السعادة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم

الاتباع: هو الاقتداء والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الاعتقادات والأقوال والأفعال والتروك، مع توفر القصد والإرادة

د. شريف فوزي سلطان

 

الاتباع: هو الاقتداء والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الاعتقادات والأقوال والأفعال والتروك، مع توفر القصد والإرادة في ذلك كله. { ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾}  [الأحزاب: 21].

فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر الذي توزن عليه الأعمال فمهما قال قائل قولاً أو فعل فعلاً أو ادعى دعوى فلا قيمة لها حتى تزن كلامه وفعله بالميزان الأكبر وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

• فهل أنت ممن أطاع البشير النذير؟ هل أنت ممن أجاب الداعي صلى الله عليه وسلم؟

• هل أنت ممن استجاب لتحذيره فحمى نفسه نار جهنم؟

وقبل أن تعجل بالإجابة انظر إلى أقوالك وأعمالك هل هي وفق شريعته وما جاء به؟

فيا سعادة من أطاعه واتبعه ويا خزي وندامة من خالف أمره وعصاه!!

قال الله: { ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ﴾} [الفرقان:27].

وقال تعالى: { ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ﴾}  [الأحزاب:66].

علاقة اتباع النبي صلى الله عليه وسلم بالسعادة:

أتباع النبي صلى الله عليه وسلم صدقاً هم أشرح الناس صدراً وأهنؤهم عيشاً وأسعدهم حياة وأثبتهم قلباً وأسلمهم ضميراً ولو أصابهم من المحن والابتلاء ما أصابهم

والسبب في ذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكمل الخلق في كل صفة يحصل بها انشراح الصدر واتساع القلب لذلك قال الله: { ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾} [الشرح:1] فعلى حسب متابعته ينال العبد من انشراح صدره ولذة روحه ما ينال.

قال تعالى: { ﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾}  [النور:54].

قال عليه الصلاة والسلام: “ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما..” [متفق عليه] فرسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّه كل شيء حتى الجمادات: الجذع الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب عليه لما اتخذوا له منبراً حن الجذع وبكى لفراق الحبيب عليه الصلاة والسلام.

فكان الحسن البصرى يقول: ” يا معشر المسلمين الخشبة تحن إلى رسول الله شوقاً إلى لقائه فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه “.

فاتباع النبي صلى الله عليه وسلم سبب السعادة كما أن ترك ذلك سبب الشقاوة.

لذلك أمرنا الله تعالى بطاعته طاعة مطلقة:

قال تعالى:  {﴿ آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾}  [الحشر:7].

وقال تعالى:  {﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾}  [النساء:80].

وقال تعالى:  {﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾}  [الأحزاب:71].

بل إن مفتاح الجنة في تباع السنة:

ففي صحيح البخاري قال عليه الصلاة والسلام: “كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى “.

الاعتصام بالسنة وإتباعها عصمة من الضلال ونجاة من الفتن:

قال عليه الصلاة والسلام: «“تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبداً كتاب الله وسنتي”» [رواه الحاكم وصححه الألباني].

وقال عليه الصلاة والسلام – في وصيته التي وصّى بها أصحابه: « “أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمّر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ..”» [رواه الحاكم والبيهقي وغيرهما وصححه الألباني].

وقال عليه الصلاة والسلام: ” « افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة: فقيل: من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي» ” [رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني].

إتباع النبي سبيل إلى محبة الرب العلى:

قال الله:  {﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾}  [آل عمران:31].

إتباع النبي صلى الله عليه وسلم شرط في إيمان العبد:

قال الله:  {﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ } [النساء:65] وقال تعالى:  {﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ } [النور:51].

وقال عليه الصلاة والسلام: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين” وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عمرَ يوماً فقال: يا رسول الله: لأنت أحب إلىّ من كل شيء إلا من نفسي.

فقال عليه الصلاة والسلام: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلىّ من نفسي فقال عليه الصلاة والسلام: الآن يا عمر.

وعلى النقيض: مخالفة هدى النبي صلى الله عليه وسلم ضلال كبير وشر مستطير:

• لو أن مريضاً خالف طبيبه في وصف الدواء لا تهمه الناس بقصور في عقله. أو لو أن رجلاً يسير بسيارته فيخالف علامات المرور ويتبع المهالك لاتهم بالجنون. فكيف بمن خالف رسول الله الذي قد نزل عليه الوحي ولم ينزل على غيره ورأى الجنة والنار ولم يرهما غيره وتكلم مع الله ولم يتكلم معه غيره (منا). قال تعالى:  {﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾}  [النور:63]

اتباع الصحابة رضي الله عنهم للرسول صلى الله عليه وسلم:

• قال أبو بكر رضي الله عنه: “لست تاركاً شيئاً كان رسول الله يعمل به إلا عملت به وإني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ”.

• عمر رضي الله عنه: جاء إلى الحجر الأسود فقبله وقال: « “إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك من قبلتك. ثم قال: مالنا الرمل وإنما كنا راءينا به المشركين وقد أهلكهم الله ثم قال: شيء صنعه النبي صلى الله عليه وسلم فلا نحب أن نتركه”» . [متفق عليه ].

• وسار على منواله ولدُه الموفق – عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما: عن مجاهد قال كنا مع ابن عمر رحمه الله في سفر فمر بمكان فحاد عنه فسُئل: لم فعلت ذلك؟ قال: «رأيت رسول الله فعل هذا ففعلت» . [رواه أحمد بإسناد جيد].

• عبد الله بن مُغفل رضي الله عنه: رأى رجلاً يحذف فقال له: لا تحذف فإن رسول الله نهى عن الحذف أو كان يكرهه وقال: ” إنه لا يصاد به صيد ولا يُنكى به عدد ولكنها قد تكسر السِنَّ وتفقأ العين ثم رآه بعد ذلك يخذف فقال له: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الحذف وأنت تحذف لا أكلمك كذا وكذا.

 

• عن ابن أبى مليكة رحمه الله: أن عروة بن الزبير قال لابن عباس: أضللت الناس قال: وما ذاك يا عُرّيه؟ قال: تأمر بالعمرة في هؤلاء العشر وليست فيهن عمرة فقال: أولا تَسأل أمَّك عن ذلك؟ فقال عروة: فإن أبا بكر وعمر لم يفعلا ذلك. فقال ابن عباس: هذا الذي أهلككم. والله ما أرى إلا سيعذبكم. إني أحدثكم عن النبي صلى الله عليه وسلم وتجيئون بأبي بكر وعمر؟

 

• عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه. وقال: “يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده. فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك انتفع به. فقال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

• حين نزلت آية الحجاب فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم تنتظر امرأة واحدة حتى تعود إلى بيتها لتصنع خماراً بل شققن مروطهن (ثوب كانت تربطه المرأة على بطنها زائداً) فصنعن منها الخُمر.

 

• عن عائشة رضي الله عنها. قالت: يرحم الله النساء المهاجرات الأوُل لما أنزل الله عز وجل:  {﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾}  [النور:31] شققن مروطهن فاختمرن بها [رواه البخاري].

لا سبيل إلى الهداية إلا بإتباع النبي بعناية، فهذا طريق الجنة والسعادة والولاية.

 

♦♦♦

النصيحة:

• ابدأ تعلم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العبادات والمعاملات والسلوكيات من خلال سؤال أهل العلم وحضور مجالسهم واقتن كتاب ” زاد المعاد في هدي خير العباد ” لابن القيم أو ” الملخص المستفاد من زاد المعاد ” للمؤلف.

• وإذا عرفت فالزم.
 


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح ما يفعل من رأى الرؤيا أو الحلم

منذ حوالي ساعة الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه؛ فلينفث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *