أكثر من شهادة التوحيد ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) فهي خير ما يُقال هذا اليوم .
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
عشية عرفة ( هي من بعد الظهر إلى غروب الشمس ) وهي أنفس ساعات العام وأشرفها .
استحضر عظمة الدعاء ، وأنّه أكرم شيء على الله .
استحضر تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لدعاء عرفة وعنايته به .
تمتدّ ساعات فاجعل دعاءك فيها شامل لأنواع الدعاء كلها :
أوّله : دعاء ثناء على الله ( بحيث تُكثر من الثناء عليه وأطل في ذلك فإنّنا مقصرون في هذا النوع من الدعاء ، اجلس ولو ساعة تُثني فيها على ربك واستحضر عظمته وجلالة صفاته وكثرة نعمه )
انظر الآيات التي أثنى الله فيها على نفسه كسورة الفاتحة وآية الكرسي وكالآيات من ٢٦-٢٧ من سورة آل عمران والآيات من ٩٥-١٠٣ من سورة الأنعام وخواتيم سورة الحشر ونحوها كثير ، فتُثني على الله بها فتقول :
اللهم لك الحمد وأنت ربّ العالمين ، ولك الملك وأنت الرحمن الرحيم ، سبحانك يا مالك يوم الدين ، يافالق الحبّ والنوى ، ويا مخرج الحي من الميت … وهكذا .
وكذلك الأدعية الصحيحة التي فيها الثناء على الله ( وهي كثيرة ومتوفرة في كتب الأدعية )
تقولها بقلب حاضر ، واستحضار لعظمة الله تعالى ، حتى إذا ما رق القلب ، وخشعت النفس ، وذرفت العين انتقلت لدعاء المسألة .
أكثر من شهادة التوحيد ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) فهي خير ما يُقال هذا اليوم .
تجديد التوبة والإنابة وكثرة الاستغفار والعزيمة على طاعة الله فيما تستقبل من العمر له الأثر الكبير في إجابة الدعاء ، ومن تأمّل القرآن وجد هذا جلياً ، قال تعالى حاكياً دعاء الأبوين آدم وحواء :
{” قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ “}
وقال تعالى حاكياً دعاء موسى عليه السلام :
” قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ “
ونحوها كثير
قسّم دعائك بين حاجات دنياك وآخرتك ، واجعل مطالبك متنوّعة شاملة وجامعة ، ولا تستكثر دعاء ولا تترك شيء إلا دعوت به ، فالله كريم يُحبّ الملحين في الدعاء ، واحرص على دعوات الكتاب والسُنّة فهي جوامع ، ومعالي مطالب .
كرّر دعاءك ولا تملّ ؛ كرره كثيراً فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعى ، دعى ثلاثاً يعني يكرره ثلاث مرات .
وبقي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة رافعاً يديه من بعد صلاة الظهر إلى الغروب بمقدار أكثر من خمس أو ست ساعات .
اُدع بنفائس الدعوات ممّا يتعلق بأمور دينك وهدايتك واستقامتك وحيازة العلم النافع ، وأن يوفقك لنفع المسلمين ، وما يتعلق بأمور الآخرة من تهوين سكرات الموت ، وسعة القبر ، والسلامة من أهوال يوم القيامة ، واجعل همّك نيل رضا الله وجنّته ( وارتق بهمّتك للإلحاح في طلب الفرودس الأعلى ومرافقة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم فيها )
ادع بصلاح أمور دنياك ولا تستكثر طلباً .
ادع بالرزق ، بالحياة الزوجية السعيدة ، بالولد الصالح ، بالصحة والعافية ، بالسلامة من كل بلاء وفتنة ، بسلامة وطنك ، بالدعاء لولي أمرك ، بالدعاء بكل شيء .
أكثر من دعاء :
” ربنا آتنا في الدنيا وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار “
فهو من أجمع الأدعية .
أحسن الظنّ بالله ، وأعظم الثقة به ، وكن عظيم الرجاء به .
احضر قلبك ، فإن شرد فرده ، وكلما شرد رده حتى تجد لذة الدعاء ولذة المناجاة ، وليكن قلبك حاضراً في الدعاء ليكون أحرى بالقبول والإجابة .
صلاتك على النبي صلى الله عليه وسلم لها الأثر الكبير في إجابة الدعاء فاجعلها في أوّل دعائك ووسطه وآخره ، وأكثر منها فبها تُقضى الهموم وتتحقق المطالب .
وفقني الله وإيّاك وجعلنا من المقبولين المرحومين في هذا اليوم العظيم .
كتبه /
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
ليلة عرفة لعام ١٤٤١ هجري
Source link