قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الولاء لُحْمة كلُحْمة النسب، لا يُباع ولا يُوهب».
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الولاء لُحْمة كلُحْمة النسب، لا يُباع ولا يُوهب»؛ رواه الحاكم من طريق الشافعي، عن محمد بن الحسن، عن أبي يوسف، وصححه ابن حبان، وأعلَّه البيهقي.
المفردات:
الولاء؛ أي: ولاء العتق، وهو إذا مات العَتيق ورِثه مُعتِقه أو وَرَثةُ معتقه.
لُحمة كلُحْمة النسب: اللُّحمة – بضم اللام – هي القرابة.
لا يباع؛ أي: لا ينتقل بعِوَض.
ولا يوهب؛ أي: ولا ينتقل بغير عِوَض.
الشافعي: هو أبو عبدالله بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، المطلبي القرشي، ولد بغزة من فلسطين أو باليمن، سنة خمسين ومائة من الهجرة، ونشأ بمكة، وطلب العلم بها وبالمدينة المنورة، وقدم بغداد مرتين، وحدَّث بها، وخرج إلى مصر فنزلها إلى حين وفاته، وقد سمع من مالك بن أنس، وإبراهيم بن سعد، وسفيان بن عُيينة، وداود بن عبدالرحمن، وعبدالعزيز بن محمد الدراوردي، ومسلم بن خالد الزنجي، ومحمد بن الحسن الشيباني، وإسماعيل بن عُلَيَّة، وغيرهم، وعنه أحمد بن حنبل، وأبو ثور إبراهيم بن خالد، والحسين بن علي الكرابيسي، وسليمان بن داود الهاشمي، وغيرهم، وتوفي في آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين، رحمه الله.
محمد بن الحسن: هو أبو عبدالله محمد بن الحسن مولى بني شيبان، كان أصله من أهل الجزيرة، وكان أبوه في جند أهل الشام، فقدم واسط فولد محمد بها سنة اثنين وثلاثين ومائة ونشأ بالكوفة، وطلب الحديث، وسمِع من مِسعَر، ومالك بن مغول، وعمر بن ذر، وسفيان الثوري، والأوزاعي، وابن جريج، وغيرهم، وجالس أبا حنيفة وسمع منه، ونظر في الرأي فغلب عليه وعُرِف به، ونفذ فيه، وقدِم بغداد فاختلف إليه الناس يسمعون منه الحديث والرأي، وخرج إلى الرقة وبها هارون الرشيد أمير المؤمنين، فولَّاه قضاء الرقة، ثم عزله فقدم بغداد، فلما خرج هارون إلى الري أمره فخرج معه، فمات بالري سنة تسع وثمانين ومائة رحمه الله.
عن أبي يوسف: هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن بجير بن معاوية بن قحافة بن نفيل بن سدوس بن عبد مناف بن أبي أسامة بن سحمة بن سعد بن عبدالله بن قرادة بن ثعلبة بن معاوية بن زيد بن الغوث بن بجيلة البجلي، وكانت أم جده سعد بن بجير حبتة بنت مالك من بني عمرو بن عوف، فكانوا يعرفونه بها، ويقولون: سعد بن حبتة، وحالف جده بني عمرو بن عوف من الأنصار رضي الله عنهم، وقد اشتغل أبو يوسف رحمه الله بالحديث، وحفظ منه الكثير عن مطرف، وهشام بن عروة، والأعمش، وغيرهم، قال ابن سعد: وكان يحضر المحدث فيحفظ خمسين وستين حديثًا، فيقوم فيمليها على الناس، ثم لزم أبا حنيفة النعمان بن ثابت فتفقَّه، وغلب عليه الرأي؛ اهـ.
وقد تولَّى القضاء في بغداد إلى أن مات لخمس ليالٍ خلون من ربيع الآخر سنة اثنين وثمانين ومائة في خلافة هارون الرشيد.
البحث:
النهي عن بيع الولاء وهبته قد رواه الجماعة من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وتقدَّم الكلام عليه في الحديث السادس عشر، من كتاب البيوع.
أما حديث: «الولاء لُحْمة كلُحْمة النسب، لا يباع ولا يوهب»، فقد قال الحافظ في تلخيص الحبير: الشافعي عن محمد بن الحسن، عن أبي يوسف، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر بهذا، ورواه ابن حبان في صحيحه من طريق بشر بن الوليد، عن أبي يوسف، لكن قال: عن عبيد الله بن عمر، عن عبدالله بن دينار، وكذلك رواه البيهقي، وقال في المعرفة: كأن الشافعي حدَّث به مِن حفظه، فنسي عبيد الله بن عمر من إسناده، وقد رواه محمد بن الحسن في كتاب الولاء له عن أبي يوسف، عن عبيد الله بن عمر، عن عبدالله بن دينار به، وقال أبو بكر النيسابوري: هذا خطأ؛ لأن الثقات روَوْه عن عبدالله بن دينار بغير هذا اللفظ، وهذا اللفظ إنما هو رواية الحسن المرسلة، ثم ساقه الدارقطني من طريق يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البيهقي: ورويناه من طريق ضمرة عن الثوري، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر قال الطبراني: تفرَّد بن ضمرة؛ يعني: باللفظ المذكور، قال البيهقي: وقد رواه إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي عن ضمرة على الصواب؛ كرواية الجماعة؛ فالخطأ فيه ممن دوَّنه، وقد جمع أبو نُعيم طرقَ حديث النهي عن بيع الولاء وعن هبته، في مسند عبدالله بن دينار له، فرواه عن نحو من خمسين رجلًا أو أكثر من أصحابه عنه، ورواه الترمذي من حديث يحيى بن سليم عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، وقال: أخطأ فيه يحيى بن سليم، وإنما رواه عبيد الله، عن عبدالله بن دينار، وروى الحاكم من طريق محمد بن مسلم الطائفي، عن إسماعيل بن أمية عن نافع، عن ابن عمر مثل لفظ أبي يوسف، والطائفيُّ فيه مقالٌ، وتابعه يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية، قال البيهقي: ويحيى بن سليم ضعيف سيئ الحفظ، ورواه أبو جعفر الطبري في تهذيبه، وأبو نُعيم في معرفة الصحابة، والطبراني في الكبير من حديث عبدالله بن أبي أوفى، وظاهر إسناده الصحة، وهو يعكر على البيهقي؛ حيث قال عقب حديث أبي يوسف: يُروى بأسانيد أخر كلها ضعيفة؛ اهـ.
Source link