يُقال إن هذا اليوم كان يُسمى في الجاهلية بـ ” يوم العُروبة ” كما تقدم في النقول السابقة، ثم سُمِّي قبيل الإسلام بـ ” يوم الجمعة “، فكانت قريش تجمع إليه فيه، فيخطبهم ويعظهم، وقيل: لم يسم بيوم الجمعة إلا بعد الإسلام “
هي بضم الميم وإسكانها وفتحها: الجُمُعَة، والجُمْعَة، والجُمَعَة، والمشهور الضم، وبه قُرئ في السبع في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [1] والإسكان تخفيف منه، ووجه الفتح بأنها تجمع الناس كما يُقال: هُمزة، وضُحكة للمكثرين من ذلك، والفتح لغة بني عُقَيل، ويُجمع على جُمُعات وجُمَع.
قال في لسان العرب: “… والأصل فيها التخفيف جُمْعَة فمن ثقل أتبع الضمة الضمة، ومن خفف فعلى الأصل، والقرّاء قرءوا بالتثقيل، ويُقال: يوم الجُمَعَة لغة بني عُقَيل، ولو قُرئ بها كان صوابا، قال: والذين قالوا: الجُمَعَة ذهبوا بها إلى صفة اليوم أنه يجمع الناس كما يُقال: رجل هُمَزة لُمَزة ضُحَكة، وهو الجُمْعَة، والجُمُعَة والجُمَعَة… ويُجمع على جُمُعات، وجُمَع، وقيل: الجُمْعَة على تخفيف الجُمُعَة، والجُمَعَة لأنها تجمع الناس كثيرًا كما قالوا: رجل لُعَنة يُكثر لعن الناس، ورجل ضُحَكة يُكثر الضحك….. [2].
وقال في مختار الصحاح: “ويوم الجُمُعَة بسكون الميم وضمها يوم العروبة، ويُجمع على جُمُعات وجُمَع، والمسجد الجامع، وإن شئت قلتَ مسجد الجامع بالإضافة، كقولك: حق اليقين، والحق اليقين، بمعنى مسجد اليوم الجامع، وحق الشيء اليقين، لأن إضافة الشيء إلى نفسه لا تجوز إلا على هذا التقدير “[3].
وقال في تحرير ألفاظ التنبيه: “الجُمُعَة بضم الميم وإسكانها وفتحها، حكاها الفراء والواحدي، سُميت بذلك لاجتماع الناس، وكان يُقال ليوم الجمعة في الجاهلية العروبة، وجمعها جُمُعات وجُمَع” [4].
• تسميتها وسببها:
يُقال إن هذا اليوم كان يُسمى في الجاهلية بـ ” يوم العُروبة ” كما تقدم في النقول السابقة[5] ونقل ابن حجر الاتفاق على ذلك [6] ثم سُمِّي قبيل الإسلام بـ ” يوم الجمعة “، سمَّاه بذلك كعب [7] بن لؤي، فكانت قريش تجمع إليه فيه، فيخطبهم ويعظهم، وقيل: لم يسم بيوم الجمعة إلا بعد الإسلام ” [8].
وأما سبب التسمية فتعددت الأقوال فيه:
• فقيل: لأن الله – تعالى – جمع فيه خلق آدم – عليه السلام، ويستدلون بما روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قيل له: لأي شيء سُمِّي يوم الجمعة؟ قال: «لأن فيها طُبعت طينة أبيك آدم، وفيها الصعقة والبعثة، وفيها البطشة، وفي آخر ثلاث ساعات منها ساعة من دعا الله فيها استُجيب له» [9] [10].
وصحَّحَ هذا القول في فتح الباري [11] ونيل الاوطار [12].
• فقيل: لاجتماع الناس فيها في المكان الجامع لصلاتهم [13].
• وقيل: لأن الله تعالى جمع فيه آدم مع حواء في الأرض.
• وقيل: لما جُمع فيه من الخير [14].
وقيل غير ذلك.
وهذه الأقوال بعضها مأخوذ من دلالة الاسم، وبعضها مستند إلى أحاديث لم تثبت، ولا مانع أن تكون كل هذه الأشياء سببًا للتسمية، والله أعلم.
[1] سورة الجمعة، جزء من الآية (9).
[2] لسان العرب، مادة ” جمع ” 8/58.
[3] مختار الصحاح، مادة ” جمع ” ص (47).
[4] تحرير ألفاظ التنبيه للنووي ص (84)، وينظر أيضًا المجموع له 4/482.
[5] وينظر أيضًا: المحلى 5/45، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 18/97، وفتح الباري 2/353، والإنصاف 2/364، ونيل الأوطار 3/222
[6] فتح الباري 2/353.
[7] هو كعب بن لؤي بن غالب، من قريش، من عدنان، يكنى بأبي هُصيص، من سلسلة النسب النبوي، ومن أبرز خطباء الجاهلية، كان عظيم القدر عند العرب حتى أرّخوا بوفاته إلى عام الفيل، أول من سن الاجتماع يوم الجمعة الذي كان يسمى بـ ” يوم العروبة “، توفي سنة 183 قبل الهجرة. (ينظر: الكامل لابن الأثير 2/9، وتاريخ الطبري 2/185).
[8] تنظر المراجع في الصفحة السابقة.
[9] أحمد (2/311).
[10] أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/311 من حديث أبي هريرة وقال ابن حجر في فتح الباري 2/353: ” ذكره ابن أبي حاتم موقوفًا بإسناد قوي، وأحمد مرفوعًا بإسناد ضعيف”، وقال الأرنؤوط في تخريجه في هامش زاد المعاد 1/392: ” وفي سنده الفرج بن فضالة، وهو ضعيف وعلي بن أبي طلحة لم يسمع من أبي هريرة “، وقد جاء خلق آدم – عليه السلام – في هذا اليوم في عدد من الأحاديث في السنن وغيرها.
[11] فتح الباري 2/353.
[12] نيل الأوطار 3/222.
[13] وجزم به ابن حزم في المحلى.
[14] تنظر هذه الأقوال وغيرها في: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 18/97، وفتح الباري 2/353، والإنصاف 2/364، وكشاف القناع 2/20 – 21، ونيل الأوطار 3/222 – 223.
_____________________________________________________
الكاتب: د. عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله الحجيلان
Source link