منذ حوالي ساعة
ذِكْرُ الله عز وجل يرفع المؤمن درجاتٍ عظيمات، ويكفِّر الذنوب، ويمحو السيئات بألفاظ يسيرة، وكلمات قليلة، فمهما عظُم ذنبك، فعفوُ الله أعظم، وذِكْرُ الله عز وجل يمحو السيئات بصور كثيرة جدًّا…
أولًا: ذِكْرُ الله عز وجل يكون باللسان وبالقلب، والأفضل ما اجتمع فيه الاثنان؛ القلب واللسان، وعلى العبد الذي يذكر ربَّه أن يحضُرَ الذِّكْر بقلبه، ويتفكَّر فيه بعقله، فإن لم يخشع قلبه ويتدبر عقله، فلا يترك الذِّكْر لعدم حضور القلب؛ لأن الغفلة عن الذِّكْر أشد من الغفلة في وجود الذِّكْر، ولأن الذِّكْر مع الغفلة هو سبيل للذكر مع اليقظة.
ثانيًا: لا بد لمن يذكر ربه أن يتلفَّظ بصوت بحيث يُسمِع نفسه، ومثله من كان في صلاة، أو يتلو كتاب الله، فإن أجرى الذِّكْر على قلبه ولم يُسمِع نفسه، فلا يُعتَدُّ بذلك، ولا يُحسَب له منه شيء؛ كما قال بذلك النووي في الأذكار.
ثالثًا: الذِّكْر غير محصور في التسبيح والتهليل والحوقلة والتكبير ونحو ذلك، بل كل حال يكون فيها المؤمن على طاعة من أي لون من ألوان الطاعات، فهو ذكر لله عز وجل.
رابعًا: ينبغي لمن يذكُر ربه أن يكون في أحسن الأحوال، وأطيب الصفات، فيكون على طهارة كاملة، وأن يكون نظيف البدن، جميل الثوب، طيِّبَ الرائحة في مكان نظيف، فإن فَقَدَ صفة من ذلك، فله أن يذكر ربه على أي وضع، وفي أي مكان.
خامسًا: ذِكْرُ الله عز وجل يرفع المؤمن درجاتٍ عظيمات، ويكفِّر الذنوب، ويمحو السيئات بألفاظ يسيرة، وكلمات قليلة، فمهما عظُم ذنبك، فعفوُ الله أعظم، وذِكْرُ الله عز وجل يمحو السيئات بصور كثيرة جدًّا؛ ومن هذه الصور:
١- يمحوها بتسبيحة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: سبحان الله وبحمده في يومٍ مائة مرةٍ، حُطَّت خطاياه ولو كانت مثل زَبَدِ البحر»؛ (صحيح مسلم: (2691)).
٢- يمحوها باستغفار.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: أستغفر الله، الذي لا إله إلا هو، الحي القيوم، وأتوب إليه، غُفِرَ له وإن كان فَرَّ من الزحف»؛ (مشكاة المصابيح: (2353)).
٣– يمحوها بهذا الذِّكْر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما على الأرض أحدٌ يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا كُفِّرت عنه خطاياه، ولو كانت مثل زَبَدِ البحر»؛ (صحيح الجامع: (5636)).
٤- يمحوها بدعاء بعد الطعام.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكل طعامًا ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام، ورَزَقَنِيه من غير حولٍ مني ولا قوةٍ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه»؛ (صحيح الجامع: (6086)).
٥- يمحوها بدعاء بعد اللِّباس.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن لبِس ثوبًا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا، ورزقنيه من غير حولٍ مني ولا قوةٍ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه»؛ (صحيح الجامع: (6086)).
٦– يمحوها حين الأذان.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًّا، وبمحمدٍ رسولًا، وبالإسلام دينًا – غُفِرَ له ذنبه»؛ (صحيح مسلم: (386)).
٧- يمحوها عند الوضوء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأحسن الوضوء، خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره»؛ (صحيح مسلم: (245)).
٨– يمحوها بذكرٍ بعد الصلاة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سبَّح الله في دُبُر كل صلاةٍ ثلاثًا وثلاثين، وحمِد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، غُفِرَت خطاياه وإن كانت مثل زَبَدِ البحر»؛ (صحيح مسلم: (597)).
٩- يمحوها بدعاء قبل النوم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يأوي إلى فراشه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر – غُفِرت له ذنوبه – أو خطاياه – وإن كانت مثل زَبَدِ البحر»؛ (صحيح الترغيب: (607)).
١٠- يمحوها بدعاء في جوف الليل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تعارَّ من الليل، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا، استُجِيب له، فإن توضأ وصلى قُبِلت صلاته»؛ (رواه البخاري في صحيحه).
ومثلها كثير جدًّا في إسلامنا العظيم.
ربنا اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبِّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
_____________________________________________________________
الكاتب: أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
Source link