ودواء هذا الداء القتّال: أن يعرف ما ابتلي به من الداء المضاد للتوحيد أولاً, ثم يأتي من العبادات الظاهرة والباطنة بما يشغل قلبه عن دوام الفكرة فيه
قال الإمام ابن القيم في الداء والدواء:
دواء العشق:
ودواء هذا الداء القتّال: أن يعرف ما ابتلي به من الداء المضاد للتوحيد أولاً, ثم يأتي من العبادات الظاهرة والباطنة بما يشغل قلبه عن دوام الفكرة فيه, ويكثر اللجأ والتضرع إلى الله سبحانه في صرف ذلك عنه وأن يراجع بقلبه إليه.
وليس له دواء أنفع من الإخلاص لله وهو الدواء الذي ذكره الله في كتابه: {﴿كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾} [يوسف:34] فأخبر سبحانه أنه صرف عنه السوء من العشق والفحشاء من الفعل بإخلاصه, فإن القلب إذا خلص وأخلص عمله لله, لم يتمكن منه عشق الصور, فإنه إنما يتمكن من قلب فارغ كما قال: فصادف قلباً خالياً فتمكنا
فإن قيل: وهل مع ذلك كله من دواء لهذا الداء العضال, ورقية لهذا السحر القتال؟ وما الاحتيال لدفع هذا الخبال ؟
والكلام في دواء هذا الداء من طريقين:
أحدهما: حسم مادته قبل حصولها. والثاني: قلعها بعد نزولها.
وكلاهما يسير على من يسره الله عليه ومتعذر على من لم يعنه فإن أزمة الأمور بيديه
فأما الطريق المانع من حصول هذا الداء فأمران: أحدهما غضّ البصر
الثاني: اشتغال القلب بما يصده عن ذلك, ويحول بينه وبين الوقوع فيه
فالنفس لا تترك محبوباً إلا لمحبوب أعلى منه, أو خشية مكروهٍ حصوله أضرّ عليها من فوات هذا المحبوب, وهذا يحتاج صاحبه إلى أمرين إن فُقدا أو أحدهما لم ينتفع بنفسه
أحدهما: بصيرة صحيحة يفرق بها درجات المحبوب والمكروه, فيؤثر أعلى المحبوبين على أدناهما, ويحتمل أدنى المكروهين ليخلص من أعلاهما, وهذا خاصة العقل, ولا يعد عاقلاً من كان بضد ذلك, بل قد تكون البهائم أحسن حالاً منه.
الثاني: قوة عزم وصبر يتمكن بها من هذا الفعل والترك, فكثيراً ما يعرف الرجل قدر التفاوت, ولكن يأبى له ضعف نفسه وهمته وعزيمته على إيثار الأنفع, من جشعه وحرصه ووضاعة نفسه وخسة همته, ومثل هذا لا ينتفع بنفسه, ولا ينتفع به غيره.
Source link