العولمة والإلكترونية – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة

من خلال الاستعراض السريع للأدبيات التي رجعتُ إليها في مجالي العولمة والتنمية البشرية – أستطيع الخروج بنتيجة عَجلى مفادُها أن الاستجابةَ لتداعيات العولمة تأتي على حساب توطين العمال في المنطقة بخاصة وفي العالم بعامة، وهذا مؤشر إذا تمَّ لا يُبشِّر بخير، لا سيما مع تزايد الإقبال على الحكومة الإلكترونية، واللجوء إلى التخصيص أو الخصخصة، واستخدامات التقنية في خطوط الإنتاج[1].

 

لقد كتبتُ مقالة سابقة باللغة الإنجليزية بعنوان: (النقص في القوى البشرية في المملكة العربية السعودية وأثره على خدمات المكتبات والمعلومات)، ودعوتُ فيها إلى الحكومة الإلكترونية، وكان ذلك سنة 1402هـ/ 1982م[2]، ولكني أعود الآنَ أكثر تحفُّظًا، حينما تبيَّن لي أن التوجه نحو الحكومة الإلكترونية بهذا القدر من الاندفاع قد يكون على حساب تنمية الموارد البشرية، وتهيئة سوق العمل، وإيجاد الإجراءات الإدارية والنظامية (القانونية) لذلك، بما في ذلك مشروعات التوطين التي تتبناها دولُ المنطقة.

 

مع ما للحكومة الإلكترونية من إيجابياتٍ ظاهرة، فإن بعضَ المتحفظين عليها يقتبس موقفَ حزبِ المحافظين البريطاني منها، حينما أبدى الحزبُ قلقَه من تطبيق التقنية المتطورة في السياسة، والمشكلات التي قد تجلبها للمواطنين، ومنها:

1- اختفاء حرية المواطن المدنية؛ لعدم وجود رقابةٍ حقيقية أو سيطرة على تناقل المعلومات.

 

2- الجهد وتحمُّل العناء الأكبر الذي يقع على القلة القليلة، التي تقوم بمهمات الكثير من الموظفين.

 

3- وجود بطالة واسعة في صفوف موظفي الحكومة، مما يكون له انعكاساتٌ اجتماعية خطيرة[3].

 

على أي حال، هناك ظواهرُ لا خيارَ في اللَّحاق بها، ومنها ظاهرة الحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية كذلك؛ مما سيؤثر على مفهوم العمل؛ إذ إن التقنيةَ سوف تُلغي الحاجةَ لبعض الممارسات والخدمات في العمل الدولي، في حين تُوجِد هذه التقنيةُ فرصًا جديدة، غالبًا ما تكون مُربِحة، ويمكن البَدءُ في التقليل من الأوراق والنماذج المطبوعة مما يدخل تحت اسم “المجتمع الورقي”، ويمكن تصور هذا عندما تقوم بعملية إدارية أو مالية، فتجد أمامك سيلًا من الأوراق والكربونات، والنماذج والدفاتر، والتوقيعات والطوابع، والتسجيلات التوثيقية ونحوها مما فيه هدرٌ للوقت والطاقة.

 

كفلت تقنيةُ المعلومات (.I.T) الخروجَ من هذا العُقْمِ البيروقراطي، من خلال الحكومة الإلكترونية بسلاسةٍ مُذهلة؛ حيث يتخطى الإنفاقُ على تقنية المعلومات عالميًّا ثلاثةَ تريليونات (3,000,000,000,000) دولار[4].

 

يقول روبرت ي.غروس: “إن الإنترنت مثلها كمثلِ أي ابتكارٍ جديد في عالم الاتصالات، تجعلُ العالمَ أصغر، وكغيرها من أدوات التعامل الجديدة، توجِد مجالاتٍ من القلق والمخاطر غير المألوفة، والشركات التي تستطيع أن تُبحِرَ بمهارة في هذه المياه المجهولة هي الشركاتُ الأكثرُ احتمالًا للوصول إلى أهدافها المرغوبة في العمل الدولي”[5].

 

في المقابل سيكون الاعتماد على التجارة الإلكترونية باستخدام الإنترنت مؤشرًا سالبًا على بيئة العمل، وستكون هناك تطورات في العرض والطلب خلاف تلك الممارسات المباشرة بين بائع ومشترٍ.

 

دول الخليج العربية تسارع الآن إلى تطبيق مفهومِ التجارة الإلكترونية كما سباقها إلى استخدام الحكومة الإلكترونية، الأمر الذي لا تملِك منظمةُ العمل الدولية – ناهيك عن منظمة التجارة العالمية – حياله أي حيلة، مهما صدرت من تقارير أو مشروع اتفاقيات تكفُل عدمَ التخلي عن العامل الإنسان.

 


[1] انظر: إدارة شؤون منظمة التجارة العالمية ومركز البحوث والدراسات، الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، الآثار المحتملة للعولمة الاقتصادية وانضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية على الاقتصاد الوطني، ورقة عمل مقدَّمة للمؤتمر السادس لرجال الأعمال السعوديين، الطائف: 15 – 16 رجب 1422هـ/ 2 – 3 أكتوبر 2001م، ص 40.

[2] انظر: Ali. I. Namlah. Manpower Deficiency in Saudi Arabia: Its Effect on Review-. The Library and Information Profession Library International. 20- (1982) 14:3

[3] انظر: نجاح كاظم، العرب وعصر العولمة – مرجع سابق – ص 79 – 83.

[4] انظر: نبيل جعفر عبدالرضا، العولمة وانعكاساتها على صناعة النفط الخليجية، ص 99 – 166، في: مركز دراسات الوحدة العربية، المجتمع والاقتصاد أمام العولمة – مرجع سابق – ص 184.

[5] انظر: روبرت ي. غروس، محرِّر، كلية ثندربيرد تبحث في إستراتيجية العولمة/ تعريب إبراهيم يحيى الشهابي، الرياض: مكتبة العبيكان، 1422 – 2001م، ص 467.

_____________________________________________________
الكاتب: أ. د. علي بن إبراهيم النملة


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح دعاء الهم والحزن – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والبُخْلِ والجُبْنِ، وضَلَعِ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *