تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (الحب الصادق بين الزوجين)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فلعلنا نُعنونُ لهذه الدروس بـ “الحب الصادق بين الزوجين“، وإذا كانت الشهادة من النبي صلى الله عليه وسلم فمعناه أن الموضوع قد انتهى بالصدق، وتصديق النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الحب، ولِمَ لا؟
أحبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم الجمادُ، وأحب النبيَّ صلى الله عليه وسلم العدوُّ قبل الصديق، وأحب النبي صلى الله عليه وسلم من سمعه، فكيف بمن رآه؟ وكيف بمن جالسه؟ وكيف بمن خالطه؟ وكيف بمن أكل معه صلى الله عليه وسلم؟ هذا اللقاء أوردُ فيه قصةً وردت في كتاب “سير أعلام النبلاء”، بسند صحيح، ونأخذ منها الفائدة والعبرة، ونتأمل فيها جميعًا؛ في مرض النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته اجتمع جميع نسائه صلى الله عليه وسلم حوله، وكان ممن حضر صفية، وكلكم يعلم صفية بنت حُيَيٍّ اليهودية في أصلها، وما تملكه من العقل والحكمة، وأيضًا حب النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت ترى النبي عليه الصلاة والسلام به وجع وألم شديد، وصداع شديد، وهي تنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وتسمع تشكِّيه عليه الصلاة والسلام، فقالت صفية: وددت ما بك يا رسول الله بي؛ أي: تمنيت أن الوجع الذي بك يا رسول الله بي، ولا يكون بهذا المنظر وبهذا التألم، صلى الله عليه وسلم، النسوة وأزواجه عليه الصلاة والسلام اعتقدن أن تلك الكلمة مجاملة للنبي صلى الله عليه وسلم، فغَمَزْنَها بأعينهن، يعني غمزوها يعني: كيف تقولين هذا الكلام أمام النبي صلى الله عليه وسلم؟ فأبصرهم النبي صلى الله عليه وسلم وهنَّ يغمزنها؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تمضمضن»؛ يعني: كأنه من باب التطهير والتنقي؛ يعني كأن هذه فعلة تحتاج إلى إزالة أوساخ، قال: «تمضمضن»، قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «من غمزكن لصاحبتكن»؛ لأنكنَّ غمزتنَّها، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والله إنها لصادقة».
هذا هو الحب الصادق، فنجد بعض الأزواج حتى في آخر رمق حياته، تدعو الله سبحانه وتعالى وتلطف على زوجها، والعكس كذلك من الزوج يقول: تمنيت أن ما أصابك بي، كما فعلت صفية رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم، فما أحوجنا أن يكون بيننا صدق في الحب! وأيضًا مراعاة عندما يكون الإنسان مريضًا، أو به أذًى، أو فيه تعب، أو يشتكي من شيء بين الزوجين، ليس فقط من الزوج أو من الزوجة، بل جميع الأزواج، كل منهم يبادل الآخر مشاعره.
وأعظم المشاعر إذا تكون صادقة وتخرج من القلب، وعندما يكون أحد الأطراف محتاجًا للطرف الآخر، إما أن تكون الزوجة مريضة أو الزوج مريضًا، أو محتاجًا، أو منهكًا، فيحتاج أن تتلطف معه، وهي أيضًا تحتاج أن يتلطف معها؛ لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والله إنها لصادقة»، ولا يعني ذلك أن بقية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا يحبونه، ولكن هي قالت هذه الكلمة من شدة حبها للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن شدة ما وجدت من ألم النبي صلى الله عليه وسلم، فما أحوجنا أن يكون بين الأزواج حب صادق في الرخاء، وفي الشدة! لا يكون في أول العمر، أو عندما يكون نشيطًا، أو عندما يكون شابًّا، وفي نهاية العمر يكون هناك قلة في الحب، لا.
فإن حب النبي صلى الله عليه وسلم مع أزواجه، وهو الحب الصادق من أول لحظة إلى آخر لحظة من حياته صلى الله عليه وسلم، أسأل الله بمنِّهِ وكرمه، أن يرزقنا حسن التأسِّي بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد…
___________________________________________________
الكاتب:صالح بن حسن العموش
Source link