أكثروا من الاستغفار والذكر، فإنهما من أسباب تفضيل العمل ومحو التقصير والزلل، ونشاط الهمة والجوارح في طاعة الله عز وجل، وذهاب الهم والحزن والعجز والكسل…
أما بعد:
فاتقوا الله أهل الإسلام وتذكروا بسرعة تصرم الشهر، سرعة إنقضاء العمر وقرب انقطاع الأثر، وأحسنوا في ختام الشهر، استكمالاً للأجر، وطمعاً في الزلفى، واستزادة من الخير، وتذكروا أن الأعمال بالخواتيم، وأن المرد إلى الحي القيوم، الذي يحكم بالعدل، ويجود بالفضل.
معشر المسلمين:
أكثروا من الاستغفار والذكر، فإنهما من أسباب تفضيل العمل ومحو التقصير والزلل، ونشاط الهمة والجوارح في طاعة الله عز وجل، وذهاب الهم والحزن والعجز والكسل، فقد فاز المستغفرون والذاكرون بالأجر العظيم والذكر الكريم، والصلوات من الله تعالى وملائكته ومغفرة الله تعالى وعفوه ورحمته.
معشر المؤمنين:
اشكروا الله على نعمته وانتظروا منه، المزيد وتوقوا به العذاب الشديد لقد بلغكم الله الشهر، ومتعكم حتى أدركتم الليالي العشر، واستكملتم العدة مع العافية واليسر وجمع الله بين تمام الصيام، والقيام مع الأئمة الذي يستكمل به القيام، ويسر الله لكم تلاوة القرآن، ونوع لكم أبواب الإحسان، فإن تشكروا فإن ربكم شكور، وإن تكفروا فإنه لا يحب كل مختال كفور.
معشر المؤمنين:
ومن كرم الله عليكم أن فتح لكم باب التوبة من الخطيئة والزلل، وبشركم بأنه يقبل ويضاعف المثوبة على صالح العمل وقال في محكم المنـزل منه {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} [1] وتهدد في صريح تنـزيله بقوله {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [2] وأخبر أنه تعالى يحب التوابين والمحسنين، ولا يحب الظالمين ولا يصلح عمل المفسدين.
أمة الإسلام:
واخرجوا زكاة فطركم التي فرض الله عليكم ختام شهركم تزكية لإيمانكم وعملكم ومواساة لمساكنِكم وفقرائكم، ومحو لخطيئاتكم، وتكميلاً لنقص عملكم، وشكرا لربكم على إكمال العدة وإغناءاً لمحاويجكم ليلة العيد ويومه عن المسألة، فأنفقوا من قوتكم ولن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون، ومن يبخل فإنما يبخل على نفسه والله الغني وأنتم الفقراء.
عباد الله:
إن صدقة الفطر عبادة جلية وشعيرة محلية وهي بعدد رؤوس أهل البيت ومن يموتون فيخرج عن كل شخص صاعا “كيلو ونصف” مما تأكلون، تعطى لصنفين من أهل الزكاة هما الفقراء والمساكين، ليلة العيد وقبل صلاة العيد ويجوز أن تخرج قبله بيوم أو بيومين، ولو أخر أخرجت “لكن مع الإثم” ولا بد أن تسلم لمستحقيها أو لوكيله المعلوم منه ولا يصح إخراج البدل أو القيمة لأن النبي صلى الله عليه وسلم عينها من القوت مع وجود القيمة والبدل من أثاث البيوت فعلم أن إخراجها من القوت مقصود لذاته قبل يترك المستيقن للمحتمل ومن استبانت له السنة لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الأمة.
أمة الإسلام:
كبروا الله ليلة العيد وقبل وأثناء صلاة العيد فإن الله تعالى قد أمركم أن تكبروا على ما هداكم وجعله من الشكر له على ما أعطاكم {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [3]، فإذا رأيتم الهلال أو بلغكم ثبوته فكبروا الله قائلين الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، فإن التكبير في هذه المناسبة من سنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأنبياء والمرسلين، ومن هدي سلفكم الصالحين، فقد ثبتت بذلك الآثار وعمل به المسلمون في جميع الأمصار على امتداد القرون والاعصار، ألا وإنه للإسلام شعار، وكم فيه من إغاظة للمنافقين والكفار، قال الإمام أحمد رحمه الله: “كان ابن عمر رضي الله عنهما يكبر في العيدين جميعا”، وأخرج الدارقطني رحمه الله بسنده أن ابن عمر رضي الله عنهما “كان إذا غدا يوم الفطر والأضحى إلى المصلى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ثم يكبر حتى يأتي الإمام”، وفي الصحيح عن أم عطية رضي الله عنها قالت: “كنا نؤمر أن نخرج الحيض والعواتق “تعني إلى العيد” يكبرن مع الناس”. فأجاروا “عباد الله” بالتكبير وأظهروا في المسير والمصليات وكبروا مع الإمام في الخطبة والصلاة تشهروا السنة وتدخلوا الجنة، وتأمنوا من النار والفتنة.
[1] (المائدة من الآية 39).
[2] (الحجرات: من الآية 11).
[3] (البقرة: من الآية 185).
Source link