أخي المبارك انظر إلى واقعك وما تفني فيه عمرك، هل هو مما ينفعك في قبرك، ومما يسرك أن تراه أمامك في معادك، أم هو من اللغو الذي لا ينفعك في آخرتك وسيعرض عنه الناس عند موتك، وعندئذ ستندم على كل لحظة أفنيتها فيه وصرفت فيها عمرك.
قبل مدة مات أحدهم ممن سخّر عمره لقضية هامشية تافهة ليست هي مما يُتقرب به إلى الله تعالى، ويُنتفع به في الآخرة، ولا هي من عُدة القبر التي يتزوّد بها. ولما مات ترك محبوه كل ما كان يتابعونه من أجله من تحليلات ونقد ومقابلات وأخذوا يبحثون في حساباته التواصلية عن تغريدة فيها ذكر الله، أو مقطع قرآني نشره أو حديث نبوي بثه، أو خير دل عليه، ليعيدوا نشره.
ولكن السؤال الآن:
لماذا بحث هؤلاء عن الآيات والأحاديث؛ ليعيدوا نشرها؟
لماذا بحثوا عن تغريداته التي فيها ذكر الله؟
وأين ذهب ذلك التصفيق الحار لتلك التصريحات والتحليلات وذلك النقد العميق وإحراق زهرة العمر في قضية هامشية؟! فهذا الذي بذل نفسه من أجله، وأفنى فيه عمره وقدمه للناس؛ تركه الناس وأعرضوا عنه لأنهم يعرفون أن ذلك لا ينفعه في آخرته وبحثوا عما ينفعه حقيقة في قبره، ويرفعه عند ربه، من خير وعمل صالح لينشروه.
أخي الكريم، لا تجعل هذا الأمر يمر عليك مرورا عابرًا؛ لأن فيه موعظة وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
ماذا لو أخذنا درسا من ذلك، وسلكنا الطريق الصحيح، وصرفنا أعمارنا فيما ينفعنا في الآخرة؛ حتى لا نغبن إذا صرنا في قبورنا و أسدل الستار على دنيانا، وحينئذ سندرك يقينا أنه قد انتهى.
زمن العمل، ولم يبق إلا الحساب على كل ما مضى ولا مجال للتعويض والاستدراك.
أخي المبارك انظر إلى واقعك وما تفني فيه عمرك، هل هو مما ينفعك في قبرك، ومما يسرك أن تراه أمامك في معادك، أم هو من اللغو الذي لا ينفعك في آخرتك وسيعرض عنه الناس عند موتك، وعندئذ ستندم على كل لحظة أفنيتها فيه وصرفت فيها عمرك.
إن من يوفقه الله تعالى لإدراك هذه المعاني والاعتبار بتلك المواعظ – لهو الموفق وأكثر الناس عنها غافلون فشرف العمر لا يُطلع الله عليه إلا من أراد به خيرا.
قال ابن الجوزي: “علمت أن الله تعالى لم يطلع على شرف العمر ومعرفة قدر أوقات العافية، إلا من وفقه، وألهمه اغتنام ذلك، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم”.
وقال أيضا: “من علم أن العمر بضاعة يسيرة يسافر بها إلى البقاء الدائم في الجنة، لم يضيعه”.
والخلاصة أن هذه الأنفاس جواهر.
تستطيع أن تشتري بها الفردوس الأعلى من الجنة إذا عمرتها بما يرضي الله.
وتأمل! سبحان الله العظيم وبحمده تغرس لك نخلة في الجنة وسبحان الله تملأ الميزان والحوقلة كنز من كنوز الجنان وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض. وفضل الله واسع.
___________________________________________________________________
د. طلال بن فواز الحسان
Source link