منذ حوالي ساعة
أخي القارئ إن نصب الميزان في حد ذاته يعد إحدى الكرب العظيمة على الناس يوم القيامة، والدليل على ذلك عدة أمور تشير إلى ذلك
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله:
أخي القارئ إن نصب الميزان في حد ذاته يعد إحدى الكرب العظيمة على الناس يوم القيامة، والدليل على ذلك عدة أمور تشير إلى ذلك:
أولاً: عنده لا يذكر الإنسان إلا نفسه:
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ذكرت النار فبكيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يبكيك؟» قلت: ذكرت النار فبكيت؛ فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ««أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحدا: عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أو يثقل؟ وحيث الكتاب حين يقال ” هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ” حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينه أم شماله أم من وراء ظهره؟ وعند الصراط إذا وضع بين ظهري جهنم»» (رواه الإمام أحمد –الفتح الرباني – وأبو داود واللفظ له، والحاكم، وقال العراقي في تخريج الإحياء: إسناده جيد، وحسنه شعيب الأرناؤوط في تخريج أحاديث جامع الأصول لابن الأثير، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب).
ثانيا: إشفاق الملائكة من هوله وهم غير محاسبين:
فعن سلمان الفارسي رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ««يوضع الميزان يوم القيامة، فلو وزن فيه السموات والأرض لوسعت، فتقول الملائكة: يا رب لمن يزن هذا؟ فيقول الله: لمن شئت من خلقي، فتقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، ويوضع الصراط مثل حد الموسى، فتقول الملائكة: من تجيز على هذا؟ فيقول: من شئت من خلقي، فيقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك»» (رواه الحاكم، وابن أبي شيبة، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب).
ثالثا: وقوف النبي صلى الله عليه وسلم عنده للشفاعة:
اعلم أخي المسلم بأن الهول سيكون عظيمًا وشديدًا عند نصب الميزان، لذا سيقف نبينا صلوات الله وسلامه عليه ليشفع عنده، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامة فقال: «أنا فاعل» قال: قلت: يا رسول الله فأين أطلبك؟ قال: «اطلبني أول ما تطلبني على الصراط» قال: قلت: فإن لم ألقك على الصراط؟ قال: «فاطلبني عند الميزان» قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: «فاطلبني عند الحوض فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن»» (رواه الإمام أحمد –الفتح الرباني – والترمذي والبيهقي وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب).
والنبي صلى الله عليه وسلم لن يقف عند الميزان – والعلم عند الله تعالى – إلا ليشفع لأناس قد خفت موازينهم، أو تساوت حسناتهم مع سيئاتهم.
رابعا: يتمنى المرء الهروب من سيئاته إذا رآها:
وذلك مما يفهم من سياق الآية وتفسيرها، إلا أننا لا ندري متى يقع ذلك، ولعله عندما يشهد المرء وزن أعماله فيرى كافة سيئاته في كفة الميزان.
قال الله تعالى: {” يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ “} [آل عمران:30] قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: يوم القيامة يحضر للعبد جميع أعماله من خير وشر، كما قال تعالى: {” يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ” } فما رأي من أعماله حسنًا سره ذلك وأفرحه، وما رأي من قبيح ساءه وغصه، وود لو أنه تبرأ منه، وأن يكون بينهما أمد بعيد؛ كما يقول لشيطانه الذي كان مقرونا به في الدنيا، وهو الذي جرأه على فعل السوء: (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين) أهـ (تفسير القرآن العظيم لابن كثير).
فمن الأدلة السابقة يتضح جليًا بأن نصب الميزان يعد كربةً من الكرب على البشرية جمعاء، فلذلك يستوجب علينا الحرص على الأعمال التي تثقل موازيننا كي يخف عنا هذا الكرب بإذن الله تعالى.
Source link