تقوى الله طريق النجاة – طريق الإسلام

التقوى: دواء لكل داء، وزاد لكل سفر، وشفاء من كل مرض، ووقاية من كل خطر”

دواء لكل داء، وزاد لكل سفر، وشفاء من كل مرض، ووقاية من كل خطر، كيف؟! كما أنه لكل شمس أنوار، ولكل ليل نهار؛ فإنه لكل عبادة أسرار، ولكل طاعة ثمار، لكنما هناك ثمرة تجمع بين الطاعات، وتستخرج من كل العبادات، ثمرة يانعة وارفة الظلال، جامعة لكل حلال، ووقاية عاصمة من كل حرام، إنها التقوى، اتقاء الشهوات، اتقاء الشبهات، اتقاء المعاصي والسيئات، تقوى الله عز وجل، ما هي؟

 

 

التقوى تصحبك وأنت ذاهب لملاقاة ربك، فهي الأنيس في الوحشة، وهي الرفيق في الوحدة، وهي النور في الظلمة، وهي النجاة في الأزمة، وهي الفوز بالجنة، وهي النجاة من النار، ذهب علي بن أبي طالب – كرَّم الله وجهه – إلى المقابر يومًا فقال لهم: إن بيوتكم قد سكنت، ونساءكم قد زوجت، وأموالكم قد قسمت، هذا ما عندنا، فماذا عندكم؟ قال: لو استطاعوا أن ينطقوا لقالوا:  {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197].

 

 

التقوى، ما هي؟

أن يراك الله حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك.

 

أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه وقاية تقيه منه.

 

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأحد أبنائه: أما بعد: فإني أوصيك بتقوى الله عز وجل الذي لا بدَّ لك من لقائه، ولا منهى لك دونه، وهو يملك الدنيا والآخرة.

 

 

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.

 

قال أبي بن كعب لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما: أو ما سلكت طريقًا به أشواك.

• نعم.

• فما فعلت؟

• شمرت فاجتهدت.

 

قال أبي: كذلك التقوى أن تشمر عن الذنوب والسيئات.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: المتقون: الذين يحذرون من الله وعقوبته.

 

 

قال ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى:  {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102]: “أن يُطاع فلا يُعصى، ويُذكَر فلا يُنْسى، وأن يُشكَر فلا يُكفر”.

 

 

التقوى وصية الله ورسوله للأمة:

التقوى وصية الله للأوَّلين والآخرين  {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا} [النساء: 131].

 

 

والتقوى كذلك وصية النبي صلى الله عليه وسلم لكل مسلم: عن أبي ذرٍّ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقِ الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تَمْحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ»؛ حديث حسن، رواه أحمد والترمذي.

 

علاقتك مع ربِّك أن تتقيه حيثما كنت، علاقتك مع نفسك أن تُطهِّرها من الذنوب والسيئات في أي وقت، وعلاقتك مع غيرك أن تخالقهم بخلق حسن أينما سرت.

 

 

التقوى أيضًا: وصية الرسول لأمته: عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع، فقال: «اتقوا ربكم، وصلُّوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدُّوا زكاة أموالكم، وأطيعوا أمراءكم، تدخلوا جنة ربكم»، وكان عليه الصلاة والسلام إذا بعث أميرًا على سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرًا.

 

 

لماذا هذه الوصية؟!

كيف لا والتقوى خير زاد؟!  {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197] عن ابن عباس قال: كان أهل اليمن يحجُّون فلا يتزوَّدون ويقولون: نحن المتوكِّلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل الله تعالى:  {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}؛ (رواه البخاري) .

 

 

كيف لا والتقوى خير لباس؟!  {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 26].

 

 

كيف لا والتقوى خير ميراث؟!  {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا} [مريم: 63].

 

 

كيف لا والتقوى خير تركة لأولادك ولمن بعدك؟!  {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9].

 

 

أرسل الله لغلامين يتيمين نبيًّا كريمًا؛ موسى عليه السلام، ووليًّا حكيمًا؛ الخضر رضي الله عنه، لماذا؟ لصلاح أبويهما وتقواهما – كان الجد السابع كما ذكر ابن كثير – وليحفظا لهما كنزهما.

 

 

 

عن محمد بن إسحاق رضي الله عنه قال: جاء مالك الأشجعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أسر ابني عوف، فقال: أرسل إليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تكثر من قول “لا حول ولا قوة إلا بالله”، فكررها مع زوجته، ففكَّ الله أسر ولده عوف، وجاء يسوق غنمًا كثيرة.

 

 

قال تعالى:  {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 2، 3].

 

 

حب الله ومعيته لك إن كنت تقيًّا:

التقوى تستجلب لك حب ربك  {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 4].

 

 

التقوى تجعلك تصطحب معية الله وما أعظمها!  {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128]  {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 123]، وتجعل لك العاقبة  {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]، وتجعل الجنة هي التي تبحث عنك وتقترب منك  {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الشعراء: 90]  {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} [ق: 31].

 

 

التقوى وقاية، سياج، حاجز، تحجز بينك وبين ما حرم الله عز وجل، كيف؟

قلب المؤمن هو محل نظر الله «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»؛ صحيح.

 

«لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يَبِعْ بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا – [وأشار إلى صدره] – بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه»؛ ‌عن أبي هريرة، تخريج السيوطي (صحيح).

 

 

بالتقوى يستقيم الأمر عند المؤمن، في مظهره وجوهره، وفي سِرِّه وعلانيته، وفي حركاته وسكناته، وفي مرضه وصحَّته، وفي ضعفه وقوَّته، غنيًّا كان أو فقيرًا، حاكمًا كان أو محكومًا، التقوى  {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83].

 

 

التقوي تجمع بين القلوب، وتساوي بين الرؤوس، وتؤلف بين الأرواح «يا أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ألا هل بَلَّغت» ؟))، قالوا: بلى يا رسول الله؛ (صحيح، رواه البيهقي) .

 

 

داود عليه السلام يسأل ربه: من أحب العباد إليك؟ قال الله عز وجل: أحَبُّ العباد إليَّ تقيُّ القلب، نقيُّ الكفين، لا يأتي لأحد بسوء، ولا يمشي بين الناس بالنميمة.

 

 

وعن عبدالله بن عمرو قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ قال: «كل مخموم القلب، صدوق اللسان»، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: «هو التقيُّ النقيُّ لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد»؛ (سنن ابن ماجه، صحيح) .

 

قلب التقي خالٍ من الحقد والكراهية لأحد من المسلمين، فيه صفاء وفيه نقاء.

 

 

أخلاق المتقين:

المسارعة إلى المغفرة والجنة بالأعمال الصالحة أمر من الله للمتقين  {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].

 

 

مَن هم؟ ما صفاتهم؟ ما خصائصهم؟ ما أخلاقهم؟ الإنفاق في السراء والضراء بالصدقة الطيبة، والكاظمون الغيظ والعافون عن الناس، رغم أنهم يستطيعون أن يردوا الصاع صاعين، واللطمة لطمتين، لكنهم يكظمون ويحسنون، ويعفون ويصفحون  {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].

 

 

والصلح مع الله بالذكر الدائم والتوبة النصوح، سرعان ما يعرفون خطأهم، ويستغفرون من ذنوبهم، ويذكرون خالقهم ويعودون إلى رازقهم  {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135] نتيجة هذه الأخلاق  {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 136].

 

 

قال قتادة في تفسير الآية: يطع الله ورسوله فيما أمره به، وترك ما نهاه عنه، ويخشى الله فيما مضى من ذنوبه ويتقيه فيما يستقبل، وقوله:  {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} يعني الذين فازوا بكل خير، وأمِنوا من كل شر في الدنيا والآخرة.

 

 

إنما يتقبل الله من أهل التقوى  {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].

 

 

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كونوا لقبول العمل أشدَّ اهتمامًا من العمل، ألم تسمعوا قول الله عز وجل:  {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].

 

 

كتب عمر بن عبدالعزيز إلى رجل: أوصيك بتقوى الله الذي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا عليها، ولا يثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير والعاملين بها قليل.

 

 

ودخل سائل على ابن عمر – رضي الله عنه – فقال لابنه: أعطِه دينارًا فأعطاه، فلما انصرف قال ابنه: تقَبَّل الله منك يا أبتاه، فقال: لو علمت أن الله تقَبَّل مني سجدةً واحدةً أو صَدَقة درهم لم يكن غائبٌ أحبَّ إليَّ من الموت، تدري ممن يتقبل الله؟  {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].

 

 

كيف تكون تقيًّا؟

كيف تكون تقيًّا؟ أن تأتمر بأمر الله، وتنتهي عن نواهيه، أن تأتمر بأمر رسول الله، وتنتهي عن نواهيه  {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7]  {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80].

 

 

كيف تكون تقيًّا؟ أن تتقي الله في نظرك، فلا تتبع عورات الناس، أن تتقي الله في بصرك فلا تتابع النظرات الخائنة؛ لأن الذي خلقه لك ووهبك إياه ومتعك به  {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19].

 

 

لماذا؟ غابت التقوى، ذهب الضمير، تلاشى الخوف من الله؛ لذلك ينتشر الفساد والإفساد في الأرض؛ لذلك تنتشر الأمراض العضال بين الخلق، فساد يُدمِّر البلاد، وأوبئة تفتك بالعباد، خداع ونفاق، تزوير وتزييف، تعديات وسرقات! كل ذلك من غياب تقوى الله عز وجل إلا من رحم ربي وعصم  {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28].

 

 

التقوى تفتح الطريق لكل أبواب الخير:

لا يتم النصر إلا بالتقوى  {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: 125].

 

 

التقيُّ يغض الصوت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسواء كان ذلك في حياته، أو بعد وفاته في قبره قال تعالى:  {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} [الحجرات: 3].

 

 

التقي لا يضره كيد الأعداء ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [آل عمران: 120].

 

 

التقي يعظم شعائر الله:  {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].

 

 

التقي ينال رحمة الله، وهذه الرحمة تكون في الدنيا كما تكون في الآخرة،  {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 156].

 

 

المتقين لهم في الجنة غُرفٌ مبنيةٌ من فوقها غُرف، قال تعالى:  {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} [الزمر: 20].

 

 

المتقون لا يمسهم السوء يوم القيامة، قال تعالى:  {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الزمر: 61].

 

 

التقي يسرح في أنهار الجنة؛ فهذا نهر من ماء غير آسن، وذلك نهر من لبن لم يتغيَّر طَعْمُه، وآخر من خمر لذة للشاربين، قال تعالى:  {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15].

 

 

التقوى تفتح الطريق لبركات السماء والأرض، قال تعالى:  {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: 96].

 

 

التقوى زاد يحسن موقفك مع الله، ويُمهِّد طريقك إلى الجنة، ويحجب وجهك عن النار: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185].

 

 

التقوى لا تتقيَّد بمكان، ولا تتحدَّد بزمان؛ ولكن المحك الحقيقي لها في الخلوات، فالتقيُّ هو من يصرف بصره عن الحرام ولو لم يره أحد، والتقيُّ من يتعفَّف عن أكل المحرمات ولو لم يطَّلِع عليه أحد؛ لأنه يعلم علم اليقين أن الله يراه، وأن الله يراقبه، وأن الله يشاهده، وتقوى الله حاضرة في ذهنه في كل حين، والتقوى موضعها القلب، وتظهر آثارها على الجوارح بعمل الطاعات واجتناب المحرمات، فليُفتِّش كُلٌّ منا عن تقواه، وليزن نفسه بميزان التقوى، وعلى قدر تقواه وخوفه من الله وخشيته له يكون جزاؤه  {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 54، 55].

 

 

اللهم أغننا بالعلم، وزيِّنَّا بالحلم، وأكرمنا بالتقوى، وجَمِّلْنا بالعافية، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، والحمد لله رب العالمين.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطر الإلحاد (2) – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *