الإسلاموفوبيا.. المخاوف الجديدة من الإسلام في فرنسا

“الصُّورة النمطية الاختزاليَّة والتمييزية النَّاتجة عن تاريخ منسي ومعفي من المُحاسبة (حرب الجزائر)، تقوم بالتأثير المُباشر على ما يحسُّه الناس من سخط منتَجٍ عن الاختلافات التي تؤثِّر في تلَقِّي الإسلام كنَمُوذج لا يتطوَّر، وذي طبيعةٍ تصادُمية”.

يؤكِّد “فنسان جيسير” في كتابه “الإسلاموفوبيا.. المخاوف الجديدة من الإسلام في فرنسا” على أنَّ الربط بين المخاوف الاستعماريَّة من الإسلام والمخاوف الجديدة – يؤسِّسه اليومَ بعضُ قادة الرأي، وبعضُ المثقَّفين في وسائل الإعلام في صيغةٍ متناقضة تمامًا، فبعض المدافعين القدامى عن الجزائر الفرنسيَّة، وكثيرٌ من المهتمَّين بقضايا العالَم الثَّالث ومُناوئي الاستعمار أصبحوا مُحرِّكين لتوجُّه مبطَّن خائفٍ من الإسلام، يزعم مُحاربة الظَّلامية والأصوليَّة الإسلامية باسْم قِيَم الحُرِّية والعلمانيَّة والدِّيمقراطية، تلك القيم التي كانوا يتشبَّثون بها في شبابِهم.

 

إنَّ هذه العدائية الجديدة، تُخفي – وبصورة سيِّئة – أيديولوجيةً انكفائيَّة، مُحرِّكها الأساسي هو الخوف من الإسلام؛ لذا فإنَّ خطاب المثقفين في وسائل الإعلام يميل شيئًا فشيئًا نحو الالتقاء مع خُطَب الخبراء الأمنيين، الذين أصبح لهم صيت واسع على المستوى الرسمي منذ أحداث سبتمبر 2001.

 

مسؤولية الإعلام:

كما أن الأيديولوجية الأمنية اتَّسعت كثيرًا لتشمل أوساطًا شعبية، ذات توجُّهات خاصة ترى في تنامي الجمعيات الإسلامية تهديدًا لهوية “الضحية” التي تَحملها، وعليه أخذ نوع من الصِّراع يظهر للاستئثار بوضعيَّة “الضحية الشرعية” للعنصرية، وتوضح الاستخدامات التخويفيَّة من بعض قادة اليهود في فرنسا هذا القلق.

 

ثم يتساءل المؤلِّف: ما مسؤولية الإعلام في نشر المخاوف من الإسلام، وجَعْلِها من المسائل العادية في المجتمع الفرنسي؟

 

ويردُّ بقوله: منذ التحوُّل التاريخي الذي أحدثَتْه الثورة الإيرانية عام 1979، وخاصَّة مع أول قضية تتعلَّق بالحجاب في فرنسا عام 1989، تبدو الأحكام المُسبَقة والصُّورة النَّمطية عن “الدِّين الثاني في فرنسا” مترابطةً وثابتة بصورة مذهلة.

 

وعلى الرغم من تشكُّل وعيٍ حديث في بعض الصُّحف يتعلَّق بالخلط والانحرافات المُؤسِفة، يبقى تصويرُ الحالة الإسلاميَّة – إعلاميًّا – يطغى عليه الإخراجُ في غيبوبة متشدِّدة متصادمة، مع اللُّجوء كثيرًا إلى لغة التَّحذير، بل والتدمير.

 

وكما يرى الكاتب الفرنسيُّ الشهير “برونو إتيان” فإنَّ: “الصُّورة النمطية الاختزاليَّة والتمييزية النَّاتجة عن تاريخ منسي ومعفي من المُحاسبة (حرب الجزائر)، تقوم بالتأثير المُباشر على ما يحسُّه الناس من سخط منتَجٍ عن الاختلافات التي تؤثِّر في تلَقِّي الإسلام كنَمُوذج لا يتطوَّر، وذي طبيعةٍ تصادُمية”.

 

ينتهي هذا المنطق الاختزالِيُّ إلى بناء قالب لِنَموذج “المُسلم الذي يصنعه الإعلام” يتمُّ تناولُه بانتظامٍ على ذات الهيئة: مصلُّون يتمُّ تصويرهم من الخلف، عَجُزهم إلى الأعلى، حشود متراصَّة تصرخ وتُهدِّد، نساء محجبات، شخص ذو لحية كرَمز للتفقُّه، فاغِرٌ فاه، وزائغ العينين.

 

ومن جهة أخرى، فإنَّ استخدام الصفات “شاب مسلم، أو شاب عربي مسلم” لوصف فرنسيِّين يعتنقون الإسلام، تَكْثر في المجلاَّت الأسبوعية العامة، أو في التقارير المُتَلفزة، خاصَّة على القناة الأولى الفرنسية.

 

لقد دارت الماكينة الإعلاميَّة لصناعة “الصُّورة النمطية السالبة الجاهزة عن الإسلام” بكلِّ طاقتها في صبيحة أحداث سبتمبر، وبِما يتميَّزون به من تفوُّق في العمل الميدانيِّ، فقد تنقَّل صحفيُّو وسائل الإعلام الفرنسية في كلِّ مكان؛ لمعرفة ما يسمَّى “ردّ الفعل الإسلامي” على التفجيرات.

 

وموضع التَّساؤل هنا ليس فقط الشَّيطنة الإعلاميَّة للمسلمين، فالصحفيون لم يكونوا يبحثون بفكرٍ مسبق عن إعطاء صورة سلبيَّة عن الإسلام؛ وإنَّما هي النَّزعة لِخَلق تَجانُس بين التوجُّهات والسلوك، وإعطائِها صفةً جوهريَّة وفئوية، كما لو أنه ينبغي أن يكون لِمُسلمي فرنسا بالضرورة رأيٌ في في الأحداث الجارية.

 

معاداة السامية:

إن تفسير مُعاداة السامية الذي يظهر في آنٍ واحد كحامٍ (تبصير المواطنين الشرفاء الذين تستغلُّهم وسائل الإعلام)، وكحركة ثائرة (الخروج على ما هو صائب سياسيًّا) – يندرج حقيقةً داخل الرُّؤية المُحافظة جدًّا للمجتمع الفرنسي ولقضاياه الحالية؛ إذْ إنَّها رؤية تجعل من نفسها ناطقةً باسْم نطاقٍ أخلاقي جديد ينصبُّ أحيانًا في كتابات مقاليَّة ذات إيحاء جماهيري، ويُمكن إرجاعُها إلى أربعة خيوط عريضة تُميِّزها.

 

فهي قبل كلِّ شيء تتَّخِذ شكل نغمةٍ مُعادية للنخبة والمفكِّرين، فأَزْمة النَّمُوذج الجمهوري عندها قد تعود أساسًا للتوجُّهات الانتخابيَّة والتِّجارية الجشعة للنخبة السياسية الفرنسيَّة ومَن يُخالفها في الحقل الثقافي والعِلمي.

 

ومعاداة النخبة هذه لا يمكن فصلُها عن تصوُّرٍ شِبْه ساذج نوعًا ما في وسائل الإعلام التي ساعدَتْ في نُموِّ المعاداة الجديدة للسامية عن طريق انحيازها عند تناول النِّزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، فعندما يتبنَّى كلٌّ من المتخصِّص في العلوم السِّياسية “رفائيل داري” والفيلسوف “شمويل تريجانو” نظرية “اللوبي”، فإنَّهما يدينان بذلك الأفعالَ غيرَ السِّليمة للطبقة السِّياسية والإعلاميَّة حينما قالا في إحدى دراساتِهما: “ماذا يكون ما شهدناه حقيقةً خلال هذه الفترة إن لم يكن عمليَّةً منظَّمة هائلة لِحَجب المعلومات الخاصة بالشَّرق الأوسط بالطبع؟ ولكنَّها أيضًا – وبطريقة تلقائية – عمليَّةٌ ذات تأثير مباشر على الوضع الفرنسي، الذي أصبح فيه العنصرُ العرَبِيُّ الإسلامي – كما تراه الطبقة السياسية والإعلامية – عاملاً بالغ التأثير، وتُوجد في هذه الأوساط بالتأكيد استثناءاتٌ مهِمَّة، ولكنَّها ذاتُ تأثيرٍ مَحدود، وعلى كلِّ حال أقلية، ألف حيلة وحيلة في الأساليب الخِطَابية والأيديولوجية فرضَتْ عبْرَها وسائلُ الإعلام تحقيقاتٍ مزيَّفة حول الأحداث، لدرجة تصحيح كلِّ ما لا يساير مسلَّماتِها.

 

وثبتت هذه الرُّؤية بعد ذلك وباستمرار المَخاوف من الكوارث، فاليسار في فرنسا قد يتحمَّل المسؤولية الكبرى عن تنمية المخاوف من اليهود؛ وذلك لأنَّه أعمى تمامًا عمَّا يفعله “الشباب العربِيُّ – المسلم”، ولأنَّه مُتعاطِف معهم، وسياسة التَّفرقة التي وُصِفَت بأنَّها “تمييزٌ إيجابي على الطريقة الفرنسيَّة” قد تكون أسهَمَت في خَلْق شعور بالقوَّة والانفلات من العقوبة لدى الشباب المسلمين.

 

كما أنَّ هذا التفسير يُعيد كلَّ الصُّورة السلبية الاستشراقيَّة عن الإسلام، والذي تم تقديمه كدينٍ عن المُواطنة والعلمانية؛ وذلك لأنَّ معتنقيه لا يُمكن أن ينفصلوا عن تصوُّرهم الأُمَمي؛ أي: اعتقادهم في أمَّة واحدة عالَمِيَّة وخالدة.

 

وبصفة عامَّة، فإنَّ المَخاوف المبطَّنة من الإسلام التي تَبدو من خلال بعض المقالات ذات النَّبْرة الهُجومية عند تناول موضوعِ تَجدُّد معاداة السَّامية في فرنسا – لا تشكِّل موقفًا لِمَجموعةٍ ما، ولا موقفًا مؤسَّسيًّا، أو حتى قراءة دقيقة للظاهرة.

 

إن الخِطاب الإسلاميَّ يقوم بدور المُتَرجِم والمفصِح عن هذه المعاداة للصِّهْيَونيَّة لدى الأوساط التي ما زالت تتصوَّر أنَّها “تقدُّمية”، فمضمون معاداة الصِّهيونية هو مَخاوِفُ من اليهوديَّة ذاتُ طبيعة استئصاليَّة، وهذا البرنامج للإبادة الجماعية يشمل كذلك بعضًا مما يتعلَّق بِمُعاداة العولَمة التي أصبحَتْ مقبولةً ومُسايرة للموضة.

 

داخل هذه المؤسَّسة التي تسعى لأسلمة العالَم، تحتلُّ فرنسا موقعًا خاصًّا؛ لأنَّها الأرض المفضَّلة لالتقاء “الأضداد” (العدميَّة الفرنسيَّة – الفرنسية)، وإن الأزمة التي يعيشها نَمُوذج الاندماج داخل الجمهورية تشجِّع – ربَّما – على تحوُّل فضائها العامِّ إلى تجمُّعات يُمثِّل الشبابُ العربِيُّ المسلمُ – بالتأكيد – الناقِلَ الأساسيَّ لها؛ إذْ إنَّ مَخاوفهم من اليهوديَّة والمقنعة بِمُعاداة الصِّهيونية تخدمهم بطريقة فاعلة في إيقاعهم المزدوَج (أعمال العنف ضدَّ اليهود)، والاحتجاج في إطار القانون (الاشتراك في المُظاهرات المؤيِّدة للفلسطينيِّين إلى جانب نُشَطاء جمعيَّة الأُخوَّة العالَميَّة).

 

ومُجمل القول: إنَّ حُماة نظرية “المَخاوف الجديدة من اليهودية” لا يولون اهتمامًا كبيرًا لتحليل الدَّوافع الأيديولوجية والثقافية والدِّينية لمعاداة السامية، في مقابل بَسْطِ سيناريو أسلَمة فرنسا أمام أعيُنِنا، متلقِّين في ذلك بعضَ أنماط المَخاوف من الإسلام التي يَحملها خِطابُ اليمين المتطرِّف.

 

والدليل على ذلك هو أنَّ موضوعاتِهم تكاد تَخلو من اليهود الذين يقَعون ضحيَّةً لأفعالٍ عنصريَّة، في الوقت الذي لا يغيب فيه “الشباب العربيُّ – المسلم” بتاتًا عن هذه الموضوعات، كما لو أنَّ المسألة المطروحة ليست هي مُعاداةَ السَّامية، وإنَّما الخطر الإسلاميُّ الذي يُحَلِّق فوق فرنسا، فمعاداة السَّامية تصبح عندهم ذريعةً للخوض في موضوعٍ آخَر، وهو الإسلام، والصُّور الضالَّة له (الأصوليَّة، التشدُّد.. إلخ).

 

إنَّ حُماة أطروحة “المَخاوف الجديدة من اليهوديَّة” يتحفَّظون بالطَّبع في لغتهم؛ تجنُّبًا لإدراج كلِّ مسلمِي فرنسا داخل فئة “الإرهاب الإسلاميِّ”، فعَرْضُهم لأفكارهم يرتكز في الغالب على تمثيل ثنائيٍّ للإسلام في فرنسا؛ المعتدلين المنفَتِحين على الحوار من جانِب، والمتعصِّبين الحالِمين بإكمال الإبادة الجماعيَّة التي بدأها النازيُّ من جانبٍ آخر.

 

مخاوف من داخل المسلمين:

إنَّ المخاوف من الإسلام تشكِّل ظاهرةً في غاية التَّعقيد، لا تنتشر من خلال عبارةٍ صريحة (عنصريَّة مُعادية للإسلام) بقدر ما يتمُّ تَمريرها في لغة خفيَّة تُسْهِم في تشكيل خليطٍ من الأفكار المسبقة، والتلميحات المتعلِّقة بالإسلام والمسلمين.

 

ويَقْوَى هذا الوجهُ الخفيُّ عندما نعرف أنَّ هذه المخاوف لا يُمكن اختزالُها من تصوُّر للنِّزاع الدِّيني بين الغرب المسيحي والشَّرق المسلم، فبِاسْم العولمة التي تقدِّم نفسها كحداثية وذات توجُّه عالَمي، يقوم بعض النَّاشطين بإدانة مَخاطر أسلمة المجتمع الفرنسي، في ذات الوقت الذي يُبَرِّئون فيه أنفسهم من تبنِّي خطاب مُعادٍ للدِّين، ومن أنَّ لَهم مَخاوفَ من الإسلام.

 

والأكثر بروزًا في هذه الظَّاهرة المعقَّدة من المخاوف المعاصرة من الإسلام، هو حقيقةُ أنَّ الكُتَّاب المسلمين أنفسَهم يشجِّعونها أحيانًا، أولئك الكُتَّاب الذين يَستخرجون من رؤية مزدوجةٍ للإسلام مصدرًا لإضفاء الشَّرعية، وعلى الرغم من أنَّ ذلك يثير الدَّهشة، بأنَّه يوجد الآن في المجتمع الفرنسي نوعٌ من المخاوف من الإسلام عند المسلمين!

 

بعبارة أدقَّ: يوجد لدى بعض الزَّعامات الإسلاميَّة الإعلامية مَيلٌ لأنْ تقف إلى جانب توجُّهات نُشَطاء المخاوف من الإسلام من غير المسلمين، وهذا الميل لا يَصدر من أُناس لهم مَخاوِفُ من الإسلام بوصفهم كذلك؛ لأنَّ هؤلاء يُصِرُّون على أنَّهم مسلمون، وإنَّما يصدر من أشخاص يمكن القول بأنَّهم مُسَهِّلون للمخاوف من الإسلام.

 

من بين هؤلاء الذين يسهِّلون مهمَّة من يتبنَّون فكرة المخاوف من الإسلام، هناك ثلاثة لاعبين يظهرون بانتظام في المَجال العامِّ:

الأول: اللاعبون السياسيون الذين يقومون بدور الخبراء في الشأن الإسلامي لدى قيادات الأحزاب الفرنسية، أو لدى الجَمْعيات الوطنية مثل “مكافحة العُنصرية”، فهؤلاء قد حلُّوا نوعًا ما مكانَ “الجيل الثاني من مغاربيين تحت الطلب في الثمانينيَّات من القرن الماضي”، فأصبحوا مسلمين تحت الطلب.

 

الثانِي: اللاعبون في الحقل الثَّقافي الديني (خُطَباء المساجد، المُفْتون والأئمَّة) الذين هم في الغالب مرتَبِطون بالحكومة الجزائريَّة، ويستخدمون حُجَّتَهم بوصفهم مناهضين “للإسلامويَّة” من أجل فَرْضِ أنفسهم مُمَثِّلين شرعيِّين للإسلام (منفَتِح وليبرالي) لدى السُّلطات الفرنسية.

 

الثالث: اللاَّعبون في الوسط الإعلاميِّ الذين يَقِفون منذ سنين خلف تسويقِ نوعٍ جديد من صحافة البحث يُحرِّكه المثقَّفون الجزائريُّون الذين تحوَّلوا لِخُبَراء في شأن الشَّبكات الإرهابيَّة في فرنسا والعالم.

 

ويختتم “فنسان جيسير” كتابَه بالقول:

اليومَ لَم يَعُد الخِطابُ الذي يقيم معارضةً مستمِرَّة بين الإسلام المعتدل والإسلام المتشدِّد – فاعلاً؛ إذْ إنَّه يدور في فراغ؛ لأنَّه لم يعد يتيح فهم التطوُّر المثير للقلق للشبكات الإرهابية على الساحة العالَميَّة، فظاهرة العُنف هذه تُمثِّل تحدِّيًا حقيقيًّا للمعرفة التي يجب أن تَحُثَّنا على تَجاوُز الأحكام المسبقة، والتصوُّرات النَّمطية الخاطئة عن الإسلام والمسلمين، وتأخذنا بعيدًا عن التسطيح البسيط.

________________________________________________
 

تأليف: الدكتور فنسان جيسير (رئيس مركز الإعلام والدراسات حول الهجرة الدولية بفرنسا).

ترجمة: الدكتور محمد صالح الغامدي.

الناشر: المجلة العربية.

عدد الصفحات: 192 صفحة.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح ما يفعل من رأى الرؤيا أو الحلم

منذ حوالي ساعة الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه؛ فلينفث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *