ما من خيرٍ عاجل ولا آجل ظاهر، ولا باطن إلا وتقوى الله سبيل موصل إليه، ووسيلة مبلغة له، وما من شرٍّ عاجل، ولا آجل ظاهر، ولا باطن إلا وتقوى الله عز وجل حرزٌ متين وحصنٌ حصين للسلامة منه والنجاة من ضرره.
عباد الله؛ عليكم بتقوى الله، فإنها وصية الله للأولين والآخرين؛ قال الله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: 131]، فما من خيرٍ عاجل ولا آجل ظاهر، ولا باطن إلا وتقوى الله سبيل موصل إليه، ووسيلة مبلغة له، وما من شرٍّ عاجل، ولا آجل ظاهر، ولا باطن إلا وتقوى الله عز وجل حرزٌ متين وحصنٌ حصين للسلامة منه والنجاة من ضرره.
شعرًا:
خصال إذا لم يحوها المرء لم ينل *** منالًا من الأخرى يكون له ذخرَا
يكون له تقوى وزهد وعفـــــــــــةٌ *** وإكثار أعمال ينال بها أجـــــرَا
آخر:
ليس يبقى على الجديدين إلا *** عمل صالح وذكر جميل
آخر:
وما في الناس أحسن من مطيعٍ *** لخالقه إذا عد الرجال
آخر:
لنعم فتى التقوى فتى طاهر الخطى *** خميص من الدنيا تقي المسالك
فتىً ملك الأهواء أن يعتبدْنَــــــــــــه *** وما كل ذي لبٍّ لَهنَّ بمالــــــــكِ
وكم علَّق الله العظيم في كتابه العزيز على التقوى من خيرات عظيمة وسعادات جسيمة؛ من ذلك المعية الخاصة المقتضية للحفظ والعناية والنصر والتأييد؛ قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194]، ومن ذلك المحبة لمن اتقى الله؛ قال الله تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 7]، ومن ذلك التوفيق للعلم قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282]، ومن ذلك نفي الخوف والحزن عن المتقي المصلح؛ قال الله تعالى: {فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأعراف: 35]، ومن ذلك الفرقان عند الاشتباه ووقوع الإشكال والكفارة للسيئات والمغفرة للذنوب؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال: 29].
ومن ذلك النجاة من النار؛ قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 71، 72]، وقال تعالى: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الزمر: 61]، ومن ذلك المخرج من الشدائد والرزق من حيث لا يحتسب؛ قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3]، ومن ذلك اليسر؛ قال الله تعالى: {مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4]، ومن ذلك عظم الأجر؛ قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5]، ومن ذلك الوعد من الله بالجنة؛ قال تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا * تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا} [مريم: 61 – 63].
شعرًا:
وأحسن وجه في الورى وجه متَّقٍ ** وأقبح وجه فيهم وجهُ كافر
آخر:
ومن أضيع الأشياء مهجة ذي التقى ** يجوز على جوبائها حكم جائر
وقال تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الشعراء: 90]، وقال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 54، 55]، وقال تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]، وقال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67]، ومن ذلك الكرامة عند الله بالتقوى؛ قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، إذا فهمت ذلك فاعلم أن التقوى هي امتثال الأوامر واجتناب النواهي، فالمتقون هم الذين يراهم الله حيث أمرهم ولا يقدمون على ما نهاهم عنه.
المتقون هم الذين يعترفون بالحق قبل أن يشهد عليهم، ويعرفونه ويؤدونه، وينكرون الباطل ويجتنبونه، ويخافون الرب الجليل الذي لا تخفى عليه خافية، المتقون يعملون بكتاب الله فيحرمون ما حرَّمه ويُحلون ما أحلَّه، ولا يخونون في أمانة، ولا يرضون بالذل والإهانة، ولا يَعقون ولا يقطعون، ولا يؤذون جيرانهم، ولا يضربون إخوانهم، يصلون من قطعهم، ويعطون من حرمهم، ويعفون عمن ظلمهم، الخير عندهم مأمول، والشر من جانبهم مأمون، لا يغتابون، ولا يكذبون، ولا ينافقون، ولا ينمون، ولا يحسُدون، ولا يراؤون، ولا يرابون، ولا يقذفون، ولا يأمرون بمنكر ولا ينهون عن معروف، بل يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، تلك صفات المتقين حقًّا الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون.
إخواني لو تحلَّى كلٌّ منا بالتقوى لحسُن عمله، وخلَصت نيتُه، واستقام على الهدى، وابتعد عن المعاصي والردى، وكان يوم القيامة من الناجين.
شعرًا:
لحى الله قلبًا بات خلوًا من التقى ** وعينًا على ذنبٍ مضى ليس تَذرف
وإني أُحب كلَّ من كان ذا تقـــــى ** ويزداد في عيني جلالًا ويشــــرف
شعرًا:
يريد المرءُ أن يؤتى منــاه ** ويأبى الله إلا مـــــــــــا أرادا
يقول المرء فائدتي ومالي ** وتقوى الله أفضل ما استفادا
آخر:
عليك بتقوى الله في كلِّ حالــــــةٍ ** تجد نفعَها يوم الحساب المطول
ألا إن تقوى الله خير بضاعـــــــــةٍ ** وأفضل زاد الظاعن المتحمــــــل
ولا خير في طول الحياة وعيشها ** إذ أنت منها بالتقى لم تـــــــــزوَّد
آخر:
لعمرك ما مال الفتى بذخيــــــــــرةٍ ** ولكن تقوى الله خيرُ الذخائــــر
وأنفع من صافيت من كان مخلصًا ** لمن لم تغب عنه خفايا الضمائر
آخر:
وما رفع النفس الحقيرة كالتقــى ** ولا وضع النفس الرفيعة كالكفــرِ
____________________________________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالعزيز السلمان
Source link