إدمان القمار الإلكتروني – خالد عبد المنعم الرفاعي

منذ حوالي ساعة

السؤال:

أنا أعاني من إدمان القمار الإلكتروني، وقد حاولت مرارًا الإقلاع عنه، لكنني أضعف وأعود في كل مرة، رغم الألم الذي يعتصر قلبي في كل مرة أضعف فيها. لقد قطعت وعدًا أمام الله، بل وحلفت على المصحف الشريف أنني لن أعود، ومع ذلك أجد نفسي أرجع مرارًا، رغم خوفي الشديد من أن يغضب الله عليّ، أو أن يقطع عني رزقي، أو يحرمني من بركات الحياة. أعلم علم اليقين أن القمار محرَّم ويضرني في ديني ودنياي، وأدرك أن عهدي مع ربي يجب أن يكون عهدًا صادقًا لا يُنقض، ولكن ضعفي يغلبني، ثم أندم وأخاف، وأعود لأتوسل إلى الله

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإنَّ حقيقة التوبة قطع الذنب، وأن يقصد بالقلب أن لا يعود إلى الذنب، فإن عاد للذنب تاب واستغفر وأقلع، وهكذا، وليس من شرط التوبة أن لا يعود إلى الذنب أبدًا؛ لأن النفس قد تغلب صاحبها ويعود للذنب الأول فيجب حينئذ تجديد التوبة، ولا يصّر أبدًا؛ فالذُنُوبُ وإنْ عظُمَت فإنَّ عفوَ الله ومغفرتُه أعظمُ منها، وعلى قدر صدق الإنسان في التوبة يكون الثبات عليها؛ لأن التوبة من شعب الإيمان، والقلب إذا باشر حقيقة الإيمان لم يتركه، وإذا خالطت بشاشته الإيمان القلوب لم يسخطه أبدًا، ولذلك كام الرجوع إلى الذنب دليل أن التوبة ليست خالصة، فالاستقراء يدل على أنه إذا خلص القلب من الذنب لم يرجع إليه، مهما ألقى الشيطان في قلبه وساوس وخطرات.

 قال شيخ الإسلام ابن تيمية في “مجموع الفتاوى“(16-58): “فالتوبة النصوح هي الخالصة من كل غش، وإذا كانت كذلك كائنة فإن العبد إنما يعود إلى الذنب لبقايا في نفسه، فمن خرج من قلبه الشبهة والشهوة لم يعد إلى الذنب، فهذه التوبة النصوح وهي واجبة بما أمر الله تعالى.

ولو تاب العبد ثم عاد إلى الذنب قبل الله توبته الأولى ثم إذا عاد استحق العقوبة، فإن تاب تاب الله عليه أيضا، ولا يجوز للمسلم إذا تاب ثم عاد أن يُصرَّ؛ بل يتوب ولو عاد في اليوم مائة مرة؛ فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن الله يحب العبد المفتن التواب”، وفي حديث آخر: “لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار”، وفي حديث آخر: “ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم مائة مرة”. اهـ.

ولا شك أن شؤم المعصية سببللحرمان، وسبب لوقوع البغضاء بين الناس؛ فقد عاقب الله النصارى بها لما عصوا وكفروا؛كما قال تعالى: {وَمِنَالَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّاذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِالقِيَامَةِ} [المائدة:14].

وأكثر من الأعمال الصالحة، وقراءة القرآن بتدبر، وعليك بصدق اللجأ إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، ولتطرح نفسك بين يديه على بابه مستغيثًا به سبحانه، متضرعًا متذللاً، مستكينًا، أن يوفقك للإقلاع عن تلك الكبيرة؛ فمتى وفقت لذلك فقد قرعت باب التوفيق،، والله أعلم.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

حكم لبس الكوتشي للمرأة والأحذية المزركشة – خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال: حكم لبس المرأة الكوتشي الابيض وحكم الرسوم في الأحذية الإجابة: الحمدُ لله، والصلاة والسلام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *