منذ حوالي ساعة
ففي هذه اللحظة وقبل أن يتمكن الحزن من نفسه ما عليه سوى أن يخاطبها ويذكرها بأن أي مصيبة ما دامت بعيدة عن الدين فلن تكون نهاية العالم ،وما دامت علاقته بخالقه متصلة فلن يُضره شئ
هناك مواقف عديدة ومتفاوتة يكون المرء فيها في أشد الحاجة لمخاطبة نفسه حسب نوع الموقف كبديل عن الآخرين ،لأنه الأكثر معرفة لما يعاني وبما يدور داخل ذاته ،هذا فضلًا عن كونه الأشد حرصًا على مصلحته الدنيوية والآخروية.
فكثيرا ما يتعرض المرء إلى أنواع من الأذى والأسى التي إن لم يساند فيها نفسه ويدعمها ويشد أزرها يكون عرضة للدمار والعياذ بالله
ففي هذه اللحظة وقبل أن يتمكن الحزن من نفسه ما عليه سوى أن يخاطبها ويذكرها بأن أي مصيبة ما دامت بعيدة عن الدين فلن تكون نهاية العالم ،وما دامت علاقته بخالقه متصلة فلن يُضره شئ
فقد تكون مأساته هي بداية الصلة بالله فهناك من الابتلاءات التي تثقل على النفس وتكون هي نقطة تحول في حياة المرء الذي كان بعيدًا عن ربه ،وتكون هي بداية الفتح والانطلاق إلى عالم الحرية والتحرر من قيود العبودية لغير الله سبحانه ،ليدرك أن العبودية لله وحده هي قمة الحرية حيث لا كبير ولاسلطان عليه إلا العلي الكبير الرحمن الرحيم وهنا تنزل السكينة والطمأنينة.
وهذه أمور يدركها كل مؤمن غير أن وقت الابتلاء يكون بحاجة أن يُذكر نفسه ويحنو عليها ويستمد من إيمانه وثقته بخالقه القوة ويُهون على نفسه وطأة الأمر وقد أعجبني بشدة رأي أحد العارفين بالله إذ أنه جمع بين الثقة بالله وأهمية الإنابة إليه وأنه هو الأولى بنفسه بمواساتها والتخفيف عنها لأنه الأحرص على ذلك والأدرى بمداخلها ودهاليزها إن صح التعبير كي يقنعها بكل المعاني السابقة.
أما الأمر الآخر الذي يحتاج إلى مخاطبة النفس كذلك وهو مختلف كل الاختلاف فهو توجيهها وتصويب سلوكها إذا انحرفت عن الطريق المستقيم ،فهذا دور كلنا للآسف يكره أن يأتي من قِبَل الآخرين ،فلا أقل من أن يصدر من قبل أنفسنا لنفس الأسباب المذكورة آنفا وهو أن كلنا أشد فهمًا لنفسه وطبيعتها ولالتوءاتها وكذلك هو الحرص أن يقيها من عقاب الخالق سواء في الدنيا أو الآخرة ،وهو نوع من مصارحة النفس لابد التماسه في كل لحظة وكل حين وخاصة إذا وجد نفسه ظالمًا لها أو لغيرها فالظلم ظلمات يوم القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم الراوي : عبد الله بن عمر(المصدر : صحيح البخاري رقم [2447]) .
على أن هناك أنواع من البشر مفرطة الحساسية ترفض أن تخطئ و تقوم بجلد ذاتها لأهون الأسباب وهذا مخالف لطبيعة البشر فكل بني آدم خطاء كما قال صلى الله عليه وسلم و لكنه قال كذلك « خير الخطائين التوابون » الراوي : أنس ابن مالك(المصدر : صحيح الجامع رقم [4515])
فرفقًا بذاتك عند البلاء ورفقًا بها عن الظلم ورفقًا بها عند المحاسبة .
Source link