منذ حوالي ساعة
اللهم اكْفنا شرَّ السحرة وكيدهم، واصرِفهم عن بلادنا وبلاد المسلمين، ورد كيدهم في نحورهم، واكشِف سترَهم، وانتقم منهم يا ذا الجلال والإكرام.
الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بَعدُ:
قال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].
أخبر سبحانه بكذب الشياطين فيما تلته على ملك سليمان، ونفى عنه ما نسبوه إليه من السحر بنفي الكفر عنه؛ مما يدل على كون السحر كفرًا، وأكد كفر الشياطين وذكر صورة من ذلك، وهي تعليم الناس السحر، ومما يؤكد كفر متعلم السحر: قوله تعالى عن الملكين اللذين يعلمان الناس السحر ابتلاءً لمن جاء متعلمًا: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}؛ أي: لا تكفر بتعلم السحر، ثم أخبر سبحانه أن تعلُم السحر ضررٌ لا نفع فيه فقال: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ}، وما لا نفع فيه وضرره محقق لا يجوز تعلمه ثم قال سبحانه: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}؛ أي: لقد علم اليهود فيما عهد إليهم أن الساحر لا خلاق له في الآخرة، قال ابن عباس: ليس له نصيب، وقال الحسن: ليس له دين فدلت الآية على تحريم السحر، وعلى كفر الساحر وعلى ضرر السحر على الخلق[1]؛ قال سبحانه: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}[طه: 69]، ففي هذه الآية الكريمة نفى الفلاح عن الساحر نفيًا عامًّا في أي مكان، وهذا دليل على كفره.
والساحر لا يتمكَّن من سحره إلا بالخروج من هذا الدين، إمَّا بالذبح للجن، أو الاستعانة بهم، أو إهانة كلام الله، أو غير ذلك من الموبقات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن السحرة: «يكتبون كلام اللَّه بالنجاسة وقد يقلبون حروف كلام الله، إما حروف الفاتحة، وإما حروف {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، وإما غيرهما، إما بدم وإما غيره، وإما بغير نجاسة، أو يكتبون غير ذلك مما يرضاه الشيطان أو يتكلمون بذلك»[2].
أما حكم الساحر، فالصحيح من كلام أهل العلم أنه يُقتل بدون استتابة لعظيم شره وفساده؛ روى الترمذي في سننه من حديث جُندَب بن عبدالله رضي الله عنه موقوفًا عليه أنه قال: « «حدُّ الساحر ضربَةٌ بالسيف» »[3].
وروى أبو داود في سننه من حديث بجالة قال: «جاءنا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنة: «اقتلوا كل ساحر»، وقال في آخر الحديث: «فقتلنا في يومٍ ثلاثة سواحر»[4].
اللهم اكْفنا شرَّ السحرة وكيدهم، واصرِفهم عن بلادنا وبلاد المسلمين، ورد كيدهم في نحورهم، واكشِف سترَهم، وانتقم منهم يا ذا الجلال والإكرام.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] موسوعة التفسير بالمأثور (2 /593-630).
[2] الفتاوى (19 /35).
[3] برقم (1460)، وقال الترمذي: «والصحيح أنه موقوف».
[4] برقم (3043)، وأصل الحديث في صحيح البخاري.
___________________________________________
الكاتب:د. أمين بن عبدالله الشقاوي
Source link