أسباب زيادة الرزق – طريق الإسلام

مفاتيح الرزق: تقوى الله تبارك وتعالى – التوبة والاستغفار – بر الوالدين وصِلة الرحم –  الإنفاق في سبيل الله –  الإحسان إلى الضعفاء –  استحضار القلب في العبادات –  شكر الله على النعم الموجودة – الزواج – التوكُّل على الله –  الاستغفار.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تتنزَّل الخيرات والرحمات، والصلاة والسلام على رسول الله البشير النذير والسراج المنير، ورضي الله عن الصحابة والتابعين لهم إلى يوم الدين، أما بعد:

أسباب زيادة الرزق:

كتب الله تعالى لكل عبد رزقًا لا يأخذه غيره.

إن الآجال والأرزاق بيد الله تعالى وحده.

 

فقضية الرزق من حيث الإيمان بها جزء مهم من الاعتقاد في الله تعالى، فالله سبحانه تكفل للخلق بالرزق مهما كانوا وأينما كانوا، مسلمين كانوا أو كافرين، كبارًا أو صغارًا، رجالًا أو نساءً، إنسًا وجنًّا، طيرًا وحيوانًا، قويًّا وضعيفًا، عظيمًا وحقيرًا، قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود: 6]، وقال: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: 22، 23].

 

• عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( «إن رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها، وتستوعِبَ رزقَها، فاتَّقوا اللهَ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ» ))؛ (فأخرجه الطبراني في الكبير (7694)، وأبو نعيم في الحلية (10/ 26 – 27)) .

 

• إن الأرزاقَ مقسومةٌ ومُقدَّرةٌ كالآجالِ، ولو فرَّ الإنسانُ من رِزْقِهِ كما يَفِرُّ من أَجَلِهِ لأَدْركَهُ رِزْقُه كما يُدْرِكُه أَجَلُه.

 

• عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا الصادق المصدوق: (( «إنَّ أحدَكم يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بطنِ أمِّه أربعينَ يومًا نطفةً، ثم يكونُ علقةً مثلَ ذلك، ثم يكونُ مضغةً مثلَ ذلك، ثم يبعثُ اللهُ إليه ملَكًا، ويُؤمرُ بأربعِ كلماتٍ، ويُقالُ له: اكتبْ عملَه، ورزقَه، وأجلَه، وشقيٌّ أو سعيدٌ، ثم ينفخُ فيه الروحَ، فإنَّ الرجلَ منكم ليعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ، حتى لا يكونَ بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبقُ عليه الكتابُ، فيعملُ بعملِ أهلِ النارِ، فيدخلُ النارَ، وإنَّ الرجلَ ليعملُ بعملِ أهلِ النارِ، حتى ما يكونُ بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبقُ عليه الكتابُ، فيعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ، فيدخلُ الجنةَ» ))؛ (أخرجه البخاري (3208)، ومسلم (2643)) .

 

• كتب اللهُ عَزَّ وجَلَّ أقدارَ الخَلائِقِ في اللَّوحِ المَحفوظِ، وهي واقِعةٌ وَفْقَ ما قَضَى اللهُ عَزَّ وجَلَّ وقَدَّرَ.

إذَا ما ضَاقَ صدرُكَ من بـلادٍ   ***   ترحَّلْ طالبًا بلدًا سواهـــــــــــا 

عجبتُ لمنْ يقيمُ بـأرضِ ذلٍّ   ***   وأرضُ اللهِ واسعةٌ فضاهـــــــا! 

مشيناها خُطًى كُتبتْ علينـا   ***   ومَن كُتِبتْ عليه خُطًى مَشاها

وأرزاقٌ لنا متفرِّقــــــــــــاتٌ   ***   فمنْ لم تأتهِ منَّا أتاهـــــــــــــــا 

ولا تجزع لحادثة اللَّيـــــالي   ***   فكلُّ مصيبةٍ يأتي انتهاهــــــــا 

ومنْ كانتْ منيَّتُه بــــــأرضٍ   ***   فليسَ يموتُ في أرضٍ سِواهـا 

 

• وبيَّن القرآن والسنة الأسباب: التي تزيد من رزق الإنسان من علم الله تعالى الأزلي لهذا الرزق، من ذلك:

هناك من الأسباب المشروعة لزيادة الرزق ما يحسن أن نشير إليه وننبه عليه؛ أخذًا بالأسباب الشرعية، وحذرًا من الابتداع في الدين والمزايدة بغير دليل، فمن ذلك:

أولًا: الاستغفار: قال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10- 12].

 

ثانيًا: صلة الرحم:

لما روى البخاري (2067) ومسلم (2557) عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» )).

 

قال النووي رحمه الله: بَسْطُ الرِّزْق: تَوْسِيعه وَكَثْرَته، وَقِيلَ: الْبَرَكَة فِيهِ؛ انتهى.

 

ثالثًا: كثرة الصدقة:

فقد قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39].

 

وروى مسلم (2588) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ» )).

 

قال النووي رحمه الله: ذَكَرُوا فِيهِ وَجْهَيْنِ: أَحَدهما مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُبَارَك فِيهِ، وَيَدْفَع عَنْهُ الْمَضَرَّات، فَيَنْجَبِر نَقْص الصُّورَة بِالْبَرَكَةِ الْخَفِيَّة، وَهَذَا مُدْرَك بِالْحِسِّ وَالْعَادَة، وَالثَّانِي أَنَّهُ وَإِنْ نَقَصَتْ صُورَته كَانَ فِي الثَّوَاب الْمُرَتَّب عَلَيْهِ جَبْرًا لِنَقْصِهِ وَزِيَادَة إِلَى أَضْعَاف كَثِيرَة؛ انتهى.

 

رابعًا: تقوى الله عز وجل:

قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3].

 

خامسًا: الإكثارُ من الحج والعمرة والمتابعة بينهما:

لما روى الترمذي (810) عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ» ))؛ صححه الألباني.

 

سادسًا: الدعاء:

لما روى ابن ماجه (925) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ: (( «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا» ))؛ (صححه الألباني في صحيح ابن ماجه) .

 

سابعًا: التفرغ لعبادة الله:

بمعنى وقت الصلاة صلاة، ووقت الحج حج، ووقت الصيام صيام؛ أي: كل عبادة تُؤدَّى في وقتها، وإذا نادى المنادي (الله أكبر) تتجه إلى الصلاة وتترك كل شيء يشغلك عنها، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (( «إن الله تعالى يقول: يا بن آدم، تفرَّغ لعبادتي أملأ صدرك غنًى وأسدُّ فقرك، وإلا تفعل ملأت يديك شغلًا ولم أسد فقرك» ))؛ (أخرجه الترمذي (2466)، وابن ماجه (4107)، وأحمد (8681) مختصرًا، والحاكم (3657) وصححه الألباني) .

 

ثامنًا: التوكل على الله:

قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} [الطلاق: 3]، وعن عمر بن الخطاب رضي الله قال: قال صلى الله عليه وسلم: (( «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوْحُ بِطَانًا» ))؛ (أخرجه الترمذي (2344)، وابن ماجه (4164)، وأحمد (205) واللفظ له) .

 

البكور حقيقة التوكل: هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح، ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها، وكِلَة الأمور كلها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه.

 

وتحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدر الله سبحانه المقدورات بها، وجرت سنته في خلقه بذلك، فإن الله تعالى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكُّل، فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة له، والتوكُّل بالقلب عليه إيمان به.

 

تاسعًا: الخروج أول النهار:

عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» ؛ أخرجه الطبراني (8/ 24 رقم 7277)، وأحمد (3/ 431 رقم 15595)، والدارمي (2/ 283، رقم 2435)، وأبو داود (3/ 35، رقم 2606)، والترمذي (3/ 517، رقم 1212) وقال: حسن. وابن حبان (11/ 62، رقم 4754)، وأخرجه أيضًا: الطيالسي (ص 175، رقم 1246)، والبيهقي (9/ 151، رقم 18237)، وصححه الألباني (صحيح سنن ابن ماجه، رقم 2236).

 

(بكورها)؛ أَيْ: أَوَّل نَهَارِها.

 

في هذا الحديث فائدة عظيمة قلَّما يَعِيها الناس؛ ألا وهي أنَّ هذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة في الرزق لمن يُبَكِّر إلى طلبه، وكما هو معلوم أن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم مستجاب ولا يرد؛ لذلك ينبغي على الإنسان المسلم أن يسعى ليس إلى رزقه فحسب، بل إلى طلب العلم أو أية حاجة كانت له بعد صلاة الفجر كما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين.

 

البكور: هو الصباح؛ لأن الأرزاق تُقسَّم وقت الفجر بعد الصلاة وليس وقت النوم.

 

عاشرًا: الصلاة:

يقول الله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132]، أين نحن من هذا الخير العظيم يا من أثقلت عليه الديون والهموم وقلة المال أوصيك أن تتوضَّأ ثم صلِّ وأطل في سجودك واطلب من ربك خيري الدنيا والآخرة، إن الصلاة مفتاح لكل خير، ويبارك الله لك في الرزق الحلال.

 

الحادي عشر: الهجرة:

بعض الناس له سنين في نفس المدينة وحاله كما هو، أنصحك أن تُغيِّر المدينة التي أنت فيها، لعل الله يفتح عليك في الرزق في مكان آخر، وكم من إنسان حاله كان ضيق المعيشة في بلده وانتقل إلى بلد آخر ففتح الله عليه الرزق، يقول الله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: 100].

 

وبالجملة فالطاعات كلها سبب لزيادة الأرزاق والبركة فيها.

تَوَكَّلتُ في رِزقي عَلى اللهِ خالِقـــــي   ***   وَأَيقَنتُ أَنَّ اللهَ لا شَكَّ رازِقــــي 

وَما يَكُ مِن رِزقي فَلَيسَ يَفوتَنــــــي   ***   وَلَو كانَ في قاعِ البِحارِ العَوامِقِ 

سَيَأتي بِهِ اللهُ العَظيمُ بِفَضلِـــــــــــهِ   ***   وَلَو لَم يَكُن مِنِّي اللِّسانُ بِناطِـــقِ 

فَفي أَيِّ شَيءٍ تَذهَبُ النَّفسُ حَسـرَةً   ***   وَقَد قَسَمَ الرَّحمَنُ رِزقَ الخَلائِــقِ 

 

خلاصة المقال:

مفاتيح الرزق:

أولًا: تقوى الله تبارك وتعالى.

ثانيًا: التوبة والاستغفار.

ثالثًا: بر الوالدين وصِلة الرحم.

رابعًا: الإنفاق في سبيل الله.

خامسًا: الإحسان إلى الضعفاء.

سادسًا: استحضار القلب في العبادات.

سابعًا: شكر الله على النعم الموجودة.

ثامنًا: الزواج.

تاسعًا: التوكُّل على الله.

عاشرًا: الاستغفار.

 

هذه مفاتيح والله هو الغني الفتَّاح العليم مالك الملك {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26].

 

قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 56 – 58].

 

{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر: 21].

 

«يد الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحَّاء الليل والنهار»، وقال:  «أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض، فإنه لم يغض ما في يده»، وقال:  «وعرشه على الماء، وبيده الأخرى الميزان، يخفض ويرفع»؛ (رواه البخاري: 7411، ومسلم: 993) سبحانه، حديث عظيم من أحاديث عظمة رب العالمين.

 

وفي رواية لهما: « «يمين الله ملأى، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض؛ فإنه لم ينقص ما في يمينه، وعرشه على الماء، وبيده الأخرى الفيض أو القبض يرفع ويخفض» »؛ (رواه البخاري: 7419، ومسلم: 993).

 

(آلاء الله تعالى وفضله على عباده):

عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ – رضي الله عنه – عَن النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا؛ فَلَا تَظَالَمُوا، يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَنْ هَدَيْته، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَنْ أَطْعَمْته، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَنْ كَسَوْته، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا؛ فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْت كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَته، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي، إنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا؛ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَد اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ» ؛ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ [رقم: 2577]) .

 

فضل الله عظيم ورزقه واسع شامل:

عليكم بالدعاء فهو المفتاح العظيم.

 

اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْأَرْضِ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ؛ أخرجه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع، برقم 2713، عن أبي هريرة.

 

ختاما:

نسأل الله أن يرزقنا وإياك.

 

اللَّهمَّ اكْفِني بحلالِكَ عَن حَرَامِكَ، وَأغْنِني بِفَضلِكَ عَمَّن سِوَاكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي.

 

وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

_____________________________________________________________
الكاتب: الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح ما يفعل من رأى الرؤيا أو الحلم

منذ حوالي ساعة الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه؛ فلينفث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *