منذ حوالي ساعة
إن خطر اليهود لا يقتصر على دولة من الدول، بل خطرهم على كل المسلمين، إنه الخطر الداهم والقادم على كل المسلمين، وعلى دينهم، وعقيدتهم، وعلى ثقافتهم، وعلى الأخلاق والفضيلة، استيقظوا أيها المسلمون من غفلتكم.
قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82].
إن القرآن الكريم بدأ في وقت مبكر من العهد المكي بهتك أستار اليهود، وتعريف المسلمين بالنفسية اليهودية المعقدة التي تنطوي على الحقد والحسد والنفاق والتلوُّن والانحراف والتحريف والتزييف.
وكذلك كشف القرآن الكريم تاريخهم الأسود المملوء بالدسائس والمؤامرات، وقتل الأنبياء ورميهم بالفواحش والمنكرات، والتطاول على الله تعالى، وانحرافهم في عبادة العجل وغير ذلك مما ورد في الآيات المكية التي نزلت قبل الهجرة إلى المدينة، ولعل الحكمة من ذلك ليكون المسلمون على علم بحقيقة اليهود ومخاطرهم على الأمة الإسلامية، وليكونوا على حذر دائم منهم، فلا يصدقوا لهم قولًا، ولا يأمنوا لهم جانبًا، ولا يتبعوا لهم طريقة، ولا يأخذوا منهم منهجًا، ويدل على ذلك غضب النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه أجمعين حينما رأى في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفةً من التوراة وقول رسول الله: «إنه والله لو كان موسى حيًّا بين أظهرِكم ما حلَّ له إلا أن يتبعني».
عنوان هذه الخطبة خطر الوجود اليهودي على الأمة الإسلامية.
فاليهود والنصارى سمَّاهم الله مغضوبًا عليهم وضالين، والنبي عليه السلام قال عنهم: «اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالُّون».
اليهود في كل أمة هم شرٌّ وبلاء، يبذرون الفتن، ويوقدون الحروب {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 64]، ويشيعون الفواحش والانحطاط، ويسعون في الأرض فسادًا، ويأكلون الربا والسُّحْت، وهم أحرص الناس على حياة، وأكثرهم بخلًا وشُحًّا، وعبادةً للدرهم والدينار، ومن أخلاقهم السيئة معاداة كل الأمم وأنهم يتكبَّرون على غيرهم، ويدَّعون أنهم وحدهم شعب الله المختار وأبناؤه وأحِبَّاؤه.
أيها المسلمون، إن العدوَّ الصهيوني جاثم على أرض فلسطين، أرض الإسراء والمعراج، وإن لهذا العدو الصهيوني مخاطرَ كبيرةً وعظيمةً على بلاد المسلمين، حيث يُشكِّل هذا العدوُّ خطرًا داهمًا على الأمة الإسلامية في كافة المجالات: الدينية، والثقافية، والفكرية، والاجتماعية، والأخلاقية، والاقتصادية، والسياسية، والعسكرية.
أيها المسلمون، إن وجود اليهود في أرض الإسلام، وفي أرض الإسراء، وفي الأرض المباركة، وهذا العدو الصهيوني إن وجوده خطر عظيم، ومصيبة كبرى على أهل الإسلام، في تلك الديار، وكذلك خطر كبير على كل مسلم.
أيها المسلمون، إن خطر اليهود لا يقتصر على دولة من الدول، بل خطرهم على كل المسلمين، إنه الخطر الداهم والقادم على كل المسلمين، وعلى دينهم، وعقيدتهم، وعلى ثقافتهم، وعلى الأخلاق والفضيلة، استيقظوا أيها المسلمون من غفلتكم.
إن العدوَّ الصهيوني يمكر بكم، ويعد لكم المذابح، وما حروبه ومعاركه ومذابحه لإخواننا المسلمين في أرض فلسطين، من عام 1948 م إلى حربه وإبادته لغزة عنكم ببعيد.
أيها المسلمون، إن اليهود طُبِعوا على الانحراف، وجحدوا فضل الله عليهم، وجحدوا أنبياءهم، وجحدوا كل فضل قَدَّمه إليهم أحد من البشر، وقابلوا كل ذلك بإنكار الجميل، والطمع والجشع، وقساوة القلب.
أيها المسلمون، اليهود انطووا على أنفسهم، بعد أن كرهتهم الأمم؛ لما هم عليه من الخصال الشريرة، فكانت ردة الفعل من قبل اليهود، حيث امتلأت نفوسهم بالحقد الدفين على الأمم كلها، يريدون أن يقضوا على كل شعوب الأرض، ليبقوا هم وحدهم، أو يريدون أن يُسخِّروا الشعوب لمصالحهم، وتحقيق أغراضهم الشريرة.
أيها المسلمون، هل وصل الوعي إلى النخب السياسية والفكرية، عن مخاطر الوجود اليهودي على الأمة الإسلامية، وهل استوعبت الحكومات الحاكمة هذا الخطر المحدق على بلاد الإسلام، وعلى الشعوب المسلمة، بل هل نحن أهل الإسلام ممن استوعب هذا الخطر المحدق على ديننا وعقيدتنا وعلى أخلاقنا، وعلى تاريخ أمة الإسلام.
أيها الناس، هل الجميع مستوعب لهذا الخطر الداهم، والخطر العظيم على إسلامنا وديننا ومناهجنا وعقيدتنا وأخلاقنا وعلى الأجيال الحاضرة والأجيال القادمة، والخطر على المرأة.
لماذا لا نرى هذه الدول لا تعقد مجالس للعلم والعلماء، ممن صدقوا مع الله وصدقوا في اتِّباع كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام كي ينطلقوا في ميادين العلم والمعرفة والتزكية، والتوجيه، والتربية، كي تأمن هذه الأمة على أجيالها وفلذات أكبادها.
لماذا لا توجه هذه الدول الشباب والفتيات وسائر شرائح المجتمع إلى الفهم الصحيح لواقع الأمة الإسلامية على وجه الخصوص، من خلال الدروس والمحاضرات، والندوات، واللقاءات والبرامج المتلفزة، وعبر كل وسيلة إعلامية؛ وذلك لرفع الوعي لدى هذه الأمة حول مجريات الأحداث، ونقل المعلومة الصحيحة عما يجري في العالم وما يخص بلاد الإسلام من الخطر اليهودي المحدق بهم.
أيها الناس، فاليهودية العالمية المعاصرة، حركة معادية للأمة الإسلامية، تربت هذه الأمة الغضبية في أحضان الاستعمار الغربي، ورضعت الحقد اليهودي على سائر الأمم الأخرى.
أيها الناس، إن خطر اليهود على الأمة الإسلامية في عقيدتها كبير جدًّا وخطير، فمن أعظم مخاطر الوجود اليهودي على الأمة الإسلامية في عقيدتها ودينها، فالدين هو المقوِّم الأساسي للأمة، يحافظ على تماسُكها، ويُحقِّق لها العزة والكرامة، ويعصمها من الوقوع في الزلل، والذوبان في الأمم الأخرى، فلا بُدَّ من المحافظة عليه؛ ولهذا فإن الخطر اليهودي على الأمة الإسلامية يتمثل في معاداة اليهود للأديان، ومعاداة اليهود للإسلام وللنبي عليه الصلاة والسلام، وتدنيس اليهود للقرآن الكريم والمقدَّسات الإسلامية، ومن ذلك دخول اليهود في الدين غير اليهودي؛ لإفساده وهدمه من الداخل، ونشر النظريات الإلحادية التي من شأنها هدم الدين، وترويج الشعارات التي تفرغ الدين من مضمونه؛ كوحدة الأديان، والإخاء العالمي، والطعن في الأنبياء، والاستهزاء بعلماء الإسلام.
أيها المسلمون، إن خطر اليهود تَعَدَّى أيضًا إلى مجال الفكر والثقافة؛ حيث أدرك اليهود دور الثقافة الإسلامية في الصراع مع الأمة الإسلامية، فوضعوها ضمن استراتيجيتهم، حيث قال رئيس وزراء اليهود: إن مشكلة الشعب اليهودي هي أن الدين الإسلامي ما زال في دور العدوان والتوسُّع، وليس مستعدًّا لقبول أية حلول مع إسرائيل، إنه عدوُّنا اللدود الذي يهدد مستقبل إسرائيل وشعبها.
وقال آخر وهو كذلك رئيس وزراء اليهود: إن المشاعر الإسلامية المتنامية هي الخطر الأكبر الذي يهدد إسرائيل.
إن خطورة اختراق الفكر الصهيوني لبلاد الإسلام بسبب التطبيع يكمن ذلك في تشويه ثقافة المسلمين، وذلك عن طريق نزع المفاهيم الأساسية في الثقافة الإسلامية؛ كالموالاة والمعاداة، والجهاد في سبيل الله، وتغيير الصورة التي رسمها القرآن الكريم عن اليهود، وإشاعة الفساد في المجتمع المسلم، وقد عمل اليهود على إفساد المرأة، وإفساد الشباب.
وكذلك خطرهم في مجال الاقتصاد؛ وذلك بالتشجيع على التعامل بالربا، والتعامل بالبيوع المحرمة.
إن الخطر اليهودي على الأمة الإسلامية ودينها خطير جدًّا؛ وذلك أنه يمكن لليهود ويحقق لهم غزو العالم الإسلامي ثقافيًّا، وفكريًّا، واقتصاديًّا، وسياسيًّا.
الخلاصة والخاتمة: من العرض الموجز عن مخاطر الوجود اليهودي على الأمة الإسلامية، يجب على الأمة الإسلامية أن تختار إما أن تبقى مهددة في دينها وثقافتها وأخلاقها وثرواتها وكيانها السياسي وقوتها العسكرية، وحينئذٍ تسودها الأمة اليهودية الحاقدة، وتستعلي عليها، وتتحكم في مصيرها، فلا تقوم لها قائمة، ولا يتحقق لها كيان، ولا تظهر لها شخصية، وإما أن تختار طريق التحدي؛ فتتمَسَّك بدينها وتعتز بعقيدتها وأخلاقها، وتنهج منهج الكتاب والسنة، وتعد العدة، عدة الإيمان الصادق، وعدة القوة المادية والعسكرية، وتربي الأمة الإسلامية على الدين والأخلاق والرجولة، والعزة، وتربِّي الأمة الإسلامية على الأمانة، وعلى البذل والتضحية والفداء، وعلى التقلل من الترف الدنيوي، وأن على الأمة الإسلامية أن تحيي في أوساطها مبدأ العدل، ومحاربة الظلم.
وأن تتربَّى الأمة الإسلامية على الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراءة من الكفر والكافرين، ومن سائر أعداء الدين من المنافقين وسائر أهل الضلال والمنحرفين {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38].
___________________________________________
الكاتب: أبو سلمان راجح الحنق
Source link