ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا

ليعلم كل مسلم أن حرب غزةَ هي حرب بين كل مسلم في أي مكان في العالم وبين جبهة الكفر من اليهود والمشركين في كل العالم…

ليعلم كل مسلم أن حرب غزةَ هي حرب بين كل مسلم في أي مكان في العالم وبين جبهة الكفر من اليهود والمشركين في كل العالم، ومن يعتقد غير ذلك فهو واهمٌ جاهل لا يفقه دينه ولا كلام ربه، أو أنه منافق شديد النفاق.

 

وليعلم الجميع أن هذا اختبار من الله لكل مسلم، سيحاسبه عليه، ولا يظن أحد من المسلمين أن هذه الحرب في غزة وحدها، بل إن اليهود والكفار يديرون هذه الحرب في كل منزل وفي كل نفس مسلمة بوسائلهم في النشر والتدخل في كل مناحي حياة المسلمين: سياسية واقتصادية، وتعليمية، وإعلامية…

 

فهدفهم واضح ذكره الله لنا في كتابه الكريم؛ قال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8].

 

فلا يخرج علينا كلُّ مدَّعٍ للعلم يكذب كلام الله أو يحرفه، أو يؤوله نفاقًا، كما نشاهد ونسمع صياحهم وبجاحتهم في حديثهم، جهارًا ودون خوفٍ من الله، أو حياءٍ من الناس.

 

إن ما نشاهده يوميًّا في حرب غزة من تنكيل اليهود ودول الكفر بأهل غزة بأبشع صور القتل والتدمير والتعذيب للأطفال والنساء والشيوخ ليدمي القلوب، بل لا تتحمل العين رأيتَه، مع تخاذل وتقاعص المسلمين، بل إن هناك من المسلمين من يتواطأ معهم في هذه الإبادة التي تمارس على المسلمين في غزة.

 

فليعلم كلُّ مسلمٍ ما قاله الله له: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ ٱسْتَطَٰعُواْ} [البقرة: 217]؛ وهي قولة الأبد التي لا تختص بزمان دون زمان، ولا بمكان دون مكان، ولا ظرف دون طرف!

 

وهذا التقرير الصادق من العليم الخبير يكشف عن الإصرار الخبيث على الشر؛ وعلى فتنة المسلمين عن دينهم؛ بوصفها الهدف الثابت المستقر لأعدائهم، وهو الهدف الذي لا يتغير لأعداء المسلمين في كل أرض وفي كل زمان.

 

إن وجود الإسلام في الأرض هو بذاته غيظ ورعب لأعداء هذا الدين؛ ولأعداء المسلمين في كل حين. وإن الإسلام بذاته يغيظهم ويخيفهم. فالإسلام يخشاه كل مبطل، ويرهبه كل باغ، ويكرهه كل مفسد. إنَّه حرب – بذاته وبما فيه من حق أبلج، ومن منهج قويم، ونظام سليم – على الباطل والبغي والفساد؛ ومن ثم لا يطيقه المبطلون البغاة المفسدون، ويترصدون لأهله ليفتنوهم عنه، ويردوهم بعد إيمانهم كافرين. ذلك أنهم لا يأمنون على باطلهم وبغيهم وفسادهم، وفي الأرض مسلمون يؤمن بهذا الدين، ويتبعون هذا المنهج، ويعيشون بهذا النظام.

 

وتتنوع وسائل قتال هؤلاء الأعداء للمسلمين وأدواته، ولكن الهدف يظل ثابتا… أن يردوا المسلمين الصادقين عن دينهم إن استطاعوا، وكلما انكسر في يدهم سلاح انتضوا سلاحًا غيره، وكلما كلت في أيديهم أداة شحذوا أداة غيرها…

 

والخبر الصادق من العليم الخبير قائم يحذر المسلمين من الاستسلام، وينبههم إلى الخطر؛ ويدعوهم إلى الصبر على الكيد، والصبر على الحرب، وإلا فهي خسارة الدنيا والآخرة؛ والعذاب الذي لا يدفعه عذر ولا مبرر:

وهذا التحذير من الله قائم إلى آخر الزمان… ليس لمسلم عذر في أن يخنع ولكن هناك المجاهدة والمجالدة والصبر والثبات حتى يأذن الله.

 

والله لا يترك عباده الذين يؤمنون به، ويصبرون على الأذى في سبيله؛ فهو معوضهم خيرًا، إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة.

 

فقوله تعالى: {وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا}؛ بيان لشدة عداوة الكفار للمؤمنين ودوامها، فلا يزال المشركون يقاتلونكم أيها المؤمنون ويضمرون لكم السوء ويداومون على إيذائكم لكي يرجعوكم عن دين الإسلام إلى الكفر إن استطاعوا ذلك وقدروا عليه.

 

والتعبير بقوله: {وَلا يَزالُونَ} المفيد للدوام والاستمرار للإشعار بأن عداوة المشركين للمسلمين لا تنقطع، وأنهم لن يكفوا عن الإعداد لقتالهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، فعلى المؤمنين ألا يغفلوا عن الدفاع عن أنفسهم.

 

إنهم لا يزالون يقاتلون المؤمنين، وليس غرضهم في أموالهم وقتلهم فقط، وإنما غرضهم الأساسي أن يرجعوهم عن دينهم، ويكونوا كفارًا بعد إيمانهم حتى يكونوا من أصحاب السعير، فهم باذلون وسعهم في ذلك، ساعون بما أمكنهم. وهذا عام يشمل جميع الكفار، خاصة أهل الكتاب من اليهود والنصارى، الذين أسسوا الجمعيات ونشروا الدعاة، وبثوا الأطباء، وبنوا المدارس، لجذب الأمم إلى نحلهم الباطلة، وأدخلوا على المسلمين كل ما أمكنهم من الشبه؛ لتشكيكهم في دينهم.

 

هذه الآية صادقة في هؤلاء الكفار الموجودين، صادقة في من قبلهم: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال: 36].

 

كما يؤكد لنا ربنا اصرارهم على هدفهم هذا مع بيان خبثهم ودهائهم وفسقهم، {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 8].

 

كيف يكون للمشركين عهدٌ عند الله وعند رسوله، وهم لا يعاهدونكم إلا في حال عجزهم عن التغلب عليكم، ولو ظهروا عليكم وغلبوكم لفعلوا بكم الأفاعيل في غير مراعاة لعهد قائم بينهم وبينكم، وفي غير ذمة يرعونها لكم؛ أو في غير تحرج ولا تذمم من فعل يأتونه معكم! فهم لا يرعون عهدا، ولا يقفون كذلك عند حدٍّ في التنكيل بكم؛ ولا حتى الحدود المتعارف عليها، فهم لشدة ما يكنونه لكم من البغضاء يتجاوزون كل حد في التنكيل بكم، لو أنهم قدروا عليكم، مهما يكن بينكم وبينهم من عهودٍ قائمة.

 

فصفة الاعتداء أصيلة فيهم، تبدأ من نقطةِ كرههم للإيمان ذاته وصدودهم عنه، وتنتهي بالوقوف في وجهه، وتربصهم بالمؤمنين؛ وعدم مراعاتهم لعهد معهم ولا ذمَّة. إنهم لن يبقوا مسلمًا على إسلامه، ولا أسرة على صلاحها، ولا حاكمًا على عرشِه، ولا مؤسسةٍ للمسلمين على حالها.

 

ومن لا يتعظ يقرأ التاريخ، ففي التاريخ العبر…

_____________________________________________________________
الكاتب: أ. د. فؤاد محمد موسى


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطر الإلحاد (2) – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *