منذ حوالي ساعة
هذه الأيام، أيام غزة وفلسطين، وما تمر به من أحداث، انتشر اسم الشهيد والشهادة، وتداوله الصغار والكبار، الرجال والنساء، وصار وسامًا عظيمًا يتفاخرون به…
هذه الأيام، أيام غزة وفلسطين، وما تمر به من أحداث، انتشر اسم الشهيد والشهادة، وتداوله الصغار والكبار، الرجال والنساء، وصار وسامًا عظيمًا يتفاخرون به، يقول الطفل: أنا ابن شهيد، ويقول الأب: أنا أبو شهيد، وتقول الأم: أنا أم شهيد، ويقول الآخر: أنا أخو شهيد، وصار الكل يتنافس للشهادة، فهنيئًا للشهداء الشهادة، وهنيئًا لأقاربهم التفاخر بهم:
يشهد الله أنكم شهداءُ *** يشهد الأنبياء والأوليـاءُ
متُّم كي تُعَزَّ كلمة ربي *** في رُبُوعٍ أعزَّها الإسـراءُ
فالشهداء أرواحهم شاهدة وحاضرة، وإن الله وملائكته يشهدون لهم بالجنة، وهم يشهدون عند خروج أرواحهم ما أعدَّ الله لهم من الكرامة، ويشهد لهم بالأمان من النار، وتشهد لهم الأنبياء بحسن الاتباع، والله يشهد لهم بحسن نياتهم وإخلاصهم، ويشاهدون الملائكة عند احتضارهم.
والشهداء قسمان: شهيد الدنيا؛ وهو مَن يُقتَل في حرب الكفار، مقبلًا غير مُدْبِر، مخلصًا لله، وشهيد الآخرة وهو مَن يُعطى من جنس أجر الشهداء، ولا تجري عليه أحكامهم في الدنيا؛ كما جاء في الحديث الصحيح أن أقسام الشهداء خمسة: «المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله».
وفي حديث آخر أن الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: «المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحَرِق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجُمْعٍ شهيد».
ويشترط لهذه الأصناف أن تكون مَيتَتُهم في طاعة لا معصية، فمن خرج في معصية ثم مات غريقًا لا يُعَدُّ شهيدًا، ومن ماتت في نِفاسٍ وكان حملها من زنا لا تدخل في عِداد الشهداء، ومن دخل دارًا ليسرق فتُهدم البيت عليه أو احترق، فلا يعد شهيدًا:
يا شهيدًا قد تَخِذنا قبسًــــــــــا *** منه يهدينا إلى النهج السديدِ
متَّ في الحرب شريفًا لم تُطِقْ *** رِبْقَةَ الأَسْرِ ولا ذلَّ العبيـــــــدِ
(عبدالرحيم محمود)
وللشهيد ستُّ خِصال لا مثيل لها؛ ففي الحديث: «إن للشهيد عند الله عز وجل ست خصال: أن يُغفَر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويُحلَّى حُلَّة الإيمان، ويُزوَّج من الحور العِين، ويُجار من عذاب القبر، ويأمَن من الفزع الأكبر، ويُوضَع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويُزوَّج اثنتين وسبعين زوجةً من الحور العين، ويُشفَّع في سبعين إنسانًا من أقاربه».
يوم الشهيد تحية وســـــــــــلام *** بك والنضال تُؤرَّخ الأعوامُ
بك والذي ضم الثرى من طِيبِهم *** تتعطر الأرْضُون والأيــــامُ
(محمد مهدي الجواهري)
والشهيد هو وحده من يتمنى العودة إلى الدنيا؛ ففي الحديث: «ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا، وله ما على الأرض من شيء، إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا، فيُقتل عشر مرات؛ لِما يرى من الكرامة».
والشهيد لا يتألم من القتل؛ فقد روى أحمدُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما يجد الشهيد من مَسِّ القتل، إلا كما يجد أحدكم مَسَّ القَرْصَة».
والشهيد رائحة دمه كالمسك؛ فقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل كَلْمٍ يكْلَمُه المسلم في سبيل الله، يكون يوم القيامة كهيئتها إذ طُعِنت، تَفَجُّرُ دمًا، اللون لون الدم، والعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْك».
اللهم نسألك الشهادة وحسن الخاتمة، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.
____________________________________________________________________
الكاتب: د. سليمان الحوسني
Source link