسب، وعنده شيء يمكن موب عند الآخرين، قال: اليوم أوقفت شيئًا عظيمًا، قال: وش أوقفت، قال: أوقفت علمي لله جل وعلا.
ترى صدقة هذا، أنت تعلِّم الناس صدقة، بل أنت المتفضل على نفسك، وأنت تخرج ما لديك للآخرين، والحديث عن هذا الموضوع مهم جدًّا، ففيه من الناس اليوم من لديه مكاسب، لا يحافظ عليها، كثير من النعم لا يحافظ عليها.
كثير من المواقف الأسرية، لكن لا يحافظ عليها، كثير من الأشياء التي منَّ الله بها عليه، لكن لا يحافظ عليها، وهذه من الأمور التي يغفل عنها كثير اليوم.
أيها الإخوة، لعل ما ذكرناه فيه نوع وتذكير، وأنا أتمنى أستمع إليكم ولمناقشاتكم، وأيضًا نتمنى أن نستفيد وقد مدخلاتكم، نذكر فيها شيئًا من الأمور، ولو جلسنا نتحدث عن هذه الأمور، وعن هذه العلاقات، وهذه المكاسب، لطال بنا المقام، ولكن نتكلم بشيء قليل، وتصل الرسالة أفضل من أن نتكلم بشيء كثير، ولا تكون هناك رسالة أو هدف يصل.
____________________________________________
الكاتب: صالح بن حسن العموش
Source link