والإيمان هو الحياة، وتجديد الإيمان هو بالطبع تجديد للحياة؛ قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}
الإنسان بطبيعته يحب التجديد في كل شؤونه، كيف لا، وهو مطلب يتطلبه التعايش في هذه الحياة؟ متبعًا لِما أمره الله، ومجتنبًا نواهيه؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “والتجديد إنما يكون بعد الدروس، وذاك هو غربة الإسلام، ففي الحديث: «جدِّدوا إيمانكم»، قيل: يا رسول الله، كيف نجدد إيماننا؟ قال: «أكْثِروا من قول: لا إله إلا الله»؛ (رواه أحمد والحاكم والطبراني).
والإيمان هو الحياة، وتجديد الإيمان هو بالطبع تجديد للحياة؛ قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]، والحياة الطيبة هي تلك الحياة السعيدة، ومن متطلباتها طلب كل شيء يُدخِل عليها الراحة والسعادة، ولطلب تلك الحياة شروط، وعلى رأسها الإيمان، فالإيمان شرط في صحة الأعمال الصالحة وقبولها، بل لا تسمى أعمالًا صالحة إلا بالإيمان، والإيمان مقتضٍ لها، فإنه التصديق الجازم المثمر لأعمال الجوارح من الواجبات والمستحبات، فمن جمع بين الإيمان والعمل الصالح، {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]، وذلك بطمأنينة قلبه، وسكون نفسه، وعدم التفاته لِما يشوِّش عليه قلبه، ويرزقه الله رزقًا حلالًا طيبًا من حيث لا يحتسب.
ومن أقوال السلف في الحياة الطيبة:
قول سعيد بن جبير وعطاء: هي الرزق الحلال.
وقال الحسن: هي القناعة.
وقال مقاتل بن حيان: يعني العيش في الطاعة.
والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله؛ كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قد أفلح من أسْلَمَ ورُزِقَ كَفَافًا، وقنَّعه الله بما آتاه».
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل الإيمان يَبْلَى حتى نحتاج إلى تجديده؟ نعم، إن الإيمان لَيبلى ويضعُف في قلب المسلم، ويكون ذلك بسبب الفتور في العبادة، أو ارتكاب المعاصي، وانغماس النفس في شهواتها، فالإيمان يبلى مثل الثوب الجديد الذي يبلى بطول استخدامه، فأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نسأل الله تعالى أن يجدد إيماننا بالدعاء والعمل الصالح، والقيام بالفرائض، وأعمال التطوع، وكثرة الذكر والاستغفار؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الإيمان لَيَخْلَقُ في جوف أحدكم كما يخلُق الثوبُ الخَلَقُ، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم»، وهذا يحثنا دائمًا على سؤال الله الثبات وتجديد الإيمان في قلوبنا، فما الأسباب المعينة على ذلك؟
من الأسباب المعينة على قوة الإيمان كثرةُ الطاعات وأهمها الواجبات، ثم النوافل؛ يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه»، وكلما ازداد الإنسان طاعةً لله، ازداد إيمانًا وتقوى؛ قال الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: 17]، فالحرص على كثرة قراءة القرآن والذكر والصلاة والصدقات، وغيرها من القربات، كل هذا يزيد الإنسان إيمانًا وقوة وحبًّا للخير، والمعاصي هي أسباب الشر والفساد، ومن أسباب زيادة الإيمان أن يطالع الإنسان في سيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأصحابه الكرام؛ فإن فيها تربية للقلب والعقل والفِكْرِ، وفيها زيادة الإيمان ومحبة للرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه.
قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدِّد لها دينها»، والتجديد الحق هو السعي للتقريب بين واقع المجتمع المسلم في كل عصر، وبين المجتمع النموذجي الأول الذي أنشأه الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما يكون ذلك بإحياء مفاهيم ذلك المجتمع، وتصوراته للدين، وإحياء مناهجه في فهم النصوص وبيان معانيها، وإحياء مناهجه في التشريع والاجتهاد، وإحياء مناهجه في تدوين العلوم وتكوين نظم الحياة، واقتباس النافع الصالح من كل حضارة، يكون أيضًا بتصحيح الانحرافات النظرية، والفكرية، والعملية، والسلوكية، وتنقية المجتمع من شوائبها.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
________________________________________________________
الكاتب: نورة سليمان عبدالله
Source link