بس شوي! – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة

لم يكن القليل دوماً محل ذمّ أوتحقير أو استصغار، ولا معبراً عن الدون، فقد ورد الثناء على القليل وبيان أنه أمر محمود وممدوح، ذلك أن العمل الصالح (الدائم) محبوب لله تعالى وإن كان قليلاً…

لم يكن القليل دوماً محل ذمّ أوتحقير أو استصغار، ولا معبراً عن الدون، فقد ورد الثناء على القليل وبيان أنه أمر محمود وممدوح، ذلك أن العمل الصالح (الدائم) محبوب لله تعالى وإن كان قليلاً، وحين سُئِلَ رَسولَ اللهِ ﷺ أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إلى اللهِ؟ 

قالَ: «أَدْوَمُهُ وإنْ قَلَّ»، والمال القليل حين يتم إنفاقه بنية طيبة، يكون عظيماً عند الله، كما قال ﷺ ( «سبق درهمٌ مائةَ ألفٍ كان لرجلٍ درهمانِ فتصدَّقَ أجودُهما وانطلق رجلٌ إلى عرضِ مالِه فأخذ منها مائةَ ألفٍ فتصدقَ بها».

 

إن إشاعة عنوان هذه التدوينة (بس شوي)  يعني إشاعة الإحسان، والحث على ما تيسر منه، ويدفعنا لإعادة المراجعة لموقفنا من الكثير من الأعمال التي طالما احتقرناها، بحجة أنها (قليلة) أو (يسيرة)، ثم كانت نتيجة ذلك الاستصغار أن توقفنا عنها بالكلية.

 

(بس شوي)، تعني ألا نتوقف عن العمل اليسير انتظاراً للوقت والإمكانات التي تجعلنا قادرين على القيام بالعمل الكثير.

(بس شوي)، تعني أن نتبرع بالمتيسر من المال، وألا نحتقر هذا الإنفاق وإن قل مقداره فقد (سبق درهم مائة ألف).

(بس شوي)، تعني أن نقوم بالإحسان اليسير المتاح لنا، فنميط الأذى عن الطريق، وإن كان غصناً، أو حجراً، أو عائقاً، مستذكرين أن ذلك أحد شعب الإيمان، وحديث الرسول ﷺ «بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك في الطريق، فأخَّره، فشكر الله له فغفر له».

(بس شوي)، تدفعنا لمراجعة اهتمام النبي ﷺ بتلك  المرأة – التي لم تكن تقوم بعمل كبير في نظر الكثيرين، حيث كانت (تقمّ المسجد) أي تجمع القمامة وتخرجها من المسجد،  فَفَقَدَهَا رَسولُ اللهِ ﷺ، فَسَأَلَ عَنْهَا، فَقالوا: مَاتتَ، قالَ: «أَفلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي» قالَ: فَكَأنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، فَقالَ: «دُلُّونِي علَى قَبْرِهاِ» فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْها.

(بس شوي)، تعني أن تفعل المعروف لكل أحد، ولو كان لقمة تضعها في فم جائع، أو شربة ماء تسقيها لعطشان، وفي الحديث «وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في فم امرأتك»، وفي الحديث كذلك «أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تُدخله على مسلم، أو تَكشف عنه كُربة، أو تَقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا»، وقال ﷺ   ( «يا نِساءَ المُسْلِماتِ، لا تَحْقِرَنَّ جارَةٌ لِجارَتِها، ولو فِرْسِنَ شاةٍ» وهو عظم قليل اللحم.

(بس شوي)، تعني أن نفعل الخير حتى مع البهائم، ونتذكر حديث النبي ﷺ  «بيْنَما كَلْبٌ يُطِيفُ برَكِيَّةٍ، كادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، إذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِن بَغايا بَنِي إسْرائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَها فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لها بهِ».

(بس شوي)، تعني ألا نبخل على الناس باللطافة، و الابتسام عندما نلقاهم، فإن «تبسمك في وجه أخيك صدقة»، وفي تعداد النبي ﷺ  للصدقات قال: ﷺ: «لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوف شَيْئًا، وَلَو أنْ تَلقَى أخَاكَ بوجهٍ طليقٍ»

(بس شوي)، تعني أن نحفز المحسنين، وأن نبادر لتقديم الشكر لهم، والثناء عليهم بشتى الطرائق والسبل، ونبارك فعلهم، ففي الحديث «من لا يشكر الناس لا يشكر الله».

(بس شوي)، تعني أن نسعى للالتزام بشيء من أذكار الصباح والمساء ولو قلّت عبارتها، وقصر وقتها، وشيء من التلاوة لكتاب الله، ولو كانت أحرفاً يسيرة، ففي الحديث:  «من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ “الـم” حرفٌ ولكنْ “ألفٌ” حرفٌ و”لامٌ” حرفٌ و”ميمٌ” حرفٌ».

(بس شوي)، تعني أنه يمكننا أن نصلي صلاة الوتر ركعة واحدة ونكتفي بها، وأن نصلي الضحى ركعتين فحسب، فندرك أجر القيام وأجر الضحى.

(بس شوي)، تذكرنا أن المحافظة على الفرائض وحدها دون أي نوافل، تدخل الجنة، كما في حديث الأعرابي الذي جاء إلى النبي ﷺ  ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ فقال: «الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا»، فقال: أخبرني ما فرض الله علي من الصيام؟ فقال: «شهر رمضان إلا أن تطوع شيئا»، فقال: أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة؟ فقال: فأخبره رسول الله ﷺ شرائع الإسلام، قال: والذي أكرمك، لا أتطوع شيئا، ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا، فقال ﷺ «أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق».

(بس شوي)، تجعلنا نسعى لأن نضرب مع كل محسن بسهم، وفي كل مشروع خيري أو تطوعي بأي مساهمة ممكنة مالية كانت أو فكرية، أو في الدلالة عليه، فإن (الدال على الخير كفاعله).

(بس شوي)، تجعلنا مبادرين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفق المستطاع، وبأجمل كلمة، وألطف عبارة، ولا ننتظر استجابة أو قبولاً، بل نكتفي بمجرد البلاغ (معذرة إلى ربكم).

(بس شوي)، تجعلنا نتواصى في بيوتنا بالبر والتقوى، ولا نحتقر كلمة نقولها، أو موعظة نلقيها، ولو كان مستمعوها اثنان أو ثلاثة..

إنني هنا أوصي نفسي، وأوصيك أيها القارئ الكريم بأن تعوّد نفسك على بذل الإحسان اليسير، وفعل المعروف اليسير، والمساهمة بسهم في كل مشروع خيري تراه، أو إحسان إلى عباد الله، وان تشيع ذلك في كل مجتمع تعيش فيه، فالمجتمع المتكافل المتعاطف الباذل وفقاً لإمكانياته وفق المستطاع والمتاح هو مجتمع حيوي فاعل نشط مبارك.

دمتم بخير،،،

_____________________________________________________
الكاتب: محمد بن سعد العوشن


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطر الإلحاد (2) – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *