خطر الأمانات وعظم شأنها عند الله تعالى

منذ حوالي ساعة

قال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَالَ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» [1].

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58].

 

تأمل صيغة الأمر الجازم في قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، لعلم خَطَرَ الْأَمَانَاتِ، وعِظَمَ شَأنِهَا عند الله تعالى، وأنَّه لا تهاون فيها بحال من الأحوال؛ لذلك قَلَّمَا خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَالَ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» [1].

 

ثم تأمل ذكر لفظ الجلالة قبل الأمر بأداء الأمانات، وما قال: (يا أيها الذين آمنوا أدوا الأمانات)، لما للفظ الجلالة من المهابة والرهبة في النفوس.

 

ثم تأمل قوله تعالى: {أَنْ تُؤَدُّوا}، وما قال: (أن تردوا) لتعلم أنَّ الْأَمَانَاتِ أعمُّ وأشملُ من أن تكون مجردَ ودائعٍ؛ فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ»[2].

 

ثم تأمل العلة من ذكر الأمانة بصيغة الجمع لتعلم أنَّ في أعناقنا جملةَ من الْأَمَانَاتِ يجب علينا أداؤها؛ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللهِ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا إِلَّا الْأَمَانَةَ، قَالَ: يُؤْتَى بِالْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقَالُ: أَدِّ أَمَانَتَكَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، كَيْفَ وَقَدْ ذَهَبَتِ الدُّنْيَا؟ قَالَ: فَيُقَالُ: انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى الْهَاوِيَةِ، فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى الْهَاوِيَةِ، وَيُمَثَّلُ لَهُ أَمَانَتُهُ كَهَيْئَتِهَا يَوْمَ دُفِعَتْ إِلَيْهِ، فَيَرَاهَا فَيَعْرِفَهَا فَيَهْوِي فِي أَثَرِهَا حَتَّى يُدْرِكَهَا، فَيَحْمِلَهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ خَارِجٌ زَلَّتْ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَهُوَ يَهْوِي فِي أَثَرِهَا أَبَدَ الْآبِدِينَ، ثُمَّ قَالَ: الصَّلَاةُ أَمَانَةٌ، وَالْوُضُوءُ أَمَانَةٌ، وَالْوَزْنُ أَمَانَةٌ، وَالْكَيْلُ أَمَانَةٌ، وَأَشْيَاءُ عَدَّدَهَا، وَأَعْظَمُ ذَلِكَ الْوَدِائِعُ[3].

 

ثم تأمل قوله تعالى: {إِلَى أَهْلِهَا}، لتعلم أن الأمانات مهما طال عهدها وتقادم زمانها فأصحابها أحق بها؛ لأنهم أهلها، ولا حظَّ لأحد سواهم فيها.

 


[1] رواه أحمد، حديث رقم: 12383، بسند حسن.

[2] رواه أحمد، حديث رقم: 14447، وأبو داود، كِتَاب الْأَدَبِ، ‌‌بَابٌ فِي نَقْلِ الْحَدِيثِ، حديث رقم: 4868، والترمذي- ‌‌أَبْوَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ الْمَجَالِسَ أَمَانَةٌ، حديث رقم: 1959، بسند حسن.

[3] رواه البيهقي في شعب الإيمان، الأمانات وما يجب من أدائها إلى أهلها، حديث رقم: 5266.

__________________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

عواقب الرشد – حسين عبد الرازق

وكلُ من أراد أن ينتقل من الغفلة إلى اليقظة، ومن مقاعد المُتفرجين إلى ميدان السباق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *